20 مايو، 2024 5:25 م
Search
Close this search box.

الحرس الوطني.. غلطة الشاطر بألف

Facebook
Twitter
LinkedIn

منذ عام 2003 أخذت ساحة الصراعات بين ساستنا تتسع بشكل جامح، حتى غدت حلبتها تشغل رقعة تبلغ مساحتها (437,072) كم2، تشمل -فيما تشمل- السهول والجبال والصحارى والأهوار والمستنقعات..! وهي صراعات على أصعدة عدة، فمن كان متكلما او متقولا منهم يستخدم اللقاءات المتلفزة والتصريحات الصحفية أداة يبرز عن طريقها عضلاته، ومن لايستطيع التعبير بالكلمات يستخدم بكل سهولة ماتيسر له من أدوات التعبير من دون احتساب صلاحيتها او ذائقتها وسط المجتمع، فساحة صراعاتهم تبيح لهم كل السبل والطرق لإتمام مامكلفين به. أما المتفرجون فيربو عددهم على ثلاثين مليون متفرج، ومن غرائب تلك الصراعات أن الضربات والفنيات والبهلوانيات بين المتصارعين، تعود بالويلات والمصائب على المتفرجين، فيما ينعم اللاعبون بمتعة الفوز ونيل الأوسمة والأحزمة والكؤوس، فضلا عن الامتيازات الدنيوية الأخرى. ومن السيئ جدا وغير الحضاري أن لعبتهم دخلت مدخلا غير مخصص لها، واحتلت مكانا غير مهيأ لها، في ظرف غير ملائم لممارسة فعالياتها، وهذا مانشاهده جليا في اجتماعاتهم التي تحولت الى حلبة مصارعة حرة غير خاضعة الى قوانين وأصول وضوابط، وتختلف عن باقي حلبات المصارعة المعهودة في العالم اختلافا جذريا.

أظنني قاربت حقيقة الوصف لما هو واقع فعلا في عراقنا الديمقراطي الفيدرالي التعددي، ذي السيادة والاستقلال التامين، وإن فاتني ذكر شيء فهو الوقت الذي تستغرقه جولات المباراة، فهي على مابدا خلال السنوات الثمانية الخوالي، كانت بمعدل جولة واحدة كل أربع سنوات، وكما سجل التاريخ في الجولتين السابقتين، فقد صال وجال خلالها أغلب لاعبيها كما شاءوا يمينا وشمالا.. صعودا ونزولا.. صالحا وطالحا.. حلالا وحراما. ومارسوا فيها أحدث الصيحات، لاسيما الخارجة عن قانون اللعبة وقانون الأخلاق والأعراف والمهنية، إلا القليل النادر من بعض الخيرين الذين يمكن عدهم بأصابع اليد الواحدة وليس كلتا اليدين.

قبل أيام قرر مجلس الوزراء من دون صراع او نزاع او مناوشات، إنشاء حرس أطلق عليه مفردة “الوطني”، وقطعا سيأخذ هذا القرار طريقه الى مجلس النواب لإقراره، وتحت قبة الأخير كثيرون سيصفقون لهذا القرار، وسيعدونه (عيد وجابه العباس) والدوافع في هذا لاتخفى على أحد. من المؤكد أن كل عراقي غيور يتمنى ان يكون هناك حماة صناديد يحمون البلد، لكن..! فات مجلس وزرائنا -رئيسا وأعضاءً- أن كثيرا من الناس يضمرون غير مايظهرون، وهم قادرون على ابداء الجمال فيما هم يخفون من القبح الكثير، كما أنهم لوذعيون في أساليبهم مراوغون في أحاديثهم، متمكنون على خداع المقابل حتى لو كان “رئيس وزراء”. والخوف كل الخوف أن يخطأ رئيس الوزراء في كشف هذا -وهو الشاطر الحذق- إلا بعد (خراب البصرة) حينها ستكون غلطته مضاعفة، وكما يقال غلطة الشاطر بألف، وأثرها على العراقيين هو الآخر يتضاعف أيضا، وكما قال الشاعر:

إذا امتحن الدنيا لبيب تكشفت

له عن عدو في ثياب صديق

فهل امتحن رئيس وزرائنا مصداقية المناشدين بإنشاء هذا الحرس وشفافيتهم وغايتهم فيه؟ أم غرّه كلامهم المنمق وأسلوبهم المعسول وادعاؤهم بالخوف على البلاد والعباد..! إن ملمس الأفعى يارئيس وزرائنا ناعم، فمن أمن المبيت بجنبها لايستبعد انقلابها عليه غولا شرسا يوما من الأيام، يقول الإمام علي عليه السلام:

ان الأفاعي وإن لانت ملامسها

عند التقلب في أنيابها العطب

[email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب