22 نوفمبر، 2024 12:44 م
Search
Close this search box.

الحركة الاحتجاجية والتباسات لقاءاتها

الحركة الاحتجاجية والتباسات لقاءاتها

أثارت اللقاءات التي عقدها عدد من منظمي المظاهرات وناشطيها مع المراجع الكرام وأساتذة الحوزة العلمية في النجف وعلماء الدين في جامع الأمام الأعظم، والسيد مقتدى الصدر قائد التيار الصدري، والسيد حيدر العبادي رئيس الحكومة، وممثلية الأمم المتحدة (يونامي).. أثارت جملة من الأسئلة عن الهدف من هذه اللقاءات ومغزاها وجدواها.
وقبل توضيح الغاية من مجمل اللقاءات التي حصلت، لا بد من تأكيد نهج إصلاح النظام الذي تبنته الحركة الاحتجاجية بوضوح تام، واعتمادها الاسلوب السلمي والكفاح اللاعنفي، الذي يتميز بشروط وآليات عمل، يتوجب على الحركة إتباعها من اجل تحقيق مطالبها، ومن بين آليات العمل هذه المدافعة، والضغط، والاتصال.
ان نجاح الحركة مرهون بحسن استخدامها آليات العمل كافة، التي تمكنها من بلوغ الهدف، وهذا ما سعت إليه الحركة، وهي تعقد اللقاءات والاجتماعات وتواصل الاتصالات، فمهمة إصلاح النظام ليست بالأمر الهين، ولا يمكن تصور تحقيق نجاح في هذه المهمة الصعبة دون استثمار كل الإمكانيات واستنفار كل الوسائل الممكنة، خاصة وان حيتان الفساد عبأوا قدراتهم لتشويه حركة الاحتجاج والالتفاف عليها، وإلصاق شتى التهم الرخيصة بها لأجل إفشالها والانقضاض عليها، تضاف الى ذلك صعوبة مواجهة نظام المحاصصة الطائفية والاثنية، بعد ان ترسخ الفساد في بنيانه ووفر الحماية للفاسدين.
 لذا فان على الحركة الاحتجاجية استثمار جميع أدوات الضغط الممكنة، واستخدام المدافعة والاتصال لإيصال صوتها وبلوغ هدفها، وهذا لا يتحقق الا عبر تحييد هذا العنصر، وتأجيل تلك المعركة، والتركيز على الحوت الأكبر، وهكذا تباعا، فلا بد من عزل حيتان الفساد ومحاصرتهم، ونزع  أدوات تأثيرهم وكل ما لديهم من إمكانيات سبق لهم استغلاها من اجل إدامة وجودهم في السلطة.
لقد نجم سوء الفهم عن تصور خاطئ مفاده ان الحركة هدفت من اللقاءات المذكورة او من بعضها تشكيل جبهة سياسية مع هذا الطرف او ذاك. في حين ان هذا لم يكن واردا على الإطلاق، لان الحركة الاحتجاجية ليست حزبا سياسيا، وإن امتلكت رؤية سياسية واستخدمت بعض ادوات العمل الحزبي في أنشطتها.
وبطبيعة الحال نشأ قسم من سوء الفهم نتيجة للضعف في ادراك أهمية استخدام الآليات الديمقراطية والتواصل، في بلد رزح عقودا تحت حكم الدكتاتورية قبل عام 2003، ثم تحت حكم نظام المحاصصة الطائفية الذي لقي المعارضة والرفض من لدن القوى والشخصيات الديمقراطية، علما ان التواصل مع تلك الاطراف لا يأتي على حساب المشروع المدني الديمقراطي، بل ان الغاية منه ان يوفر للقوى المدنية جوا مناسبا للعمل والتوسع، فهو اذن ليس ادارة ظهر للقوى الديمقراطية، بل ان جل الوفود التي قامت بتلك اللقاءات تشكلت من شخصيات متعددة ومتنوعة، معروفة بنشاطها وقدرتها على حمل الرسالة، ونجحت في طرح رؤاها وتصوراتها بوضوح تام، وأعلنتها في بيانات دقيقة، ونجحت الى حد بعيد في توضيح الالتباسات التي وقعت.
ويمكن تلمس نجاح تلك اللقاءات في انزعاج حيتان الفساد وإتباعهم منها، وهو ما عكسته حملة التشويه والتخوين التي أطلقوها وما زالوا، والتي هدفت الى دفع الناشطين الى التخلي عن استخدام هذه الإمكانية بغية محاصرتهم.
ان حيتان الفساد يدركون قبل غيرهم ان البعد السياسي للحركة يتجلى في قدرتها على ادامة النشاط، وعلى تأمين استمرارية الضغط واستخدام كل آلية عمل متاحة في هذه المعركة الفاصلة بين قوى الاصلاح وقوى الفساد الغاشمة.

أحدث المقالات