8 أبريل، 2024 6:04 ص
Search
Close this search box.

الحرب على الله

Facebook
Twitter
LinkedIn

كنا نعتقد حينما كنا صغاراً من خلال ما سمعنا في وسطنا العراقي وبيئتنا العشائرية التي تتأثر بما تسمعه من رجال الدين ، بغض النظر عن مقدراتهم العلمية التي وصلوا أليها ، إن عدو الله هم الشيوعيون ، لأنهم ينكرون وجوده ، وأنهم دائمين البحث عن مصداق مادي ملموس لوجود الخالق ، حتى يعتقدون بوحدانيته .

هذه المعلومة جعلتنا نعتقد أن من الواجب أن نعلن الحرب على الشيوعية والشيوعيون ، لأنهم أعداء الله ، ولكننا لم نسأل أنفسنا يوماً هل الله سبحانه وتعالى كان عاجزاً عن الدفاع عن نفسه ؟

وهل إن الله قد كلفنا بالدفاع عنه لأنه ضعيف ونحن القادرون على التصدي ضد هؤلاء اللذين أعلنوا الحرب على خالقنا ؟

كبرنا وكبرت معنا أفكارنا وتصوراتنا وعظمت خبرتنا بالحياة ، من خلال الاختلاط بشعوب وأمم سكنت البسيطة في غرب الأرض وشرقها ، ولكننا اكتشفنا متأخرين أننا كنا قد ظلمنا الشيوعية والماركسية ، لأننا لم نرضى أن نسمع أو نتفهم ما طرحوه ، وما كانوا قد سألوه ، فهو لا يختلف كثيراً عما سأله نبي الله موسى عليه السلام لخالقه ، حينما طلب أن يراه بشكل مباشر ، فسأله الله سبحانه وتعالى ( ألم تؤمن ؟ ) فرد عليه ، لا ولكن ليطمأن قلبي .

فالشيوعيون أرادوا كما يبدو أن تطمأن قلوبهم لا أكثر ، ولكن سيء فهم الأمر ، مقارنة بما شهدته الحياة من تحولات فكرية وعقائدية ودينية بشكل دراماتيكي وسريع ، وتبين نتيجة لمقارنة الأحداث صغيرها وكبيرها مع بعضها البعض ، أن اللذين يبحثون باجتهاد عن سر الوجود وخالقه ، ليس بكافرين ، وإنما باحثين عن الحقيقية لا أكثر ، ونعتقد أن حقيقة هذا البحث قد يوصلهم إلى درجات من الرقي والبحث العلمي تحت مرضات الله ، لأنه خلق آدم وقد باهى به الملائكة ، لأنه حفظ الأسماء كلها ونفخ فيه من روحه ، لأن الله سبحانه وتعالى جعل من جزئيات تلك الروح المنفوخة بجسد بني آدم ، قدسية وقيمة عظيمة ، وأمر أن تصان وتحترم ، وحتى حينما تخرج تلك الروح من الجسد الذي احتواها في لحظة الوفاة ، ترك للجسد قيمة الاحتواء ، فأكرم الجسد بان يصان ويحفظ ويدفن بصورة لائقة ، وبذلك كان التكريم مستمراُ في كل شيء .

أذن من أولئك الذين يقومون بالحرب على الله عمداً مع سبق الإصرار والترصد ؟

أنهم موجودين في كل زمان ومكان ، ومن كل دين ولون وعرق ، أولئك الذين يدعون شيء ، ويفعلون شيئاً آخر وهم المنافقون ، واللذين يكذبون ، فيظلون الآخرين بكذبهم ، ويوهموهم بحقيقة لا تشبه ما يقومون به لأغراض معينة ، اللذين يدافعون عن كتب منزلة ، أو عقائد سماوية يدعون أنهم يمثلونها ، ولكنهم لا يمتلكون المقومات الشخصية لهذا التمثيل ، لأنهم فقراء من الحقيقة ، والذين يلبسون الحق بالباطل ، كي يضيع الأمر بالمعروف ، وينشرون المنكر

الذي نهى الله عنه ، هم حكومات ودول ، ورجال سياسة واقتصاد ، ورجال دين يتظاهرون بمظهر الكاهن والقديس ، أو المرجع وآية الله ، أو مرشد متبصر ولكنه لا يفقه من الحقيقة عنقها الأعلى ، رجال سياسة وزعماء تصدوا للعملية السياسية بأوطانهم ، ولكنهم تحولوا وبالاً على تلك الأوطان .

أحزاباً تغلفت برداء الدين ولكن ما فعلته بالدين نفسه ، لا يمثل إلا حرباً شعواء على خالق هذا الدين ، لأن كلما فعلوه ويفعلونه هو مخالف للدين وللشرائع ، فهم بذلك محاربين بجيوشهم ضد الله وما أنزله من أنبياء ورسل وكتب وآيات ، يقول المسلمون في تراثهم نقلاً عن الحديث النبوي الشريف ( إن أمتي ستنقسم إلى سبعون فرقة ، كلها في النار إلا واحدة ! ) فيقول السنة إنهم الفرقة الناجية ، فيما يقول الشيعة ، أنهم الفرقة الناجية ، ولكني مؤمن بشكل لا يقبل الشك ، إن الحديث صحيح ولا يختلف عليه أحد ، ولكن والله الذي تحاربونه بأفعالكم وتصرفاتكم وكذبكم على بني آدم الذي تنتمون أليه ، فأن الفرقة الناجية ليست سنية ، ولا شيعية ، مطلقاً ، بل هي فرقة لا تكذب ولا تهادن ، ولا تشوه الحقائق ، ولا تقوم بالتطرف الديني ، ولا تتخندق طائفياً مهما حل بها من ألم ، هي فرقة تجمع جميع المخلصين والصادقين من الشيعة والسنة ومن أصحاب الوسطية الدينية المتفتحة ، المتسامحة التي تؤمن بالله حقاً ، وتصدق برسوله الأكرم خير تصديق ، وبجميع الأنبياء والرسل من دون تفريق ، والتي تسعى بإخلاص للوحدة الإسلامية ( الحقة ) قولاً وفعلاً ، والتي لا تظلم ولا تسرق ، ولا تنافق ، هذه صفات الفرقة الناجية ، وهي مؤكدة وبسيطة ولا تحتاج إلى تفسير أو اجتهاد ، والتي تترك الخلاف والاختلاف جانباً وتثق بالله أن يحاسب الظالمين يوم يقوم الحساب ، ولا توكل نفسها عنه كي تلعن غيرها ، وتسيء لجمع من الخلق لأنهم على دين آخر ، أو طائفة أخرى ، لأننا جميعاً أبناء الله علينا أو نؤمن به حتى وإن لم نراه ، لأن الخلق الذي نحن فيه لم يأتي من فراغ محض ، ولكي نتعرف على الذين يحاربون الله ويعدون العدة لذلك أمام أعيننا ونحن صامتين علينا أن نؤشر على مواضع الألم بوضوح .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب