حين سمعت باعتقال القبانجي تذكرت ما قرأته عن نقاشات جعفر الصادق (ع) مع الدهرية والملاحدة واصحاب الشبهات . كانوا يأتون له ليناظروه فيسألونه ويجيبهم بأريحية فيغلبهم بقوة حججه . لا يؤلب عليهم أو يصم أذنيه عن جدالهم .
القبانجي وريثهم الطبيعي فهو ملحد بثوب جديد وطريقة تناسب عصره ، يرتدي العمامة ويهاجمها في الوقت نفسه . يستحدم اليوتيوب كما يستعمل القلم . ويظهر في الأندية الاجتماعية وكأنه نجم .
أنا شخصيا أختلف مع القبانجي جملة وتفصيلا ، في الأفكار وطريقة عرضها ، في إصراره على ارتداء لباس رجال الدين مع إن كلَّ طروحاته تقرّبه من (الإلحاد) . قرأت له أشياء بسيطة ، ورأيت في اليوتيوب بعض مداخلاته ، لا أميل لطريقته في التفكير وأظنّ إن أهميته تكمن في اختراقه خطوط حمراء تنتمي للمقدس لا في عمق أفكاره كما هو الأمر مع شريعتي أو شبستري أو نصر حامد أبو زيد . وكنت حتى اعتقاله أعجب من جرأته في بلد كالعراق . بل كنت قلت لكثيرين إنه لو قال ما قال في مصر مثلا لقتلوه وحاكموه . وجوده وتجواله الحرّ في بغداد كان دليلا ، برأيي ، على مقدار الحرية التي يتمتع بها الكتّاب عندنا .
مع هذا ، فإنني أقف ضد اعتقاله ، إذا ثبت أن ذلك يأتي على خلفية آرائه الفكرية . وأطالب الحكومة أن تتدخل لإطلاق سراحه فورا فهو مواطن عراقي ومسؤولية الحفاظ على حياته من واجبها بغض النظر عن أفكاره أو (إلحاده) أو مناقشته أقدس الأفكار.
قوة الإسلام والدين يجب أن تظهر الآن فالقبانجي ليس أول مفكر أعلن عن تحرره من المقدس ولن يكون الأخير . ووجود أمثاله ضروري ليجدد الدين نفسه من خلال مقاومتهم سلميا وليس عن طريق الاعتقال او التغييب .
ما أعظم جعفر الصادق (ع) إذن !
لو بعث الآن ربما لجادله وتركه يمضي في سبيله .
* عن الفيسبوك من صفحة الكاتب الشخصية