داعش لم تأت من فراغ ولم تنزل من السماء بل هي منظومة متكاملة قائمة على أهداف ومستندة على مفاهيم دينية واضحة لها الكثير من المؤيدين ولها الكثير من الكارهين
منظومة تتحلى بهذه الصفات لايمكن القضاء عليها بجرة قلم أو بقرار تصدره حكومة أو مجموعة حكومات ؛ مانسمعه اليوم وما نراه من إجراءات تتخذها الحكومة العراقية تجاه خطر داعش هو تسطيح وقراءة غير واقعية ولها نتائج سلبية على الحكومة وعلى العراقيين الأبرياء الذين يرسلون الى مواجهة داعش
خطر داعش الحقيقي يكمن في تمثيلها لمكون عراقي شاء من شاء وأبى من أبى وهذه هي الحقيقة المسكوت عنها والتي لانسمعها من قادة البلاد ربما حياء أو خوفا من زيادة مايسمى بالشرخ المجتمعي
ومازلنا لانعترف بهذه الحقيقة لايمكننا الوصول الى عراق امن ولايمكننا الوصول الى إنتصار على داعش
الحرب التي نخوضها الآن والتي نستعد لها في الأيام القادمة تعتبر غير مجدية بكل المقاييس وهي مضيعة للوقت والمال والمقاتلين ؛ ربما ستنتصر هذه الجموع العسكرية على بعض مجاميع داعش وربما تعتقل زعيمها وربما تضعف داعش الى درجة كبيرة لكنها لم تنته وستخرج الف داعش جديدة
نحن أمام مكون غير مؤمن بعدالة الدولة ومازال هذا المبدأ راسخا في النفوس سوف يصبح هذا المكون عبارة عن أرض خصبة لإنتاج داعش وغير داعش والدليل على ذلك هو كثرة التسميات الإرهابية وتواجدها على أرض هذا المكون منذ 2003 الى يومنا هذا وما أن نتخلص من مجموعة ارهابية حتى تولد مجموعة ارهابية أخرى
للأسف الشديد لاتوجد لدينا قادة تفكر بأساليب واقعية وبدراية كافية كل ما نفكر ونخطط به هو ينطلق من منطلقات إنفعالية لاتمت للواقع بصلة
الأسئلة الجوهرية في هذا الصدد ما قيمية التقدم لبضعة أمتار داخل الأرض التي يسيطر عليها داعش ؟ هل إن داعش أصبحت دولة محتلة لكي نستعيد أرضنا منها ونسكن فيها أصحابها من العراقيين ؟ هل تبقى هذه الحشود العسكرية ممسكة بالارض وساكنة فيها الى اجل غير مسمى ؟ كيف تتعامل مع الناس هناك ؟ كيف تعرف عدوها من صديقها ؟ هل تبقى الجنود وأياديها على “الزناد ” ؟ كيف تعرف من تعاون مع داعش ومن لم يتعاون ؟ والى متى ؟
الأرض يجب أن يسكن فيها المواطن المؤمن بعدالة دولته وإن الإجراءات التي تتخذها الدولة تصب بصالحه ومتى ماشعر بعكس هذا الشعور يصبح فريسة سهلة المنال لداعش وأخواتها
على الحكومة أن تعمل على بث هذا الشعور لدى هذا المكون قبل البدء بأية عملية عسكرية ضد داعش ؛ أما بدء العملية العسكرية مع شعور هذا المكون بأن الحكومة ظالمة وطائفية وقائمة على التهميش والإقصاء والملاحقة والإعتقالات العشوائية وجيشها من الصفويين ويقود الحملة العسكرية الجنرال قاسم سليماني بالتأكيد ستكون هذه الحرب غير مجدية
هذه الحشود يجب أن تتحرك لحماية الحدود أولا ومن ثم حماية المناطق التي لم تدنسها داعش إضافة الى تقديم أفضل المساعدات الإنسانية لجميع النازحين من تلك المناطق التي يسيطر عليها داعش لخلق أجواء إيجابية وصورة حسنة عن الحكومة وبالتالي تصبح داعش معزولة ومنبوذة من قبل الجميع أما الإعتماد على الحل العسكري مع وجود ساسة سنة يطلقون التصريحات الرافضة لهذه العمليات فسنبقى في نفس الدوامة ولم نحقق شيئا يذكر .