23 ديسمبر، 2024 6:11 ص

الحرب على سورية لن تنتهي ما دامت أدواتها موجودة في الداخل السوري !؟

الحرب على سورية لن تنتهي ما دامت أدواتها موجودة في الداخل السوري !؟

في البداية علينا أن نعترف إنه أمام كلّ التضحيات الجسام التي قدّمها السوريون، فإنّ الحرب التي أرادتها القوى التآمرية على الدولة السورية لن تنتهي، ما دامت أدواتها الإرهابية وأوراقها القذرة موجودة على الأرض السورية ولذلك تؤمن الدولة السورية وحلفاؤها اليوم بأنّ حجم إنجازاتها على الأرض واستمرار معارك تطهير أراضيها من رجس الإرهاب، وبالتوازي مع ذلك المضيّ قدماً في مسيرة الإصلاح والتجديد للدولة السورية مع الحفاظ على ثوابتها الوطنية والقومية، هو الردّ الأنجع والأفضل والأكثر تأثيراً اليوم على هذه القوى، التي بدأت تقرّ تدريجياً بفشل مشروعها، مع زيادة حجم الخسائر التي تتلقاها على الأرض السورية.
اليوم، هناك معلومات موثقة تقول إنّ الدولة السورية تتعرّض لحرب استنزاف كبرى، وتشير إلى أنّ هناك ما بين 31 و34 ألف إرهابي عابر للقارات يقاتلون في شكل كيانات مستقلة مثل “داعش” و”النصرة”، أو في صفوف ما يُسمّى “قوات المعارضة السورية”، وتفيد المعلومات عينها، بأنّ هناك حوالي 60 ألف مسلح سوري يقاتلون الجيش العربي السوري، وهؤلاء عبارة عن أدوات في أيدي أجهزة استخبارات الدول الشريكة في المؤامرة على سورية، وأنّ هناك حوالي 20 جهاز استخبارات غربياً وعربياً وإقليمياً يعمل اليوم داخل أراضي سورية.
 
إنّ أدوات الحرب المذكورة كادت، خلال فترة ما، أن تنجح بإسقاط سورية في الفوضى العارمة، فعندما نجد أنّ كمّاً هائلاً من المسلحين العابرين للقارات والمدجّجين بالسلاح قد أدخلوا إلى سورية طيلة عمر هذه الحرب على سورية، وبعضهم ينتظر دوره للدخول إلى معسكرات تركيا والسعودية، يتّضح لنا أنّ الهدف من التوريد المستمرّ للإرهاب هو ضرب منظومة صمود سورية وعقيدة جيشها واستنزاف قدراته اللوجستية والبشرية، لأنّ تفكيك الدولة وجيشها الوطني هو الشرط الأساس لاستكمال تفكيك مجتمعها، ولولا يقظة الدولة السورية منذ اللحظة الأولى لانطلاقة الحرب عليها لكانت سقطت سورية كلّ سورية لكنها أدركت مبكراً حجم الحرب الشرسة ضدّها، وتنبّهت لخطورة ما هو آتٍ، ورغم حجم الدمار الهائل الذي أصابها بعد أربعة أعوام ونصف العام من التدمير الممنهج والخراب والقتل والتهجير، تمكنت من الصمود.
وهنا بالتحديد يعلم اغلب المطلعين على خفايا الحرب على سورية ،بأنّ المعركة في سورية لم تكن فقط معركة مع مجموعات إرهابية عابرة للقارات، بقدر ما كانت ولا تزال معركة مع نظام عالمي جديد يُرسم للمنطقة، وينسج خيوط مؤامرته في سورية ليعلن عن قيامه بقيادة قوى الإمبريالية العالمية والماسونية اليهودية الصهيونية، وهذه المؤامرة تعكس حجم الأهداف والرهانات المتعلقة بكلّ ما يجري في سورية، وهي الأهداف المرسومة التي تتداخل فيها الحسابات الدولية مع الحسابات الإقليمية، كما تتداخل فيها ملفات المنطقة إلى أقصى الحدود، إلا أنّ الجيش العربي السوري صمد وكسر بصموده كلّ الرهانات الغربية والإقليمية والعربية، فالجيش العربي السوري حقق إنجازات كبيرة وهائلة في الميدان أذهلت العالم وغيّرت سياسات ورسمت معادلات جديدة، لا يستطيع أحد القفز فوقها، والأهمّ من ذلك كله هو تلاحم الشعب والجيش والقيادة السياسية في معركة ضارية قادتها وموّلتها ورعتها تسعون دولة في العالم، لكنّ إرادة الشعب السوري المتمسّك بأرضه والمؤمن بقضيته والمتفهّم حقيقة وطبيعة المؤامرة، أبعاداً وخلفيات، أفشل خطط الأعداء وأسقط أهدافهم بالتضحيات الجسام.

فعلى مدار أربعة أعوام ونصف العام وأكثر، وجدت سورية نفسها في خضمّ حرب عالمية في أشرس صورها، حرب معقدة ومركبة للغاية أسقطت فيها كلّ المعايير الإنسانية، عشرات الآلاف من الإرهابيين العابرين للقارات، وملايين الأطنان من الأسلحة التي دمّروا بها مدناً وقرى سورية بأكملها، فقتلوا أهلها وضربوا مقومات حياة المواطن السوري، وحاربوه حتى في لقمة عيشه اليومية، حرب قوامها الكذب والنفاق والمصالح الصهيو – أميركية، وليس لها أي علاقة بكلّ الشعارات المخادعة التي تتستر بها. ففي سورية تمّ تجهيز تفاصيل المؤامرة، على مراحل وحلقات، وبمشاركة دول عربية وإقليمية، ورغم كلّ ذلك، أثبتت سورية المستقلة بشعبها وبجيشها وبدولتها الوطنية أنها قادرة على الصمود، فصمدت رغم كلّ التحديات الداخلية والخارجية، وها هي اليوم تقف شامخة على أهبّة الانتصار.

وعندما نعود بالذاكرة إلى سنوات عجاف مضت، نلاحظ أنّ الهجمة الشرسة والحرب الشعواء على سورية، تلك كانت تستهدف أساساً، “العقيدة البنائية والفكر الاستراتيجي للجيش السوري وثوابت الدولة وأركانها الأخرى، من مبادئ وطنية وقومية جامعة وشعب مقاوم زرع في فكره ووجدانه الحسّ الوطني والقومي، والأهمّ هو نهج السلطة السياسية التي زرعت هذه الأفكار وأصبحت قاعدة لبناء سورية القوية”، سورية عنوان المقاومة والقلب العروبي النابض، ومن هنا أدركت القوى التآمرية، أنها من دون تدمير وتمزيق سورية واستنزافها، لن تصل إلى مبتغاها وهدفها الأعظم المأمول بتدمير محور المقاومة، وتنصيب “إسرائيل” سيدة على المنطقة العربية والإقليم ككلّ. وكلّ هذا يتمّ، حسب مخططها، من خلال نشر آلاف الجماعات الإرهابية المسلحة على امتداد الأراضي السورية.

ختاماً، يمكن القول إنه بعد مرور هذه السنوات الأربع والنصف المريرة على الدولة السورية وما جلبته إليها من جراح عميقة ودروس تاريخية مريرة، صمدت هذه الدولة العتيدة وبدأت تتعافى من هذه الجراح، لتبدأ، من جديد، مرحلة النهوض الأقوى، وسيبنى على نهوضها هذا الكثير من المتغيّرات، التي لن يكون أولها، ولا آخرها، تعرية وسقوط العديد من الأنظمة الوظيفية الطارئة على هذه المنطقة.
[email protected]