23 ديسمبر، 2024 9:31 ص

الحرية بين السياسة  .. والاقتصاد .. والشعارات البراقة لخداع الناخـب

الحرية بين السياسة  .. والاقتصاد .. والشعارات البراقة لخداع الناخـب

الحرية ليست مجرد ملكة يتمتع بها الانسان، دون ان يساهم في خلقها وتحقيقها، فالانسان لا يوجد الاّ اذا اختار نفسه بحرية عاملاً على خلق ذاته بذاته. والعمل على تجاوز ما هو عليه بالفعل والاتجاه نحو حالة اخرى تضمن له تجاوز موقفه الحاضر. وهذه هي طبيعة التطور في الحياة. لذلك فأن قضية الحرية مرتبطة بمدى ما يحققه الانسان من تطور في حياته السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
من هم اعداء الحرية ؟ من هو الذي يخاف من الحرية ؟ هل الانتخابات البرلمانية لعام 2014 كفيلة بمنح الحرية الكاملة للمواطن في الاختيار؟
في الواقع انه من السهل التلاعب بالشعارات وخداع الجماهير بها، إننا اليوم غير سنة (1789) حين قامت الثورة الفرنسية، وهدفت نظاماً قديماً وبدأت مرحلة جديدة من الحرية… فالحرية الاقتصادية اليوم اصبحت تقف حجر عثرة في طريق الحرية السياسية الحقيقية، وذلك نتيجة النفوذ الكبير لرأس المال والتجمعات الاقتصادية المنبثقة عن النظم الاقتصادية التي مورست في القرن التاسع عشر. أين تكون الحرية والديمقراطية اذا كان رأس المال هو المسيطر؟
هل هناك حرية للطبقات الواقعة تحت وطأة البطالة والجوع؟ ولا تستطيع ان تمارس الحرية الاّ نظرياً ؟ … هل توجد حرية انتخاب… ونتائج الانتخاب مرهونة بأولئك الذين يملكون الوسائل والسبل التي يستطيعون بها خداع الرأي العام بواسطة المال؟
ان الحرية والديمقراطية التى نادى بها فلاسفة القرن التاسع عشر لا تصلح اليوم لاقامة مجتمعنا على اسس سليمة، فالمفاهيم المطلقة للحرية الاقتصادية اصبحت غير معقولة ولا مقبولة… ومفهومنا للديمقراطية السياسية اليوم، هو الاّ يكون للقوى المالية والاقتصادية فرصة التحكم والتصرف في حياة المجتمع السياسية مرة اخرى.
لنا ان نتساءل من الذي يستطيع ان يقيم حزباً سياسياً بمؤسساته واداراته وصحافته وفضائياته التي تعبر عن رأيه سوى الذين يملكون المال او الذين يعرفون طريق الحصول عليه.
اذن الحرية لا يمكن ان تظل مرتبطة بمفاهيم ثابتة او موروثة بعيدة عن حقائق الحياة والإ حكم الانسان على نفسه بالفشل والجمود. فمفاهيم الحرية في مجتمع السادة والعبيد، غيرها في مجتمع تسيطرفيه الطبقة المهيمنة على الاقتصاد.
فكل جديد يضفي على الحرية معانِ جديدة ومفاهيم جديدة تجعلها دائماً قضية متحركة مرتبطة أشد الارتباط بقضية التحرر، فالحرية ليست مجرد حرية ابداء الرأي والعقيدة والاجتماع… الخ، وغيرهامما تحويه الدساتير المختلفة… بل اصبح من الضروري ان يتحرر الانسان من الخوف وان يشعر بالامان في المجتمع الذي يعيش فيه، وان يتحرر من الفاقة والعوز، بل عليه ايضاً ان يتحرر من الجهل بأعتباره اكبر عائق يمنعه من ممارسة حريته الحقيقية، لانه قد يصبح عبداً لحفنة من المحظوظين الذين تتاح لهم فرصة الوصول الى البرلمان .. أو الكابينة الوزارية ..