العقل الجمعي العربي بصورة عامة، والعراقي بصورة خاصة، ارتبط بعدد من الظواهر، التي تراكمت على مدى سنوات طويلة، سببها ممارسات فردية، أدت إلى تعميمها على طبقة معينة في المجتمع.
خضوع العراق للاحتلالات المتعددة، كل احتلال يأتي برجالات من أهل البلد، يملكهم القرار والمكنة المالية، لذا أصبح الأغنياء في نظر العراقي ، لا يمتلكون الحس الوطني وأتباع للسلطة، كذا الطعن بالانتساب للبلد والقومية،هذا أصل الاتهام.
الإقطاع في وسط وجنوب العراق، والظلم الذي مورس من قبل الشيوخ، الذي نصبهم المحتل البريطاني على الفلاح، جعل العراقي ينفر من أبناء الأسر، علمية كانت أو ثرية أو تمتلك أي ميزة أخرى، خاصة لدى أنصاف المثقفين، طبعا الاستثناءات موجودة.
هذا حصل بدس وتوجيه خفي، استغل الفارق العلمي والتعليمي بين الاثنين، لذا تجد في النجف مثلا، أن عامة الناس، يختلقون القصص والروايات عن اسر العلماء، ويتحدثون عنهم بكره وحسد وحقد.
عندما تقوم بتفكيك الأسباب، تجد معظمها يعود إلى الحسد والحقد، وتغذيته بالدس من أصحاب الأجندة، الذي تمكنوا من استغلال هذه القطيعة أبشع استغلال، من الشواهد على هذا الاستغلال.
الأحداث التي رافقت تشكيل حزب الدعوة الإسلامية، وأمر المرجع الأعلى في حينه؛ الإمام محسن الحكيم الشهيد محمد باقر الصدر وولديه الشهيدين محمد مهدي ومحمد باقر الحكيم، بالانسحاب من الحزب.
هوجمت في وقتها عائلة آل الحكيم، من قبل بعض أفراد هذا الحزب، ليكونوا من حيث يعلمون أو لا يعلمون، أداة بيد الشيوعية والبعث، الذي يعاديان هذه الأسرة، حتى تجرأ النظام على اتهام الشهيد محمد مهدي الحكيم بالجاسوسية.
أن البعث في الثمانينيات والتسعينات، كان يتحدث علنا ضد المراجع وأسرهم وتحكمهم بالأموال، كذا تبعيتهم وعمالتهم للخارج، لتتفاعل مع هذا الطرح طبقات متعددة من المجتمع، عندما تمكنوا من تحقيق هذه النتائج ، أصبح كل من يرفض
البعث ونهجه، عميل وتابع ومطعون بانتمائه القومي، لتكون النتيجة الأخيرة اليوم، أن مذهب بأجمعة، مطعون بانتمائه القومي وبوطنيته.
الخلل كما يتضح؛ يعود إلى أنصاف المثقفين، ممن تصدوا لتغيير الثوابت، لدى طبقة الفقراء ماديا وثقافيا.
هذا عين مامورس ضد البيت النبوي الشريف، حيث عمل من سموا بالصحابة، على زرع نظرية باطلة قوامها، كيف لبني هاشم؛ أن يحصلوا على النبوة والخلافة، لحرفها عن الوصي، وتمكنوا من إقناع بسطاء المسلمين بهذه النظرية، التي دفع ويدفع الإسلام ثمنها إلى اليوم.
أستمر هذا الظلم للأمة، بحرفها عن قياداتها الحقيقية إلى الآن، حيث التحريض ضد هذه القيادات، بواسطة دس واختلاق قصص، يتفاعل معها العقل الجمعي للجمهور، نتيجة لإرث طويل.
يجب على المثقفين التصدي الحقيقي، لتغيير مفاهيم زرعها أعداء العراق، ليطورها وينميها أنصاف المثقفين، لتشكل حجر عثر في طريق الأمة، لحرمانها من قياداتها المخلصة والقادرة، وعدم تعميم أفعال فردية، لشخصيات ربما مدسوسة، على طبقة كاملة في المجتمع، أتيحت لها الفرصة، لتتمكن من امتلاك ناصية العلم والقدرة، الأمر الذي حرمت منه غالبية الشعب العراقي، لأسباب طائفية وسياسية واقتصادية…