14 أبريل، 2024 10:17 م
Search
Close this search box.

الحرب في أوكرانيا: لعبة مصالح

Facebook
Twitter
LinkedIn

الحرب في اوكرانيا، لعبة مصالح، أو لعبة صراع على مناطق النفوذ والهيمنة، لعبة مصالح اقتصادية وتجارية ومالية على سطح الكرة الارضية، عندما تتدافع مصالح القوى العظمى والكبرى؛ لعبة تتعدى الحاضر، بعدة مراحل؛ ستلقي بظلالها على المستقبل. الذكي والشاطر من يختار الطريق الصحيح في هذا الصراع الدولي، والذي سيتمحور مستقبلا؛ ليس على محورين او يكون الصراع بين محورين؛ روسيا والصين من جانب ومن الجانب الثاني امريكا والاتحاد الاوروبي، كما يظهر عليه واقع الصراع على الارض حاليا، أو كما يتم تصوريه بقصدية سياسية في الاعلام الغربي، أو كما يبدو عليه هذا الواقع حين يتم النظر اليه بعين واحدة، أو بزاوية نظر واحدة، وليس بزوايا نظر كلية الاحاطة للصراع وتحولاته المستقبلية، ومصالح القوى العالمية العظمى والكبرى التي سوف تتصارع على مسرح هذه التغييرات المرتقبة والتحولات الكبرى في العالم. بل ان واقع هذا الصراع الذي تلوح افاق حركته واضحة لا غموض ولا لبس فيها؛ عندما يتم النظر إليها بعينين متبصرتين لا مبصرتين؛ تبصر عدة مشاهد وراء مشهد الصراع هذا، في الوقت الحاضر، الذي يتركز أتونه بين روسيا ومن معها( الصين) ولو بطريقة خفية غير واضحة، لكنها موجودة وجودا، بأشكال وطرق ووسائل عديدة ومتنوعة، وبين امريكا والاتحاد الاوروبي، من الجانب الثاني؛ اللذان حتى الآن، يشكلان ثنائيان متعاونان ومتضافران بصورة علنية، بل صلبة وحادة وشرسة، في مواجهة روسيا؛ بخلاف شريك روسيا الصيني. اعتقد من وجهة نظري المتواضعة؛ ان الصراع، او هذا الصراع مستقبلا، سوف يكون بين القوى العظمى والكبرى بلا محاور محددة الحركة والمواقف سلفا؛ بل ان مواقفها ستكون بحسب ما تفرضه عليها مداخيل الصراع هذا، وما سوف تحصل عليه، ان هي وقفت الى جانب هذه الدولة العظمى او تلك الدولة العظمى؛ اي انه صراع مفتوح على مختلف الشراكات والانتماءات؛ تمليه علي جميع دول العالم، ما تحصل عليه من مغانم ومكاسب من هذه الشراكة، او هذا الانتماء لطريق النزاع مع المتخاصمين الكبار في المعمورة. الحديث هنا يدور عن الصراع، او النزاع لما بعد الامد المنظور، بعد ان تتوقف عجلة الحرب في اوكرانيا عن الدوران بعد زمن ما، من الصعوبة في الوقت الحاضر؛ تحديد سقفها الزمني. ان الحرب في اوكرانيا؛ لم تكن هي من فجرت هذا الصراع، بل ان الصراع، أو، بل ان هذا النزاع كان يدور ليس بين روسيا وامريكا ومن معها من دول الناتو، بل بين امريكا وروسيا والصين منذ امد بعيد؛ اي منذ عام 2007؛ عندما قال بوش الابن، ان الصين تشكل خطرا على الامن القومي الامريكي، وهو هنا؛ يقصد التأثير الصيني المستقبلي على الهيمنة الامريكية على العالم. وايضا عندما اعلن بوتين في ذات العام، في خطاب له امام منظمة الأمن الجماعي الاوربي؛ ان العالم يجب ان لا يقاد من قبل دولة واحدة، بل يجب ان يقاد بصورة جماعية. هذا المقدمات التي حدثت او قيلت قبل اكثر من عقد ونصف العقد من الزمن، في الذي يخص الجانب الروسي تحديدا، في هذه الحرب؛ تجعل المتابع؛ يتبصر الحقيقة، هي؛ ان الحرب في اوكرانيا كان مخطط لها مسبقا من قبل روسيا، ولم تكن وليدة لحظتها، او وليدة يومها بفعل التهديد الامريكي، من خلال منصة الناتو. وما طلب روسيا من امريكا، او مطالبتها بالضمانات الامنية، ما هي الا حجة لشرعنة الحرب في أوكرانيا. لكن في المقابل وجود الناتو على حدود روسيا؛ يشكل قلق وجودي وامني، يحد من فاعلية القوات الروسية الضاربة، ويقلص امامها مساحة الزمن في الرد. ان هذا؛ ان حدث، سيقلص الزخم المعنوي للقوات الروسية، ولقيادتها، ولصانع القرار السياسي في موسكو. لجهة المناورة والمرونة والمساومة، في المحفل الدولي، عندما تكون تحت التهديد الامريكي بعصا الناتو، حين يتم محاصرتها بطوق محكم بقواعد الناتو، اي امريكا. مما يتيح لأمريكا؛ ممكنات هائلة التدمير على حافات الحدود الروسية، بما يصاحب، هذه التطورات، عندما تصبح حقيقة واقعة على الارض، كما اسلفت القول فيه؛ من رسائل تهديد امريكية، مضمرة ومبطنة، عندما تدعم روسيا هذه الدولة او تلك الدولة، تحت قبة مجلس الامن الدولي، مركز الدكتاتورية الدولية. ان هذه التطورات، او التحولات، ان قيد لها وصارت حقيقة على ارض الواقع؛ ستؤثر على مصالح روسيا في مناطق مصالحها، في دول العالم الثالث، وفي غير هذا العالم، من الدول الاخرى، التي ترتبط مع روسيا بالشراكات، والتي تنتظر من روسيا الدعم في المحفل الدولي. ان هذه الدول ان لم تحظى بالدعم الروسي، أو ان روسيا غير قادرة على حمايتها من التغول الامريكي؛ ستبتعد عنها( عن روسيا) لتبحث عن شراكات مع دول عظمى اخرى( امريكا مثلا). مما يقود الى التوقع الروسي، اي انكماش التأثير الروسي في القضايا الدولية، وفي التوازي؛ انحسار مصالحها الاقتصادية، ليحكم عليها بالموت الاقتصادي البطيء، الذي يقود الى تهديد الجغرافية الروسية، تهديدا داخليا. في هذا الصدد، وفي حركة استباقية روسية، مبنية على قراءة او استقراء لخطط امريكا من خلال الناتو في الذي تبيته هذه الخطط لروسيا؛ يقع قول بوتين قبل اشهر من الحرب في أوكرانيا: ان مهاجمتنا من اي دولة اوربية، اي من اراضي اي دولة اوربية، لن نقوم بمهاجمتها، بل بمهاجمة عاصمة صاحب القرار، والمقصود هي امريكا. في الوقت ذاته؛ يقع الاعلان الروسي عن امتلاك روسيا اسلحة فرط صوتية، ولا يمكن التصدي لها من اي دولة في العالم. هذه الرسائل ما هي الا مقدمات للحرب في أوكرانيا، الذي حدث تاليا بعد زمن قصير؛ كاستباق لما يبيت لها من امريكا مستقبلا. هذا يعني ان الصدام الروسي مع الغرب بقيادة امريكا؛ كان مؤجلا من قبل روسيا بوتين، حتى يحين وقته، اي انه كان يمور تحت الارض بحرارة مشحونة بدرجة اتقاد عالية جدا، ولا تحتاج سوى الضغط على القادح؛ لتتفجر الحرب في اوكرانيا، كنتيجة لصراع غير معلن او معلن بنعومة بين روسيا وامريكا.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب