في مثل هذه الايام تمر على العالم ذكرى الحربين العالمية الاولى التي مرعليها 100عام والحرب العالمية الثانية مر عليها 75 عام . اذاقت العالم الويلات والكوارث والدمار وهزت ضمير البشرية . والانسان المسالم يسعى ويحلم بمنع المزيد من الحروب لكن هيهات فطبيعة الاستعمار العدوانية تعاند في ذلك وتسعى في اشعال المزيد من الحرائق واراقة المزيد من الدماء هنا وهناك في سبيل مصالحها الغير مشروعة و الا انسانية .
حقيقة هذا الامر موجودة منذ ان بدأ العنصر البشري يتشكل على اساس قبائل واقطاعيات وامارات ومن ثم دول كبيرة وصغيرة , يتخذ هذا الموضوع صور شتى وطرق مختلفة واساليب متعددة . القوة غالباً ما تكون هي العنصر الاساس الفاعل في هذا الابتزاز ويأتي بعدها عامل الاقتصاد ومن ثم العامل الجغرافي ( الجيوبولتك ) . كانت الدول ولا تزال تمارس عملية الابتزاز السياسي حسب قوتها عامل القوة يلعب دوراً كبيراً في ذلك , كلما كانت الدولة اقوى تسليحاً وأكثر عدداً كلما اثّرت على بقية الدول والشعوب التي تجاورها او البعيدة عنها , فتفرض عليها هيمنتها وارادتها وما تريده وتطمح اليه , هناك نظرية مفادها ان الدول الضعيفة تدور في فلك الدول القوية . أمتناع الدول الضعيفة عن الاستجابة لرغبات الدول القوية غالباً مايؤدي الى الحرب بين هذه الدول . الدول القوية تحاول الحصول على المال وتأمين طرق التجارة البينية , التاريخ ينبئنا عن ذلك , الفراعنة تعرضوا للأبتزازمن قبل الدولة الفارسية سنة 405 قبل الميلاد والدولة البابلية 601 ق.م و 525 ق.م حيث سيطرت هاتين الدولتين على معظم اراضي الدولة الفرعونية المصرية . وكذلك الهكسوس سيطروا على الفراعنة 100 عام .
الدافع لذلك توسيع الرقعة الجغرافية والسيطرة على ثروات وشعب دولة الفراعنة كذلك قامت الدولة البابلية بالسيطرة على بلاد الشام لأمتناع الشعوب التي تسكنها من تأدية استحقاقاتها المادية المفروضةعليها من قبل البابلين وحالة الصراع التي كانت قائمة بين العيلاميين والبابليين آخرها سقوط بابل زمن ملكها ( بابونيد ) بعد ان اتفق كورش ملك العيلاميين مع اليهود الساكنين خارج اسوارها . كذلك حدث هذا الحال بين البيزنطينين والدولة الاسلامية زمن الاموين , اي الدولتين تضعف تدفع الاموال للدولة الأخرى . كانت الدول تتحين الفرصة وتخلق الذرائع لتنفيذ مآربها . في مرة بعث معاوية بن ابي سفيان رسولاٍ الى ملك الروم وكلفه أن يؤذن داخل بلاط القيصر وبحضوره , فأذّن وكبّر, هم اتباع قيصر الروم وحراسه بقتل رسول معاوية فمنعهم , سأله القساوسة المتواجدين بحضرته عن معنى ذلك . قال لهم أن معاوية كَبُرَفي السن فبدأت اجراص الكنائس تؤرّقه بعث برسوله الينا وفعل هذا يريد منا قتله ليتخذه ذريعة حتى يغلق الكنائس ويغزو نا . فالدولة عندما تمر بحالة ضعف عليها ان تؤدي ماتريده الدولة القوية تجنباً للحرب وأراقة الدماء , فتظطر الدول الضعيفة او التي تمر في حالة ضعف مؤقت من الاذعان الى مطاليب وشروط الدولة القوية وهذا ما حصل في الحرب الصليبة التي تربو حملاتها على الأثني عشر حملة حربية بين الدول الاوربية التي تمثل المسيحية والدولة الاسلامية التي حسمت امر الحرب لصالحها بقيادة ( صلاح الدين الايوبي ) . حال الحرب هذا قائم بين دول آسيا ايضاً والدول الافريقية وفي كل بقاع العالم . عدم المثول الى الابتزاز السياسي أدى الى حروب مدمرة بين الدول الاوربية شاركت فيها اميركا واليابان في مثل هذه الاشهر من السنة والتي مضى على الحرب العالمية الاولى 100 عام والحرب العالمية الثانية 75 عام . نتيجة الصراع فيما بينها على نهب واستحواذ هذه الدول على ثروات الدول الضعيفة , عموماً الدول الاستعمارية هي من يمارس الابتزازاكثر من غيرها , قامت بريطانيا عبر تاريخها الاستعماري المعروف بخلق دويلة اسرائيل الكيان المسخ وجعلتها مصدراً اساسياً ورئيسياً لأبتزاز الدول العربية والاسلامية وعدد من دول العالم مثل المانيا بحجة محرقة اليهود الكاذبة وغيرها من الدول . أميركا حلّت محل بريطانيا كدولة مستعمرة واصبحت وريثتها الاستعمارية في العالم . كانت لبريطانيا اهداف حيوية متعددة لها ولأميركا من بعدها منها ان بريطانيا كانت بحاجة الى معلومات عن كل دول العالم وخاصة الدول التي تعني بريطانيا ومصالحها . وبما ان اليهود منتشرين في كل دول العالم وقسم كبير منهم يتبوؤون مراكز سياسية ورسمية واقتصادية مرموقة وبحكم هذا الحال بأستطاعة هؤلاء تزويد قيادة الحركة الصهيونية التي هي في العموم تمثل القيادة الدينية والسياسية لليهود في العالم فيتم تزويد قيادة حركتهم بالمعلومات المطلوبة , سياسية عسكرية اقتصادية اجتماعية وبالتالي تنتقل هذه المعلومات الى بريطانيا على اعتبار ان اليهود يزودون قيادتهم وليس بريطانيا او غيرها , ويعتبر ذلك عمل مشروع في نضرهم لايشعرهم بالاثم او الجرم هذا اذا ما علمنا ان معظم اذ لم يكن كل قيادة الحركة الصهيونية تربطهم علاقة عمل ببريطانيا . فمثلاٍ موشي دايان وزير الدفاع الاسرائيلي أبان حرب سنة 1967 كان ضابط في الجيش البريطاني أصيب في عينيه أثناء مراقبته لأحدى المعارك من على سطح احد المنازل في لبنان , وكذلك (مناحيم بيكن) رئيس وزراء الكيان الصهيوني سنة 1977 بولوني الاصل أتهم بالتجسس لصالح المخابرات البريطانية والقي القبض عليه من قبل المخابرات الروسية وحكم عليه وتم نفيه الى سيبريا واثناء ترحيله فر من سجانيه ودخل ايران ومن ايران دخل العراق بصفة جندي بريطاني مرتدياً زي الجيش البريطاني ومن العراق تم نقله الى فلسطين فأسس احدى المنظمات اليهودية . {*1.. نتيجة فكر بيغن الصهيوني، عمل على تأسيس منظمة صهيونية عسكرية أطلق عليها اسم “أرجون” والتي وصفت كمنظمة إرهابية. واقترن اسم الإرجون بعمليات الإرهاب في حق الشعب الفلسطيني وأسهمت الإرجون في ترحيل الفلسطينيين من ديارهم بفعل العمليات الإرهابية، ومن أشهر عمليات الإرجون الإرهابية على الشعب الفلسطيني، مذبحة دير ياسين التي راح ضحيتها 360 فلسطيني كما ذكر مناحيم بيغن في كتابه “التمرد. قصة الأرجون”. ولإيمان بيغن ان البريطانيين يعيقون تأسيس الدولة الإسرائيلية، فقد نال البريطانيون نصيبهم من الأذى عندما قامت الإرجون بنسف مقر قيادة القوات البريطانية في فندق الملك داود في عام 1948. ولم تُستثنى هيئة الأمم المتحدة من مخطط مناحيم بيغن عندما أقدمت الإرجون على اغتيال ممثلها، الكونت “برنادوت” عندما قدم الكونت اقتراحات لهيئة الأمم لحل الإشكالات بين اليهود والفلسطينيين، ولم ترق تلك الاقتراحات لليهود، فتعاونت الإرجون مع منظمة شتيرن والهاجاناه على الإجهاز على الكونت في 17 سبتمبر 1948. ورد أ. هابر مؤلف كتاب : ” مناحيم بيغن.. الرجل والأسطورة ” الصادر في نيويورك عام 1979 في الصفحة 385 على لسان بن جوريون: ((إن بيجن ينتمي دون شك إلى النمط الهتلري، فهو عنصري على استعداد لإبادة كل العرب لتحقيق حلمه بتوحيد إسرائيل، وهو مستعد لإنجاز هذا الهدف المقدس} . من ذلك التاريخ ولحد اليوم يمارس هذا الكيان المسخ كل انواع الابتزاز ضد شعب فلسطين وضد الدول العربية والاسلامية . كذلك اميركا واتباعها يمارسون الابتزاز السياسي بواسطة دويلة اسرائيل او بشكل مباشر . والهدف الثاني هو العامل الاقتصادي فمن المعروف ان اليهود في العالم وخاصة في اوربا وامريكا هم الذين يسيطرون على الاقتصاد ويحركه وبريطانيا وغيرها من دول الاستعمار العالمي غالبا ما يحتاجون الى دعم مالي وموازنة اقتصادية لصالحهم وهذا متوفر لدى يهود اوربا والعالم حيث انهم من يدير اقتصاد وإعلام اوربا وكذلك الحال مع اميركا , ان سبب معاداة هتلر لليهود هو انهم كانوا السبب في خسارة المانيا الحرب العالمية الاولى نتيجة دعمهم الاقتصادي لدول الحلفاء . والهدف الثالث , التخلص من يهود اوربا لكره الشعوب الاوربية لهم لسببين , السبب الاول ديني كون اليهود هم من قتل السيد المسيح عليه السلام والسبب الآخر هواحتكار اليهود لأقتصاد اوربا , واليوم ايران تماثل اسرائيل في عدائها للعرب وتمارس ابتزاز سياسي ضدهم مستغلة الشيعة من مواطني هذه الدول مثل العراق ولبنان واليمن والبحرين وسوريا والسعودية والهند والباكستان وافغانستان وغيرها من الدول التي يتواجد فيها الشيعة . كذلك ممارسة الابتزاز السياسي لأقليم كردستان ضد الحكومة المركزية من خلال تهديدات مسعود البارازاني المتواترة لحكومة المركز وتهديده بالانفصال , روسيا ايضاً مارست الابتزاز السياسي مع الدول العربية ايام الاتحاد السوفيتي مقابل مواقفها في مجلس الامن وتزويدها العرب بالسلاح الروسي , والبرازيل فعلت نفس الشيء مع العراق اثناء حربه مع ايران , وذلك من خلال فتح الاسواق العربية والعراقية لمنتوجات هذه الدول من سلع وبضائع ابرزها تجارة السيارات , اميركا وايران تمارسان حالياً مع العراق والدول العربية نفس النهج مستغلتين الاوضاع القلقة التي خلقتها اميركا في مناطق العالم ومنها منطقتنا وقبلها كانت افغانستان وفيتنام وكموديا وكوريا وتايوان وفوكلاند وبنما وكوبا وقناة السويس , اوراق ابتزاز سياسي مثالية واليوم اميركا وايران وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين ومن يتحالف معهم يقومون بابتزاز العراق وحكومات دول الخليج مادياً وسياسياً بسبب داعش التي خلقوها . حروب العالم لن تنتهي السمكة الكبيرة او القوية تأكل السمكة الصغيرة او الضعيفة على الاقل في المستقبل المنظور . فرنسا مارست هذا النهج في الجزائر لمدة 100 عام وسخّرت قسم من ابنائها في حروبها , مثل بريطانيا في استغلالها الشعب الهندي كجنود وعمال خدمات , واسبانيا وابتزازها للمغرب في مدينتي ( سبتة و مليلة ) الحروب لها تداعيات سلبية كبيرة على الخاسر والمنتصر . بغية اقناع شعوب الدول المستعمرة غالباً ما تبدأ الحرب بخلق الاعذار الوهمية ضد الدول والعمل على خلق اعداء لمحاربتهم , مثل مافعلت اوربا في الماضي في حروبها الصليبية مع المسلمين وخلقها للعدو النازي ومحاربتها للشيوعية والمد الاحمر, واليوم عدوها الاساس الاسلام او ما يسمونه ( بالارهاب الاسلامي ) ترى ذلك حتى في لعب الاطفال , واحياناً يسمون العدوان الغير مبرر بالحرب الاحترازية , والامثلة كثيرة على ذلك وأخيرها وليس آخرها ماحدث في اميركا من امر مدبّر ( ضرب مركز التجارة العالمي ومقر البنتاكون ومحاولة ضرب القصر الابيض مقر الرئاسة الأمريكي ) عذراً مشروع لأحتلال افغانستان والعراق واسلحة الدمار الشامل العراقية وداعش كلها اعذار لشن الحرب والابتزاز . الاساليب الاستعمارية القديمة لم تتغير لكنها تتطور . يدخل في باب الابتزاز ايضاً النفط والتحكم بأسعاره وفق المصلحة الاستعمارية و المياه مثل ما يحدث حالياً بين تركيا والعراق وسوريا والعراق وايران والعراق ومصر والحبشة واسرائيل وسوريا . لهذا كله جعل الكثير من الدول تسعى للحصول على سلاح الردع النووي رغم تكاليفه الباهضة مثل الصين والهند وكوريا لشمالية واسرائيل و محاولة ايران لأمتلاكه وهذا ما يعرّض البشرية لأخطار رهيبة , وكل ذلك يحدث بسبب خوف هذه الدول المبرر من الاعتداء الخارجي عليها من قبل الدول الطامعة وعلى رأسها الدول الاستعمارية مثل اميركا واتباعها , اميركا لم تتوانا عن استخدام السلاح النووي ضد اليابان في الحرب العالمية الثانية فضربت هيروشيما به وقتلت ما يقارب 150 الف شخص نساء واطفال وشيوخ وشباب وخرّبت المدينة بالكامل ولوثتها بالاشعاع مما جعلها غير صالحة للسكن لفترة طويلة ثم ضربت ( ناكازاكي ) وقتلت من سكانها 75 ألف نسمة وفعلت بها مثل مثيلتها هيروشيما . على دول العالم وشعوبها ان لا تتعامل او تتعاون مع دول الاستعمار العالمي وعلى رأسها الأمبريالية الأمريكية لأنهُ من السابق لأوانه ان تكون هذه الدول مسالمة وتنتهج سياسة تبادل المنفعة والتعايش السلمي وتغادر سياسة الاجرام والاضطهاد والسلب والنهب مع دول العالم . . . . .
*1 ويكيبيديا الحرة