أبرز الأخبار المتداولة في الأسبوع السياسي الأخير ، دعوة اطراف سياسية وإجتماعية لتبديل النظام النيابي بالنظام الرئاسي ، وزيارة السيد عمار الحكيم رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي لكل من الكويت وقطر ، وإنعكاساتها على القضية العراقية .
الموضوع الأول يكشف عن ضعف الترابط بين النظام الديمقراطي والجمهور السياسي ، الذي صار يتقاطع مع طروحاته ومعالجاته وابرزها توزيع السلطات واالتعددية والفيدرالية ، وهو تعبير عن ” نوستالجيا ” سياسية ، أي الحنين الى الماضي وسلطة الرئيس او الرجل الواحد الحاكم بأمره ، والمؤثث بمؤسسات تحمل يافطات ديمقراطية واشتراكية وحرية وغيرها من شعارات الإستهلاك السياسي، التي تغطي مظالم وسلوكيات ديكتاتورية فاشية ، لم يختف اثرها ودورها في سلوك تنظيمات إسلامية عديدة في سنوات مابعد 2003.
الرغبة لإستبدال بنية العملية السياسية الى أخرى تعتمد النظام الرئاسي، تتقاطع مع عارضين كبيرين ، الأول هو الدستور الدائم وشروط تغييره الصعبة، خصوصا في ظل الفوضى الإجتماعية والسياسية وتشرد اكثر من مليوني عراقي ، والعارض الآخر هو لارغبة بذلك للقوى السياسية المتسلطة منذ (12) أثنى عشر عاما ً في تقاسم للثروة والسلطة والإمتيازات والنفوذ .
الشيء المهم بالموضوع أن قواعد الفساد في البلاد ، سواء كان النظام نيابيا ً أو رئاسيا ً، ستبقى تشتغل وتتسع مثل السرطان ، في ظل غياب الإنتماء والروح والثقافة الوطنية ، والإنغلاق على طائفية أوعنصرية إنتماء ، يصارع الآخر ويسعى لإبادته والسيطرة عليه .
الخبر الآخر الإيجابي ، زيارة عمار الحكيم للكويت وقطر ، فهي إذ تدخل في باب تأكيد العلاقة الإيجابية مع الكويت ، فأنها تشكل مسعى جاد في كسر جليد العلاقة مع قطر ، بخلاف مايعتقده البعض ، فأن قطر أحد أهم محركي الصراع على النطاق الإقليمي ، وتحديدا القضية العراقية ومايحيط بها .
تجميد الخلاف وتعطيل نشاط المحاور المضادة للعراق يعني في عالم السياسية مكسب مهم وعميق، يؤسس لنمط جديد من أطر علائقية تحيل الخلاف الى تصالح ، والتضاد الى منافع متبادلة .
تلك خطوات مهمة في ظل تخبط السياسة الخارجية للعراق ، واندفاع بعض الرؤوس من الفرقاء السياسيين لزج العراق بأزمات تضيف ثقلا ً جديدا ً لأزماته وقيوده ، ناهيك عن إعطاء ضمانات للآخر المختلف سياسيا ً وطائفيا ً ، بان توجهات العراق لاتتقاطع مع مشروع وجوده السياسي وأهدافه ، خصوصا دول مثل الكويت وكذلك قطر التي تملك عناصر القوة الناعمة ( المال ، الإعلام ) إضافة لدورها المنافس لإسرائيل في مشروع التخادم السياسي مع امريكا .
حكمة عمار الحكيم السياسية ، يحاول البعض النيل منها ووضعها في إطار التنازع السياسي السوقي ، دون قراءة متعمقة لتوجهات المنطقة وظروف العراق والتهديدات التي تحيط به ، استبدال المعادلة التي يسعى لها الحكيم من الحرب على قطر الى التصالح مع قطر ، يعني استثمار قدرات هذه الدولة الصغيرة الفاعلة في خدمة العراق ، ذلك نجاح ينتظر تطوير آفاقه من قبل الحكومة العراقية ، بما يؤمن للعراق استقرارا ً أمنيا ً واقتصاديا ًودعما سياسيا ً على الصعيد الدولي .