لم تعد حرب حيدر العبادي، رئيس الوزراء العراقي، تلفت نظر الشعب العراقي بل إنه لم يعد مکترثا بها و صار يعتبرها مجرد زوبعة في فنجان، ولاسيما بعد أن توسل قبل أسابيع من حيتان الفساد أن يعيدوا ماقد نهبوه من أموال الشعب العراقي!
إنتصار العراق على تنظيم داعش الارهابي مع أهميته الکبيرة، لکنه لم يحدث تغييرا يذکر على الساحة العراقية بل بقيت الامور معظمها على حالها وبالاخص الفساد زائدا النعرات الطائفية و العرقية، وإنه أمر يثير الحزن و الاسف الممزوجين بالغضب عندما نجد تصدر العراق لقائمة مؤشر الفساد العالمي، حيث حلت ست دول عربية أخرى في المراتب الأولى. وأظهر المؤشر في قائمته التي نشرتها «منظمة الشفافية الدولية، ولديها أكثر من 100 فرع في دول العالم، أن العراق جاء مجددا في المرتبة الأولى لجهة الفساد بين دول العالم، فيما وردت 6 بلدان عربية ضمن قائمة تضم 12 دولة، هي الأكثر فسادا في العالم». وهذا مايعني بأن هناك الکثير من التهديدات التي تحدق بالشعب العراقي ولاسيما من الناحية الاقتصادية و المعيشية التي يعبث بها حيتان و اساطين الفساد بالاضافة الى الناحية السياسية المصابة أساسا بالشلل لفرض وجوه مکررة ليس بوسعها أن تضطلع بأي تغيير جذري في أي مجال من المجالات التي تهم الشعب العراقي خصوصا وإن معظم هذه الوجوه تبدو کأجهزة يتم تسييرها من خلف الحدود!
هناك أسباب مختلفة لتفشي الفساد و شيوعه في العراق، لعل أهمها و أخطرها دور نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية التي هي صاحب أکبر و أخطر و أسوء نفوذ في العراق، وهناك أمرين لابد من الاشارة إليهما ونحن نتطرق لهذا النظام، فمن جهة فإنه معروف بکونه نظاما ذو فساد عريق بدأ منذ تأسيسه قبل 39، عاما والاهم من ذلك إن جناحي النظام غارقين في الفساد لحد آذانهما، ومن جهة أخرى فإن هذا النظام ولکي يضمن بقاء و إستمرار نفوذه في بلد مهم و استراتيجي کالعراق فإنه لابد من أن يبعد الشخصيات ذات الحس و الشعور الوطني عن مراکز القيادة و المسؤولية ولابد من أن يجعلها دائما بأيدي بيادق تابعة له و مسيرة من جانبه ولاتخرج عن طاعته، وهذا ماقد جرى و يجري منذ الولايتين الفاسدتين الفاشلتين لسئ الذکر نوري المالکي.
محاربة الفساد و القضاء المبرم عليه و تخليص الشعب العراقي من شره المستطير، يبدأ من محاربة نفوذ النظام الايراني و القضاء عليه، فهذا النفوذ الذي يفرض شخصيات و نماذج غير کفوءة و أبعد ماتکون عن المجالات التي تعمل فيها، علما بأن إستمرار نفوذ هذا النظام في العراق يعود بالاساس الى الاوضاع الوخيمة جدا التي يعاني منها في داخل إيران و إزدياد الرفض الشعبي له خصوصا بعد إنتفاضة 28 کانون الاول 2017 التي هزت النظام وأصابته مايشبه بالزلزال والتي لازال خطرها إندلاعها مجددا قائما بإعتراف أرکان النظام نفسه، وفي الوقت الذي نجد فيه صراعا محتدما بين أقطاب النظام الايراني و سعيهم لإتهام بعضهم بالقصور و الفساد و السبب فيما آلت إليه الامور، فإننا نجد في العراق تهافت و تهالك تلك النماذج على بقاء و إستمرار هذا النفوذ!