17 نوفمبر، 2024 1:28 م
Search
Close this search box.

الحرص الايراني على الاتفاق مع الولايات المتحدة

الحرص الايراني على الاتفاق مع الولايات المتحدة

ان الذي يفهم من تعليق المتحدث باسم الخارجية الايرانية حول بيان الثلاثي الاوروبي وتصريحات وزير الخارجية الاميركي القاسية والمتشددة . يفهم ان ايران متمسكة اليوم بالاتفاق النووي اكثر من اي وقت مضى .
وخلال الاشهر الثلاث المنصرمه، كان من الواضح ان ايران هي من يسعى خلف الولايات المتحدة لانجاح المفاوضات لتوقيع الاتفاق النووي معها ، وذلك لحاجة طهران اليه بهدف اعطاء جرعة امل للشعب الايراني ولاقتصاد البلاد .
والتحليل المعمق للبيانات والتصريحات الرسمية وايضا للخطاب الهادئ والحذر الذي يوجهه الاعلام الرسمي الى الشعب الايراني ، يؤكد بان طهران تسعى الى الاتفاق من اجل تخفيف الاعباء الاقتصادية وان اية عرقلة للمفاوضات هي من الطرف الاخر وليست من جانب القرار الرسمي الايراني .
وفي تقديري انها المرة الاولى التي يحرص فيها القادة الايرانيون على الاخذ بنظر الاعتبار ردة فعل الشعب حيال نتائج المفاوضات النووية سلبا ام ايجابا .
فالعقوبات القاسية اثرت بشكل كبير عل المستوى المعيشي للمواطن وتراجعت قدرته الشرائية بنسب تصل الى حد الفقر .
والشعب الايراني تحمل كثيرا جراء العقوبات ، ولان الايراني في ثقافته الحياتية لديه قدره فريدة على التكيف مع الظروف الصعبه ،فان نصف هذه العقوبات لو فرضت على شعب اخر لانفجر ضاجا من الجوع والشكوى .
والمتغير الاخر في موقف القيادة الايرانية في هذه المرحلة من المفاوضات هو انهم لم تعد تعتقد بانها ستبرم اتفاقا مستداما وطويل الامد مع الولايات المتحدة . ولذلك فهي تعمل على اتفاق يحقق مكاسب لفترة معينة يستعيد فيها الاقتصاد الوطني انفاسه .
ولذلك غاب الحديث في هذه الجولة من المفاوضات، الشروط الايرانية المعروفة وهي الرفع الشامل للعقوبات وفترة اختبار لمدة ستة اشهر الى سنه وثالثا العودة ( التدريجية ) للالتزام الايراني بالاستحقاقات والقيود النوويه .
تلك الشروط الثلاثة ، كان قد وضعها المرشد كأطار للمفاوضات خلال الجولة التي بدأها الاصلاحي محمد جواد ظريف .
ومن المهم الاشارة الى ان المرشد لم يتطرق الى المفاوضات وتفاصيلها خلال هذه الفترة وذلك مقارنة مع مهمة جواد ظريف في الجولة الاولى حيث كان المرشد يهاجم يوميا الولايات المتحدة ويشكك بجدوى التفاوض معها .
والذي اعتقده منذ سنوات ،هو ان السعي الايراني لانجاز الاتفاق ( أي اتفاق ) ليس فقط تحت تأثير الضغط الاقتصادي ،ايضا لان الاصوليين هم الوحيدون المخول لهم الاتفاق والتهدئة مع واشنطن ، باعتبار ان مجرد الاتفاق وانعكاساته الايجابية تاليا يعد مكسبا حيويا يبعث برسالة الى الداخل بان الاصوليين براغماتيون ولا مشكلة لديهم في التفاوض مع الولايات المتحدة .
وهذه الرسالة جزء منها موجه نحو شريحة ناخبة في ايران تقدر بنسبة 25% من اجمالي الناخبين ،يصوتون عادة للاصلاحين باعتبار انهم سيتفاوضون مع واشنطن .
ووصف اعلام النظام الاسلامي وجمهوره تشكيل حكومة ابراهيم رئيسي في يوليو 2021 بانها اول حكومة اسلامية منذ تاسيس الجمهورية الاسلامية لانها منسجمة مع ارشادات المرشد ومع بقية المؤسسات التشريعية والامنية.
ولان حكومة رئيسي لم تحقق شيئا حتى الان فان افضل هدية لدعمها حاليا وفي الانتخابات المقبلة هي جذب واقناع تلك الشريحة الناخبة .
ووفقا لذلك ،كان السيد محمد جواد ظريف يتعرض لعراقيل خلال المفاوضات في الجولة الاولى التي سبقت الانتخابات في حزيران من العام الماضي ،وقد المح الوزير ظريف في التسجيل الصوتي المسرب ( مايو آيار 2021) الى ان الاصوليين سعوا الى اجهاض الاتفاق النووي في نسخة 2015 وذلك قبل ان يقرر الرئيس دونالد ترامب الانسحاب منه في مايو عام 2018 .
وعلى الصعيد الاقليمي تسعى ايران الى اطلاق اشارات ايجابية للاقليم وللغرب بانها منسجمة اقليميا ..
فهي لا تتوقف عن دعوة وزير الخارجية العراقي لزيارة طهران والتباحث معه حول مسار الحوار مع السعودية ، كذلك يحرص الوزير عبداللهيان على الاتصال والتواصل بانتظام مع نظراءه في عدد من الدول الخليجية . هذا بالاضافة الى تهدئة جماعات الاطار في بغداد ، وتمديد التهدئة من قبل الحوثيين والخطاب التصالحي للسيد حسن نصر الله وانسحاب الجماعات الموالية لايران من مواقعها في دير الزور … كلها رسائل ايرانية مباشرة بانها يمكن ان تلعب دورا ايجابيا في المنطقة .وبالتالي فهي مستعدة لبحث ملف دورها الاقليمي على طاولة المفاوضات النووية وهو ثمن كبير يمكن ان تقدمه طهران في مرحلة لاحقة لاسيما وان المفاوضات عادة مرة اخرى الى غرفة الانعاش .

أحدث المقالات