21 أبريل، 2024 9:06 م
Search
Close this search box.

الحرس الثوري حماقة أم اختراق؟!

Facebook
Twitter
LinkedIn

إثر اغتيال الولايات المتحدة للجنرال قاسم سليماني، سادت العالم موجة من التعاطف مع ايران. حرصت وسائل الاعلام الاوربية على وجه الخصوص بالتعليق على أخبار عملية الاغتيال ومآلاتها بحذر وموضوعية تتجاوز الموضوعية المهنية. و حاولت الحكومات في اوروبا وبعض الدول من بينها دول عربية عدم الخوض في الموضوع والاكتفاء بالاشارة الى الحقائق “الباردة”. الداخل الايراني أبدى تعاطفاً مع نظام الوليّ الفقيه الذي يعيش أزمة وجودية خانقة، وهكذا فعل بعض السياسيين العرب من خارج الكتلة المسيطر عليها ايرانياً – العراق وسوريا ولبنان واليمن. أحد كبار السياسيين المصريين من ذوي التوّجه القومي الناصري نشر في حسابه على تويتر رابط لصور تشييع سليماني في طهران وغرّد معلّقاً: تذكرّني بجنازة جمال عبد الناصر.
في العراق كان الوضع مختلفاً عن غيره في الموقف تجاه عملية الاغتيال. الجمهور المرتبط عقائدياً وعسكرياً واقتصادياً بايران أعلن حالة من الحداد المبالغ فيه والغضب الذي لم يكنّ موّجهاً ضدّ الولايات المتحدة التي خططت للاغتيال ونفذته بل ضدّ جميع القوى والأفراد الذين اعتبروا التدخلّ العسكري الايراني المباشر في العراق – عبر المليشيات المموّلة والمأتمرة بأوامر ايرانية – لا يختلف عن التدخّل العسكري الامريكي في البلاد واولئك الذين طرحوا سؤالاً بسيطاً: ماذا كان سليماني يفعل في بغداد؟
ما حدث بعد ذلك معروف ويدخل الى حدّ ما ضمن حالة تفريغ المشاعر التي مارسها الجمهور المؤيد لنظام ولاية الفقيه وعلى رأسهم المليشيات العراقية التابعة للحرس الثوري الايراني. لكنّ ثمّة أمور أثارت انتباه المُحللين السياسيين في العراق وقلقهم حين أصبح واضحًا أن نظام الوليّ الفقيه لديه نفوذ كبير ليس فقط داخل الحكومة ومؤسساتها العسكرية والأمنية بل تجاوز ذلك الى مجلس النواب الذي يتربّع على مقاعده 138 نائباً مؤيدًا بلا أدنى تحفّظ لإيران وسياستها في العراق.
لكنّ ما حدث خلال الأيام الماضية كان سببًا في تحويل ذلك التعاطف الى استياء تصاحبه الكثير من علامات الاستفهام حول النظام الايراني. إذ كان اسقاط الطائرة الاوكرانية حدثًا مميزاً في المنطقة التي تموج بتغييرات غير محسومة. الإعلام الغربي الذي قدّم الحادث أيّدَ بشكل أو بآخر تصريحات سلطات الطيران الايرانية، ولم تبتعد الحكومات عن هذا الموقف كثيرًا فإيران أولاً وأخيرًا دولة مهمة لأوروبا وحازت على مشاعر تضامن غير معلنة من الحكومات الاوربية بعد الغاء الولايات المتحدة للاتفاق النووي من طرف واحد. لكّن بعد أن وصلت الى وسائل الاعلام الامريكية مجموعة من المعلومات والافلام التي طرحت سيناريو مُغايرًا للرواية الايرانية التي تبرأت منذ البداية من كلّ مسؤولية عن الحادث، بدأ الوضع يتغيّر نحو الأسوء، وتحوّل التعاطف الى استياء كبير جداً خصوصاً بعد أن اعترفت ايران بأن اسقاط الطائر حدث بسبب خطأ بشريّ. لنلاحظ أن مصطلح خطأ بشري لا يُستعمل كثيرًا في لغات الشعوب القاطنة في منطقة غرب آسيا وشمال افريقيا، وأنّ هذا التعبير يُستخدم في أوروبا والامريكتين. ايران تعرف كيف تخاطب الغرب وهي بذلك تختلف بشكل كبير عن الأنظمة العربية ولكنّ ذلك لم يساعدها هذه المرّة كما كان يفعل سابقاً.
في كل ساعة تتكشف حقائق تضع الايرانيين في موقف لايحسدون عليه. إذ تبيّن من خلال دراسة مسار الطائرة بأنها لم تنحرف عن مسارها ولم تحلّق فوق منطقة عسكرية ممنوعة. اضافة الى أن المرشد الاعلى في ايران علي خامنئي لم يعتذر في تصريحه الأخير عن ذلك الخطأ البشري الأمر الذي صاعَدَ من حالة اللغط والشكوك حول تورط الايرانيين في اسقاط الطائرة الاوكرانية.
ثمّة سؤال مهم يجب البحث والتدقيق فيه قبل الجواب عليه: هل كان اسقاط الطائرة الاوكرانية نتيجة لحالة التوّتر التي تعيشها المنطقة كما صرّحت سلطات الطيران المدني في ايران؟ أم أن النظام الايراني قد تمّ اختراقه في أقدس مقدساته ألا هو الحرس الثوري؟ ثمّة دلائل تشير الى أنّ هذا الاحتمال واردٌ وأنه من الممكن جداً حدوث اختراق بشري أو تكنلوجي تسبّب في الحادث. إذ كيف تمّ سحب البساط من تحت أقدام ايران التي باتت قوّة عسكرية اقليمية عظمى (حسب الادعاءات الايرانية) وتحوّل التعاطف معها الى استياء وشكّ وتهديدات مبطنّة بعد أيام قليلة من تقديمها الى العالم كضحية مسكينة لحالة من “القرصنة غير المسبوقة”؟
ولماذ تصمت ايران عن التصريح بما حدثَ حقيقةً؟
مرةً أخرى وقبل الاجابة على هذا السؤال يجب انتظار المزيد من الاخبار والتحليلات والتسريبات التي يمكن أن تعضد هذا الاحتمال أو تنفيه! أم أن كلّ ذلك سيُزيد الحالة غموضاً؟
المدونة الشخصية: https://alshadidi.blogspot.com/

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب