ـ هل أستطيع أن أحب “علي” ؟؟
ـ من هو “علي ” ؟!
ـ إنه طالب معي في الصف .
ـ ولماذا تسألني إذا كنت تستطيع أن تحبه أو لا ؟
ـ لأنه إيراني .
ـ وأنت ما هي جنسيتك ؟؟
ـ أنا عراقي عربي .
ـ ولماذا سؤالك إذا كنت تقدر أن تحبه ؟؟
ـ لأنه يوجد حرب بين بلدنا العراق وبلده ايران .
كم أحسست بفضاعة هذا السؤال وحزّ في نفسي كما لو أن سيفاً
لمقاتل مجرم أنغرس في صدري وأنا لم أقترف جرماً .
فهذا أبني عمره لا يتعدى الخمس سنوات جمعه القدر في نفس الصف
في لندن بطفل إيراني مثل عمر أبني ، كانت سنة مجيئنا الى بريطانيا
سنة 1982عندما كانت رحى الحرب الإيرانية العراقية دائرة وكانت السنة
الأولى لهم لكي يدرسوا اللغة الأنكليزية للتهيئة للصفوف الأعلى . وها هو
يتوجه لي بسؤال إن كان يستطيع أن يحب ” علياً ” أم لا ؟؟
ـ وأنت كيف تنظر الى “علي ” ؟
ـ إننا نلعب سوية ، وهو ولد طيب مثلي .
ـ لا عليك يا ولدي حبهُ بقدر ما تشاء بل أكثر … وسألته
ـ هل أبوك العراقي قرر الحرب مع أيران !!؟ أو هل والده الأيراني أتخذ
قرار الحرب مع بلدنا العراق !!؟؟ كلاهما ليس لهما قرارالحرب ولا ذنب
في هذه الحرب التي تدور رحاها لكي تأخذ النفوس ، والأرواح ، وتدمر
الأسر وتنزع معنى الحب من النفوس الطيبة ، وتزرع الحقد والأنتقام والضغينة .
لا عليك يا طفلي العزيز أطلق عنان الحب الذي فيك له ولغيره ، فالحياة
إن لم يزينها الحب والأحترام فلا وجود للأنسان على وجه الأرض ، وكم كان حزني
عظيماً أن ارى الأطفال بعمر الزهور ، ولم يعرفوا من الحياة خيرها وشرها بعد ،
أن يصرعوا بسيوف السياسة ، والدين ، لسياسيين ورجال دين لم يعرفوا وما
ذاقوا طعم الحب النقي الصافي ، فلا بد أنهم يدفعون الناس الى الكراهية والحقد
والقتال ، لأنهم لا يعرفون إدارة المشاكل بالطريق السوي والأختيار الذي ينأى
عن الأذى والدمار والهلاك لكلا البلدين .
ـ إن أردت أن تهلك إنساناً ، أزرع في نفسه الكراهية للآخر
ما أحوج الإنسان الى أن يبكي على نفسه إذا كان لا يعرف ما هو موقعه
في هذا العالم !!!
بكيت لهذين الطفلين لأنهما هاجرا وتركا وطنيهما طلباً للأمن المؤقت ،
ولكن الهجرة من الوطن هي موت آخر له معانيه ومعاناته التي لا يعوضها
يوم جديد .