23 ديسمبر، 2024 5:46 م

الحرية الدينية والتعصب الديني

الحرية الدينية والتعصب الديني

تعددت النصوص الدولية التي تبيح حرية الدين المعتقد في أكثر من اتفاقية دولية وهي بهذا الوصف الذي تطلق فيه الحرية للدين والمعتقد فأنها تحظر أي تعصب ديني يكون مدعاة للتفريق أو الاستثناء أو التنفيذ أو التفضيل على أساس ديني . أي أن هناك ترابط بين حظر التعصب الديني وضمان حرية الدين والمعتقد ولذلك فعندما عينت لجنة الأمم المتحدة – كما اسلفنا – مقررا خاصا للتعصب الديني عادت فقررت تغير التسمية الى المقرر الخاص المعني بحرية الدين والمعتقد1 , وقد عهد مجلس حقوق الإنسان في قراره 37 / 6 بمهام الولاية التالية للمقرر الخاص لحرية الدين والمعتقد : ـ

1 ـ التشجيع على اعتماد تدابير على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي لضمان تعزيز وحماية الحق في الدين والمعتقد .

2 ـ تحديد العقبات القائمة والمستجدة التي تعترض الحق في حرية الدين والمعتقد وتقديم توصيات بشأن سبل ووسائل تذليل تلك العقبات .

3 ـ مواصلة جهوده لدراسة الوقائع والإجراءات الحكومية التي تتعارض مع أحكام إعلان القضاء على جميع أشكال التعصب بالتدابير العلاجية حسب الاقتضاء .

4 ـ مواصلة الأخذ بمنظور يراعي نوع الجنس بوسائل من بينها تحديد الإساءات المرتكبة على أساس نوع الجنس وذلك في سياق عملية إعداد التقارير بما فيها جميع المعلومات وتقديم التوصيات .2

ويتوسل المقرر الخاص لحرية الدين والمعتقد بالوسائل التالية لانجاز مهامه : ـ

1 ـ الزيارات القطرية لتقصي الحقائق .

2 ـ النداءات العاجلة ووسائل الادعاء الى الدول فيما يتعلق بالحالات التي تشكل انتهاكا لممارسة الحق في حرية الدين أو المعتقد أو المواقف التي تعترض سبيل هذه الممارسة .

3 ـ تقديم تقارير سنوية الى مجلس حقوق الإنسان والجمعية العامة عن الأنشطة والاتجاهات وأساليب العمل .

وفي أطار رفض التعصب الديني جاء في الفقرة الثانية من قرار مجلس حقوق الإنسان 14 / 11 في 23 حزيران 2010 (( 2 ـ يشدد على أن لكل فرد الحق في حرية الفكر والضمير

والدين والمعتقد التي تشمل حرية الفرد في أن يكون له دين أو معتقد يختاره بنفسه أو أن يعتنق هذا الدين أو المعتقد والحرية في أظهار دينه أو معتقده منفردا أو جماعة علنا أو سرا اوفي التعليم والممارسة والعبادة وإقامة الشعائر )).3

ومع الإقرار بتعدد النصوص الدولية الخاصة بحرية الدين والمعتقد فأن بالإمكان الاكتفاء بجملة من النصوص بوصفها مختارات من الصكوك الدولية التي تؤكد حرية الدين والمعتقد منها : ـ

ـ المواد 1 و 13 و 55 من ميثاق الأمم المتحدة 1945 .

ـ المادتان 26 و 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948 .

ـ المادة 2 من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لسنة 1948 .

ـ المادة 4 من الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين لسنة 1951 .

ـ المادتان 3 و 4 من الاتفاقية الخاصة بوضع الأشخاص عديمي الجنسية لسنة 1954 .

ـ المواد 1 و 2 و5 من الاتفاقية الخاصة بمنع التميز قي مجال التعليم 1960 .

ـ المادة 5 من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التميز العنصري 1965 .

المواد 18 و 26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 1966 . المادة 13 من العهد الدولي الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لسنة 1966 .

ـ المادة 16 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التميز ضد المرأة لسنة 1979 .

ـ المادة 14 من اتفاقية حقوق الطفل 1989 .

ـ الفقرتان 1 و 11 من التعليق العام رقم 22 اللجنة المعنية بحقوق الإنسان .

ـ المادتان 12 و 13 من مشروع الإعلان الخاص بحقوق السكان الأصلين 1994 .4

وفي قرار مجلس حقوق الإنسان 37 / 6 عهد الى المقرر الخاص بالمهام التالية : ـ

1 ـ التشجيع على اعتماد تدابير على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي .

2 ـ تحديد العقبات القائمة والمستجدة التي تعترض التمتع بالحق في حرية الدين أو المعتقد وتقديم توصيات بشأنها .

3 ـ مواصلة الجهود والدراسة للإجراءات الحكومية التي تتعارض مع أحكام إعلان القضاء على جميع أشكال التعصب والتميز القائمين على أساس الدين أو المعتقد .

4 ـ مواصلة الأخذ بمنظور يرعى نوع الجنس بوسائل من بينها تحديد الإساءات المرتكبة على أساس نوع الجنس وذلك في سياق عملية أعداد التقارير بما فيها جمع المعلومات .5

اما حرية العقيدة في المواثيق الاقليمية فقد اوردت جميع الاتفاقيات الاقليمة نصوص تتعلق باطلاق الحريات الدينية.

1 ـ الاتفاقية الأوربية لحقوق الانسان والحريات الأساسية لسنة 1950 جاء في المادة 14 (( يجب أن لا تخضع ممارسة الحقوق والحريات التي نصت عليها هذه الاتفاقية لأي تمييز أساسة الجنس أو العرق أو اللون أو اللغة أو الدين أو الاراء السياسية أو أية آراء أخرى أو الأصل الوطني والاجتماعي او الاجتماعي أو الانتماء الى اقلية وطنية أو الثروة أو المشاء أو أي وضع أخر .

2 ـ الاتفاقية الأمريكية لحقوق الانسان 1969 .

حظرت المادة الأولى الفقرة الأولى منها التمييز القائم سبب العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أوالدين أو الاراء السياسية أو غير السياسية أو الأصل القومي أو الاقليمي أو الاجتماعي أو الوضع الاقتصادي أو المولد أو أي وضع اجتماعي أخر .

3 ـ الميثاق الافريقي لحقوق الانسان والشعوب 1981 .

كفلت المادة 8 حرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية وعدم جواز تعريض أحد لاجراءات تفيد ممارسة هذه الحريات مع مراعاة القانون والنظام العام .

4 ـ اعلان القاهرة لحقوق الانسان في الاسلام 1990 . حيث حظرت المادة الادنى منه التمييز القائم على أساس الدين المادة الأولى .

5 ـ الميثاق العربي لحقوق الانسان 1994 حيث نصت المادة 25 على (( لا يجوز حرمان الأشخاص المنتمين الى الاقليات من التمتع بثقافتها واستخدام لغتها وممارسة تعاليم دينها وينظم القانون التمتع بهذه الحقوق ))

ووفق مقررات مؤتمر ديربان شجب المؤتمرون ما يبذل من محاولات لارغام النساء المتهمات الى ديانات واقليات دينية معنية على التخلي عن هويتين الثقافية والدينية أو الحد عن تعبيرهن المشروع عنها أو التمييز ضدهن في فرض العمل والتعليم .6

أن مراجعة موقف الفقه الدولي والقضاء الدولي من المادة 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تكشف عن بعض الاعتبارات منها أولا نطاق هذه الحرية على المستوى الخاص والعام فالمعروف أن الاعلان العالمي لحقوق الانسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وبقية الاليات الدولية أعترف بحرية الدين شاملا الأفعال والتصرفات التي يأتيها الانسان بمفردة أو مع جماعة وأن الفقه والقضاء لاحظ أن القيود التي ترد الحرية الدينية أذا مورست بشكل جماعي أكثر من القيود المفروضة عليها أذا مارسها شخص بمفرده . وثانيا أن حرية الدين والمعتقد يعبر عنها بمصطلحات مثل (( العبادة ، التبعية الدينية ، التعليم ، الممارسة )) وقد علق الفقه Arcot kIishnawami أن هذه المصطلحات لا تقيد ولا ترسم نطاقا محددا للحرية الدينية والى معنى مقارب ذهبت لجنة حقوق الانسان في تعليقها على المصطلحات اعلاه بقولها أنها يجب أن لاتفسر تفسيرا ضيقا لأن هذه الحرية تشمل نطاقا واسعا من الأعمال والى ذلك ذهبت العديد من المؤسسات الدولية ، بعبارة أخرى أن النص على هذه المصطلحات وذكرها لا يعني استبعاد غيرها ولكن لتأكيد ما ذكر وضما نته كما أنها تعني تفويض بعض الصلاحيات مثل التمتع بالشخصية المعنوية والتمكن وابرام العقود وتخصيص أماكن للعبادة وتسهيلات دراسية لرجال الدين والتعليم الديني للأطفال ، وامكانية صياغة الكتب الدينية والأعمال الأخرى الدينية وامكانية جميع التبرعات واقامة المؤسسات الدينية وفقا للعقيدة الدينية يتدخل من الدولة أو بدون تدخل وامكانية ابرام العقود مع الأفراد والمؤسسات الأجنبية وتلقي الدعم المالي منها وأخيرا نشر الدعوة الدينية .7

كما ان وثيقة فينيا الختامية 1989 والتي نصت على التأكيد على الالتزام باحترام الاختلافات الدينية وكذلك على الضمان التطبيق الكامل والعقلي لحرية الفكر والضمير والدين والمعتقد ولا يكون ذلك ألا بحماية الأماكن التي تمارس فيها هذه الحريات .

أن الحريات الشخصية والتي تعد في الغالب عنائ عن التدخل التشريعي بتنظيمها والذي قد يتحول الى تقيد لها لم تعد كذلك كحرية الدين .8

وأذا كانت المادة الثانية بما اسلفنا من اعلان القضاء على جميع أشكال التعصب قد اعضته بعرفنا فأن هناك أكثر من تعريف للتعصب في نطاق حرية الدين قد المعتقد فقد أعطت الموسوعة السياسية تعريفا للتعصب بأنه (( التزمت والعلو في الحماس والتمسك الضيف الأفق بعقيدة أو فكرة دينية ، مما يؤدي الى الاستخفاف باراء ومعتقدات الآخرين ومحاربتها والصراع ضدها وضد الذين يحملونها )) .9

ويعرفه آخرين بأنه (( يشكل رأي مادون الأخذ بوقت كاف للحكم عليه بانصاف احتمال أن يكون هذا الرأي سلبيا أو ايجابيا )) 10

ويحلل رأي أخر التعصب الى عنصرين لأن التعصب هو الانحياز التخربي لشيء من الأشياء فكرة أو مبدأ أو معتقد أو شخص وهو يحمل عنصران بارزان أحد هما ايجابي والأخر سلبي فالأول هو اعتقاد المرء بأن الفئة التي ينتمي لها أسمى وارفع من بقية الفئات الأخرى أمن العنصر السلبي هو اعتقاده بأن تلك الفئات أحط من الفئة التي ينتمي اليها ولذلك فهو ليس حكرا على الدين بل يشمل فئات أخرى كالعرق والدين والثقافة والطائفة .11

ولم تعرف المحكمة الأوربية لحقوق الانسان (( التعصب الديني )) على الرغم من تعاملها كل أشكال التعبير التي تنشر أو تحرض أو تشجع أو تبرر الكراهية القائمة على التعصب بما في ذلك التعصب الديني .12

عدت بعض المنظمات ممارسة الحكومة كالفصل بين السكان بمكان السكن والتوظيف الحكومي أذا ماحصر بطائفة معينة أو حصرت اغلبيته والقطيع السياسي ( الترجين ) أذا ما اتخذت الحكومة سياسة تهدف الى تغيير التوازي السكاني والتلاعب في الدوائر الانتخابية لمنح طائفة معينة اغلبية في المقاعد والتلاعب بالهموم الطائفية من قبل التعصب .13

أما في علم النفس فأن هناك

العديد من النظريات النفسية التي عالجت موضوع التعصب منها : ـ

1 ـ نظريات انتقال الأمر .

2 ـ النظريات الاجتماعية .

3 ـ نظرية التحليلي النفسي .

4 ـ النظريات المعرفية .14