عقود من الزمن والشعوب العربية والاسلامية هنا وهناك تستصرخ الشهامة العربية وتستنجد المروءة الاسلامية ولم تهب لأجلها نسمة حزم فما الذي حصل حتى هبت عاصفة الحزم لنرى إستعراضا للعضلات العربية ضد العرب انفسهم . إن كل التبريرات التي طرحتها مملكة التدمير ليس لها محل في أرض الواقع والحقيقة ، فها هو وزير خارجيتها يقول ذهبنا للسعي لنصرة الشرعية ، فكيف ننتظر ممن خرق الشرعية لمرات عديدة على مر تاريخ المملكة التأمري أن ينصر الشرعية ،أنه أدعاء كاذب لا صحة له على الإطلاق . فالرئيس المُختلف عليه والذي لأجله رُفعت رايات الحرب العربية ودقت طبولها هو رئيس منتهي الصلاحية ، فقد عُين لسنتين انتقاليتين بعد ان كان نائباُ للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح لغرض الاعداد لمرحلة انتقالية يتم فيها بناء نظام سياسي جديد ، وقد أنتهت السنتان وتقدم بإستقالته وقبلها البرلمان لذا فهو رئيس فاقد الشرعية ، لذا فقد سقط ادعائهم الاول أمام ماتقدم ، أما أدعائهم الاخر بإنهم قد هبوا من أجل وحدة اليمن وأستقراره وأمنه ، فهذا أمر يتنافى مع ما تقوم به آلاتهم الحربية كل يوم وهم يدمرون البنى التحتية لهذا البلد الفقير من قصف للمطارات والمعامل والجسور وشبكات الكهرباء وغيرها من المواقع الاستراتيجية التي لها مساس مهم بحياة ومستقبل الشعب اليمني. فهم يستخدمون حقدهم الطائفي والمذهبي بإمتياز في حربهم ، فكل ما قالوه لأجل تبرير العدوان هو كذب فاضح لتمويه الحقيقة وأذابتها أمام الشارع العربي والاسلامي ، فما الذي يحصل وأين المصلحة الحقيقية مما يجري ؟
وسط تساؤلات عديدة تبرز أمامنا حقيقة واحدة تُمسك بذيولها ثلاثة أطراف تجمعهم جملة من المصالح ، فهناك مصالح للسعودية وأذنابها من دول الخليج ، وهناك مصالح صهيونية ناهيك عن المصالح الأمريكية. إن ما ترمي اليه الولايات المتحدة من هذا التحالف العربي المشبوه هو خلق نسخة جديدة من تحالف لا تكون فيه رأس الرمح ، تستطيع من خلاله أن تحقق إنجازاً ميدانياً قابل للتسويق سياسياً كي يعوض أخفاقاتها المتتالية في كل من العراق وسوريا وعلى الصعيدين السياسي والعسكري والتي باتت مكشوفة للجميع تحت مسمى التحالف الدولي ضد داعش . إن ما يجري الآن هو فخ أمريكي لملوك وأمراء وشيوخ منطقة الخليج تم أعداده لهم بحرفية عالية يقابله غباء سعودي مُتسرع في لململة عُربان الخليج ومن يدور في فلكهم وشحذ هممهم الفارغة بإتجاه شعب يمثل ملح العروبة وأصلها، وليس بالغريب أن يصدر تعليقاً سياسياً مع أول غارة جوية تقوم بها السعودية ضد الحوثيين من أحد رموز السياسة الإمريكية التي لها باع طويل وخبرة في هذا الميدان وهو بريجنسكي / مستشار الأمن القومي الأسبق ليصف ما يحصل بإنه خطوة سعودية غبية غير محسوبة العواقب . أما إسرائيل التي تستنشق عبير الامن والقوة والانتصار منذ أغتيال العراق عام 2003 مرورا بصفحات الربيع العربي السوداء كانت منذ العام 2007 وفي مؤتمر هرتسليا تركز على نقطة مهمة جداً إلا وهي تحييد إتجاه الصراع بعيدا عنها وتحويله من صراع عربي ـ إسرائيلي والذي نسمع به منذ نعومة اظفارنا الى صراع عربي ـ فارسي ليكون عنواناً جديداً بارزاً في منطقة الشرق الأوسط هي ليست جزءً منه . أن ما تريده إسرائيل هو وجود تحالف كالتحالف الذي تقوده السعودية الآن ومن يقف خلفها لتشكيل محور (عربي ـ سني) في مواجهة التهديد (الفارسي ـ الشيعي) ، ولكن الصراع الحقيقي للأسف هو صراع (عربي ـ عربي) فتكون مملكة التدمير الحمقاء قد قادت ولأول مرة في التاريخ حرباً (عربية ـ عربية) وبإمتياز وهي خدمة مجانية تم تقديمها لإسرائيل على طبق من ذهب. لقد صدقت غولدا مائير عندما قالت بعد عملية حرق القدس (انني لم أنم طيلة تلك الليلة وتوقعت ان العرب سيأتون نازحين من كل حدب وصوب
نحو اسرائيل ، فعندما بزغ الصباح ولم يحدث أي شئ أيقنت أننا نواجه أمة نائمة ) ، وهنا أود القول نعم أيتها العجوز ذات الوجه الكريه لقد صدقت فها هي أمة العرب والتي أُصر دوماً على تسميتها بالأمة الأكذوبة قد وجهت نيرانها نحو نفسها ، فلو كانت أمة حقيقية لما آلت الامور بها وبشعوبها الى ما هي عليه من حروب وارهاب وتخلف ودمار وفقر وجهل وأزمات اقتصادية واجتماعية وصحية لا نهاية لها .
أما المصلحة السعودية مما يجري فهي متعددة الأركان والعناوين فالعنوان الأول هو أن السعودية ومن خلال مكانتها الإستراتيجية ونفوذها الديني والاقتصادي عكفت ومنذ أواخر الستينات من القرن الماضي على التصدي لموضوعة السيادة العربية والاسلامية وكأنها الوصي على بلاد العرب والمسلمين على حد سواء وأن كلمتها هي المهيمنة في أي محفل عربي وإسلامي فنراها تفرض رأيها في هذا المحفل وترفض في محفل آخر . لكن بعد ما حصل من تغيير في النظم السياسية العربية (وأقصد مرحلة ما بعد الجحيم العربي) خرجت العديد من الدول من تحت مظلتها وأصبحت تغــــرد خــارج سربـــها مما ولـــد أنحســـاراً في فضاء النفوذ الإستراتيجي السعودي وبات مقتصراً على منطقة الخليج العربي وهو أمر يخيف شيوخ المملكة ويزعجها أيما أزعاج خصوصاً أن الأمر قد تكلل بظهور وهابية من نوع جديد (داعش) تنسف الوهابية القديمة التي تنتهجها مملكة آل سعود . فداعش التي ولدت من رحم الوهابية القديمة ها هي تنتهج نهجاً جديداً بما يعرف بالوهابية الجديدة التي لا تقف عند حد من الحدود محاولة سحب البساط من تحت أقدام آل سعود والوصول بدولتها الإسلامية الى مكة والمدينة . كما أن العائلة المالكة دأبت دائما على خلق مشاكل خارجية من أجل التعتيم على مشاكلها الداخلية ولملمتها. فضلاً عن وجود صراع بارد بين السعودية وتركيا على زعامة العالم الإسلامي السني لذا فهي ترى أن قيادة تحالف عربي وإسلامي مكون من عدة دول سوف يجعلها مؤهلة أكثر لزعامة العالم الإسلامي السني أكثر من تركيا ، بالإضافة الى سعيها الحثيث على أثبات أنها لا زالت دولة قوية وقادرة ومؤثرة على جمع التكتلات ورائها خصوصاً أمام حليفتها التاريخية أميركا التي لا تخلو سياستها غير الموثوق فيها على الدوام من إعادة رسم جديد لخريطة الشرق الأوسط ، خصوصاً بعد أتفاق لوزان الإطاري حول البرنامج النووي الإيراني ، مما يستوجب من العائلة المالكة تقديم الكثير من الولاء والتنازل لمصلحة أميركا التي ربما تقلب كل الموازين في اللحظة التي تختارها هي . أذن وبعد كل ما تقدم من أيضاحات حول مصالح الأطراف لهذا التحالف المريب ومن يقف خلفه في الظل ضد الشعب اليمني لا أرى أن هناك أية شرعية لهذه الحرب بل هناك مصالح خفية ستكشفها قوادم السنون.