18 ديسمبر، 2024 10:47 م

الحرب النفسية | الاعلامية

الحرب النفسية | الاعلامية

نشر الفتن وترويج الضلالات
اذا كانت الحرب تعبيرا مهما عن الصراع السياسي فأن الاعلام هو تعبير عن الاثنين. لذلك كانت الوسائل الاعلامية دائما وعلى رأسها الصحافة المكتوبة عنصرا مهما بل اساسياً في الحرب كما في الصراع السياسي.

كذلك الحال بالنسبة الى الحرب النفسية التي يقصد بها (الاستخدام المخطط من جانب دولة ام مجموعة دول في وقت الحرب ام وقت السلم لاجراءات اعلامية بقصد التأثير في اراء وعواطف ومواقف وسلوك جماعات اجنبية معادية او صديقة بطريقة تساعد على تحقيق سياسة واهداف الدولة المستخدمة).

فهي بمثابة (هجوم مبرمج على نفسية وعقل الاخر لغرض احداث التفكك والوهن والارتباك فيه وجعله فريسة المخططات واهداف الجهة صاحبة العلاقة مما يمهد للسيطرة عليه وتوجيهه الى الوجهة المقصودة ضد مصلحته الحقيقية او ضد تطلعاته وآماله في التنمية او الاستقلال او الحياد او الرفض).

ان الحرب – اية حرب – مهما كانت استخداماتها لنوعية الاسلحة سواء التقليدية منها ام غير التقليدية هي قتال بري وبحري وجوي يقع بين جانبين ترافقها حرب نفسية واعلامية.

وفي الحرب كما هو معروف لنا جميعا، هناك قصف وغارات وموت ودمار ترتسم صوراً في مخيلة الانسان عندما يسمع عن اندلاع الحرب وبدء القتال فيكون في البدء في حالة صدمة اولية سرعان ما تبدأ بالتحسن بعد امتصاصه للصدمة ويبدأ باعادة ترتيب افكاره ومشاعره وحياته اليومية.

ومن غرائز الانسان كما هو معروف حبه للبقاء والحياة، والحرب تهدد هذا فيخاف على نفسه وعلى اسرته وعلى ماله ووطنه ومستقبله، ومن يركز كثيرا على ذاته ينحدر الى مستوى الرعب، اما الذي يأخذ بابعاده الشمولية العامة فيكون اكثر احتمالا لوقائع الحرب واحداثها.

وعلى هذا الاساس عدت الحرب النفسية – مع استخدام وسائل الاعلام كوسيلة لها- وسيلة مساعدة للحرب العسكرية يمكن ان تبدأ قبل الحرب وتستمر خلالها وتمتد الى ما بعدها، وهي حرب مستمرة وطويلة الاجل، وفي بعض الحالات تتسم بالخفاء، وبطريقة غير علنية وغير مباشرة، فهي حرب باردة فكرية عقائدية سياسية دعائية تهدف في النهاية لاحراز النصر المعنوي الذي قد يغني عن النصر العسكري او يرافقه، وعادة ما يلجأ العدو لاحراز النصر على الجانب المقابل الى سلوك طريق اقناع افراد مجتمعه بما يبثه من سموم بحيث يغير من مواقفهم وارائهم وايمانهم وثقتهم واذا كان افراده حذرين محصنين فكريا فان المجتمع الذي يكونه يصبح واعيا بجميع مؤسساته ويصبح التصدي بالتالي للحرب النفسية اولى خطوات النصر ومن ثم لابد من شن حملة معاكسة ضد العدو باستخدام كل وسائل الاتصال والعلوم المختلفة.

ان التهديد المباشر للحروب يؤدي للخوف وقد يكون هذا الانفعال ايجابيا اذا كان في حدود معقولة ولكن اذا زاد عن الحد المنطقي وتوجه الخوف للسلبية والانانية الممثلة بتكديس المواد الغذائية وترك العمل وعدم ممارسة الحياة اليومية والاستماع الى الشائعات فأنه يؤدي للارق والقلق النفسي والاضطراب والخوف من الموت والهلع ويمكن ان يؤدي للاضطرابات الذهنية الحادة.

ان حالة اي مجتمع لا يملك افراده نسبة معقولة من الوعي والادراك والمسؤولية في حالة الحرب نراه مجتمعا مضطربا وخائفا واغلب افراده لا يملكون وسيلة صحيحة لمجابهة الموقف نتيجة خلل في مستوى الاستيعاب والتحليل.

مثل هذا المجتمع نلاحظ عليه وقت الحرب والازمات الارتباك والفوضى ويبالغ في متابعة نشرات الاخبار من كل محطات الارض على مدار الاربع والعشرين ساعة ويهوج ويموج مع كل خبر فرحاً ام غضباً ام خوفاً واضطراباً مما يؤدي الى اصابته بحالة من الذعر والرهاب والارهاق والترقب اكبر بكثير مما يتطلبه الموقف الذي يوحي اليه بأشياء كثيرة قد لا تحدث على الاطلاق.

وعلى اساس ما تقدم.. يكشف لنا ان اهداف الحرب النفسية – الاعلامية- ترمي الى:

* زعزعة الثقة بين الشعب وقياداته السياسية والدينية.

* استغلال الفروقات الطبقية والقبلية والدينية بين مختلف الفئات الاجتماعية كمواد للحرب النفسية واثارة النعرات بين هذه التكوينات واشعال الصراع فيما بينها.

* محاولة تغيير الافكار والاتجاهات واستبدالها بأفكار واتجاهات توائم طروحاتها المزيفة .

* زعزعت الثقة بالمبادئ والمشروعات التي تعمل بها وتطرحها القيادات الوطنية مستغلة تأجيل تطبيقها على انها تمارس اعلاميا فقط لزرع بذور عدم المصداقية بين افراد المجتمع وقياداته ولتتسرب بالنتيجة اللاأبالية الى ايمانها بها لتصل الى حد الاستخفاف بكل طروحاتها.

ان الحرب النفسية قد تستطيع ان تساعد على ربح الحرب عسكريا اذا استطاعت هذه الحرب ان تهزم النفوس وتضعف ايمانها بقضيتها او بشخصيتها وبقدرتها على ربح المعركة ومن ثم الحرب بأكملها.

فأننا لو نحلل على سبيل المثال لا الحصر – قراءة البيانات العسكرية والتعليقات السياسية والتقارير الصحفية سواء لهذا الطرف او ذاك المتعلقة بالعمليات العسكرية الجارية الان بالمحافظات السنية نجد معظمها قائما على اكاذيب مغطاة بعناصر الحرب النفسية.

ان التصدي لمثل هذه الحرب والوقاية من آثارها ونشاط اعلامها يتمثل في رأيي في تأليف هيئة اعلامية وطنية تتولى مهمات التوجيه الاعلامي على مستوى وطننا لتحليل ما نتعرض اليه من افتراءات اعلامية والرد عليها خدمة لمجتمعنا بطريقة مسؤولة.

ان الدفاع الوطني هو الايمان بكل ابعاده ومفاهيمه، كما ان الايمان بمبادئ ومصير مجتمعنا امر مهم خاصة في مثل الظروف التي يمر بها وطننا العزيز حيث لابد ان يتوجه الانسان في تفكيره لوطنه واستقلاله

ويبتعد عن الاغراق في ذاته فلا جدوى من الجلوس ساعات طويلة في سماع دس رخيص صادر عن مؤسسات تخصصت في نشر الفتن وترويج الضلالات.

*[email protected]