الحرب هي الوسيلة الأخيرة من وسائل الإكراه التي يلجأ إليها أطراف النزاع في حال فشل الوسائل السلمية لحلها. فعلى الرغم من كثرة الاتجاهات والدعوات نحو تفادي الحروب أو التقليل منها في أضيق نطاق،ألا أنه تبقى الحرب أمرا لا يمكن تجنبه في كثير من الأحيان،وأن السلام الدائم يبقى أملا لايمكن تحققه . الدفاع الشرعي واجب الإنسان في حماية نفسه أو نفس غيره ، وحقه في حماية ماله أو مال غيره من كل إعتداء حال غير مشروع وبالقـوة اللازمة لدفع هذا الإعتداء. وقد تطور مبدأ عدم الاعتداء بعد هذا في لوائح المحاكم الدولية في نورمبرج وطوكيو ،التي تستند إلي القانون الدولي لا يحرم الحرب العدوانية فحسب وإنما يحرم أيضا الاستعدادات التي تجري من أجل شنها.و يعـد الدفاع الشرعي سبب من أسباب الإباحة أي أنه يسبغ على الفعل المجرم الـذي أقدم عليه الشخص الصفة الشرعية ، ويخرجه من نطاق التجريم ؛ أي أن النصوص القانونية للتجريم ليست مطلقة بل يرد عليها قيود تضيق من نطاقها ، والمشرع يهدف من وضع هذه النصوص حماية مصالح إجتماعية معينة على جانب من الأهمية فينص على تجريم تلك الأفعال ، لكنه قد يقدر أن المصلحة التي تعود على المجتمع في عدم العقاب تفوق المصلحة التي تعود عليه في حالة العقاب عليها في ظروف معينة ، فيقرر إعتبارها مشروعة في مثل هذه الظروف على الرغم من خضوعها لنصوص التجريم؛ وأساس تبرير فعل الإباحة. أن الحرب غير المشروعة هي التي يكون القصد منها الهيمنة والاستحواذ على مقدرات الشعوب والرغبة في السيطرة . العلاقة بين الشرعية الدولية والقانون الدولي وبين المصالح والأهداف الوطنية لبعض الدول تختل بحيث تصبح هذه العلاقة علاقة التابع بالمتبوع وبالشكل الذي يؤدي الى إرتباط القانون والشرعية الدولية بالمصالح الوطنية. وتبعا لذلك تتعدد معايير الشرعية الدولية في التعامل مع القضايا الدولية المختلفة تبعا لوجهة نظر هذه الدول وتبعا لاختلاف مواقع وصفات أطراف هذه القضايا ما بين صديق أو عدو لها ، فظهر مصطلح (المعايير المزدوجة) أو (الكيل بمكيالين) وفي نطاق تطبيق القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية بحيث تظهر هذه السياسة وكأنها انعكاس واضح لواقع النظام القانوني والسياسي الدولي والعلاقات الدولية المعاصرة. والإسلام يرى أن الحرب لا تكون مشروعة ما لم يكن الغرض منها الدفاع الشرعي أو الدفاع عن المصالح الضرورية كلما تعرضت للاعتداء،ويجب أن يكون فعل الرد متناسبا”مع حجم العدوان فأن تجاوز فعل الرد حدود الدفاع الشرعي سيحول الحرب المشروعة إلى حرب عدوانية غير مشروعة. إن المجتمعات القديمة وما وصلت إليه من تطور حضاري فإنها كانت غالبا تلجأ إلى أسباب العنف واستخدام القوة لأسباب بسيطة جدا وان من أهم أسباب نشوب الصراع والتنازع هو غياب الاتصال بين هده المجتمعات واختلاف التطور الثقافي والفكري بينهما وأيضا من اجل التجارة وموارد المياه والموارد الأخرى والتي كانت تستبيح كل ما يملكه الجانب المهزوم ولكن في ظل غياب القانون وظهور الفوضى لم يترك المجتمع القديم استخدام القوة دون تنظيم , ففي العهد الروماني كان مفهومهم يتحدد بالمشروعية الشكلية أي عن طريق حرب عادلة , الحرب التي تبدأ بموجب قوانين وتحظي بموافقة الحكماء. وبعد اتساع نطاق الدولة الرومانية وأصبحت مترامية الأطراف وقد جسدت في وقتها مفهوم الدول صاحبة القرار فقد تحقق فيها السلام ولم يكن هدا السلام مبني على معاهدات ولا اتفاقيات بل كان عن طريق أساليب سيطرة الإجبار والخضوع والقهر هذا بالنسبة لعلاقاتها الداخلية . أما في علاقاتها الخارجية فكانت منظمة وفق اتفاقيات ومعاهدات ولقد وضع الرومان قواعد للحرب والصلح . و كان لهذه الفكرة تأثير قوي على أوروبا قبل العصر الذي سادت فيه فكرة توازن القوى وإدخال عنصر سيطرة وتحديد على الحرب لأنهم رأوا أن الحرب العادلة والسلام العادل هما وجهان لعملة واحدة . وهذا أدى إلى ظهور ما يسمي بفكرة الرد بالمثل بوسائل العنف والتي تقول أنه لابد إن يكون سبب عادل لنشوء استخدام القوة وان تعلن من أعلى سلطة فعلية وتطورت هده الفكرة إلا أن الحرب لا تكون مشروعة أو عادلة إلا بعد إصدار تحذير ملائم ولا يوجد طريق لاسترداد الحق إلا الحرب وأن حق إعلانها لا ينبغي أن يكون حكراً علي الإمبراطور بل ينبغي أن يعطي إلى كل رؤساء الدول على أن تكون قد أعلنت الحرب للدفاع عن حق مشروع أو لاسترداد حق مغصوب. وبعد التلاشي التدريجي لسيطرة الكنيسة في أوروبا وظهور الدول القومية بدأ مفهوم الحرب العادلة في التغير حيت ظهرت فكرة اعتبار أن الحرب عنصر مهم من عناصر سيادة الدولة وغايتها إزالة العدوان وأنها لابد أن تكون عادلة ولكن في حقيقة الأمر لم تكن لها علاقة بالعدالة ,وهكذا الحرب لا تشن إلا اعتقادا على أنها عادلة ونلاحظ في نهاية الأمر أن القيود التي وضعت لإعلان الحرب أو مباشرتها لم تكن قيودا مؤثرة. ولكن أرادوا أن يعيدوا مفهوم الحرب العادلة باعتبارها وسيلة للسيطرة على استخدام القوة . أن الأسباب العادلة للحرب هي معاقبة المعتدي على مواطني الدولة والدفاع عن النفس وحماية الممتلكات وأما الأسباب الغير عادلة هي التوسع الإقليمي وإخضاع الشعوب الأخرى و رغبة دولة ما في الاستقلال و الانفصال عن دولة أخري . وبعد انتهاء فكرة الحرب العادلة وبعد أن عقدت الدول الأوروبية معاهدة وستفاليا سنة 1648 وبها انتهت الحرب الدينية في أوروبا والتي أصبحت بموجبها تنظيم العلاقات بين الدول الأوروبية وكانت غايتها إنشاء نظام سلمي مستقر يأخذ بعين الاعتبار الواقع السياسي في أوروبا الذي كان يمثل توازن للقوة بين مختلف الدول , ولقد بقي هدا النظام قائم وتم التخلي عن فكرة الحرب العادلة وإبدالها بفكرة ما يسمى أن الحرب ضرورة واقعية لسيادة الدول وفي وقت طهور هده الفكرة تعهدت الدول بالمحافظة على التزاماتها واحترام المعاهدات التي تعقدها والامتناع عن التوسع الإقليمي والتدخل في شؤون الدول الأخرى وعدم اختراق سيادتها واللجوء بدلا من ذلك إلى الوسائل السلمية لحل منازعاتها. وفي نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر وفي ظل هده الفترة أعطي الحق لأي دولة اللجوء إلى الحرب استنادا إلى أنها دولة ذات سيادة وكما يجيز لها احتلال أي إقليم في ظل نظام توازن القوى, ولقد وجدت الدول انه من السهل عليها تحقيق غايتها إذا ما تخلت عن التمسك بفكرة المشروعية وهذا أدى إلى ظهور فكرة ألاَّ مشروعية في الحرب من قبل الدول في سبيل الحفاظ على أمنها والحصول على أراضي جديدة ولكن ذلك لم يمنع الدول من التمسك الشكلي بالحرب العادلة والادعاء بعدالة الأسباب المؤدية للحرب في سبيل تضمين الدول الأخرى وضمان عدم تدخلها في الحروب بجانب الأعداء وبهذا نرى أن الحروب أصبحت مشروعة ويمكن للدول اللجوء إليها . وفي نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ظهرت أفكار تدعو إلى اعتبار أن الحرب أخر وسيلة تلجأ إليها الدول لنيل حقوقها وأخذت الدول تبذل اهتماما متزايدا إلى تبرير لجوئها لاستخدام القوة لأن الرأي العام أصبح قوة ,بالاضافة إلى انتشار الثقافة والأفكار التحررية وبعد التضييق على استخدام القوة لجأت الدول إلى طرق أخرى اكثر عنفا من الحرب و لايمكن أن تعتبر حربا مثل الإكراه والانتقام وبعض أنواع التدخل والمعاملة بالمثل. أهم الظواهر تلك التي تتعلق بالولاية القانونية العالمية التي تمنح المحاكم وجهات التحقيق القضائي في بعض الدول صلاحية ملاحقة منتهكي حقوق الإنسان ومرتكبي جرائم الحرب والإبادة والجرائم ضد الإنسانية بصرف النظر عن أماكن وقوعها وهوية وانتماء مرتكبيها وضحاياها والولاية القانونية المحلية التي يخضعون لها. وهناك دول تحاول الظهور بمظهر إحترامها للقانون الدولي وتمتثل لأحكامه وهي تعمل في مجال تحريم استخدام القوة على تبرير سلوكها وإضفاء الشرعية عليه ولا توجد دولة من دول العالم تقول بشكل علني انها لاتحترم أحكام القانون الدولي المنظمة لاستخدام القوة وحتى عندما يعلن الساسة في بعض المناسبات أن دولهم لن تتحرى بعد الآن القيود التي يفرضها القانون الدولي على استخدام القوة في العلاقات الدولية فإن هذه الدول التي يمثلونها تكون حريصة على تقديم حجج داخل الأمم المتحدة تدعم موقفها من الناحية القانونية لكي تعطي التبرير المنطقي على أفعال المخالفة لقواعد القانون، وهذا ما يفسر أن القانون الدولي لم يتم وضعه إلا لخدمة الدول العظمى حتى تحافظ على وجودها وبقاء مصالحها على امتداد الكرة الأرضية لان المعركة لن تنتهي والصراع قائم ذلك أن الإكثار من استخدام القوة أو التهديد بها في العلاقات الدولية لن تكون له سوى نتائج متصلة بعدم الاستقرار وعدم التوازن وهي الحالة التي أصبح المجتمع الدولي يعيشها في ظل المتغيرات الدولية التي استطاعت أن تنعكس على واقع الفعل الدولي الذي أصبح يعاني من كثرة اللجوء إلى القوة العسكرية والتعسف في استعمالها على مستوى العلاقات بين الدول. هذا الأمر سوف يساهم في خلق مجموعة من التغيرات التي من خلالها سوف يعتاد المجتمع الدولي أن ينصت لخطاب التهديد والوعيد الأمريكي الموجه للدول بعينها إذا لم تمتثل لأمور معينة، ومن هنا تظهرالخطورة في الخطاب الأمريكي الذي يهدف إلى خرق السيادة الوطنية للدول وذلك من أجل السيطرة على مقدرات العالم والإمساك بزمام الأمور حتى لا يقف مبدأ السيادة الوطنية عقبة أمام الهيمنة الأمريكية وتوجهاتها وهذا مما يجعل الولايات المتحدة تركز على مبدأ التدخل بدعوى حماية حقوق الإنسان كذريعة للتدخل في الشؤون الداخلية للدول. و في التسعينات من القرن الماضي بدأ اتخاذ إجراءات غير عسكرية وعسكرية باستخدام القوة عن طريق الأمم المتحدة ويمارس مجلس الأمن هذه السلطات لإعادة السلم والأمن الدوليين إلى نصابهما سواء بطريق مباشر أو عن طريق تفويض الأمر إلى دولة معينة. وعلى الرغم من أتفاق المؤرخين والكتاب والفقهاء والباحثين والدارسين والمهتمين بشؤون الحرب على الأصول العامة لها،ألا أنهم قد اختلفوا في تكييف مشروعيتها،الأمر الذي أنعكس أثره في عدم اتفاقهم على وضع تعريف جامع لها . أن وضع تعريف موحد للحرب على الصعيد الدولي أمر شاق،كون المجتمع الدولي تتنازعه نظريات سياسية متعددة وإيديولوجيات متنوعة وأفكارا” وتصورات متباينة،الأمر الذي قاد بالنهاية إلى تعدد تعريفات الحرب. أما فقهاء القانون الدولي العام فقد انطلقوا في تعريفهم للحرب من فكرة التنازع والتصادم بين القوات المسلحة للدول المتحاربة.فعرفوها بأنها نضال بين القوات المسلحة لكل من الفريقين المتنازعين،يرمي به كل منهما إلى صيانة حقوقه ومصالحه في مواجهة الطرف الآخر, أو قتال مسلح بين الدول بهدف تغليب وجهة نظر سياسية وفقا” لوسائل نظمها القانون الدولي .أن هذه التعاريف وغيرها قد اختلفت في تحديد المفهوم الدقيق للحرب فمنها من أطلق وصف الحرب على كل نزاع مسلح حتى ولو لم يكن أطرافه دول وبذلك أدخل ضمن مفهوم الحرب الحرب الأهلية والكفاح المسلح والمقاومة الشعبية المسلحة،في حين ذهب قسم من هذه التعاريف إلى تعريف الحرب بمعناها الضيق ليقتصر تعريفهم على الحرب الدولية دون أنواع النزاعات المسلحة الداخلية. وأيا” كان الفارق بين هذه التعاريف ألا أن مضامينها قد أتحدت من حيث استخدام القوات المسلحة بين الأطراف المتحاربة وبغض النظر عن أوصاف هذه القوة ما دام أن الغرض منها تغليب مصلحة احد الإطراف المتصارعة على مصلحة الطرف الآخر.تتمتع الدول بكافة الحقوق والمزايا الكامنة في سيادتها، سواء على الصعيد الدولي كإبرام المعاهدات الدولية، وتبادل التمثيل الدبلوماسي والقنصلي وإثارة المسؤولية الدولية للمطالبة بالتعويض عن الأضرار التي أصابتها أو تصيب رعاياها أو إصلاح هذه الأضرار. وعلى المستوى الداخلي فللدولة حق التصرف في مواردها الأولية وثرواتها الطبيعية، كما يمكنها اتخاذ التدابير التي تراها مناسبة حيال الأشخاص المتواجدين على إقليمها بغض النظر عن صفتهم كمواطنين أو أجانب.أما مونتيسكيو فيقول إن حياة الدول مثل حياة البشر, فكما للبشر حق القتل في حالة الدفاع الطبيعي, فإن للدول حق الحرب لحفظ بقائها , والمادة رقم: 33 من ميثاق الأمم المتحدة, التي تلزم الدول بضرورة حل النزاع حلا سلميا عن طريق الوساطة, المفاوضة, التحكيم والقضاء. وإذا لم تنجح هذه الطرق تتجه هذه الدول إلى إعلان الحرب المقيدة بحالة الدفاع الشرعي, وقد إستخلص الفقهاء إستثناء الدفاع الشرعي من نص المادة: 19 التي تنص على ” الدولة التي تلجأ إلى الحرب خلافا لما تقضي به التعهدات المنصوص عليها في العهد الدولي, تعتبر كما لو قامت بإرتكاب عمل من أعمال الحرب ضد جميع الدول الأعضاء. لم يحظى الدفاع الشرعي بمكانة حقيقية إلا في ميثاق الأمم المتحدة, حيث نص على الأصل: عدم اللجوء إلى إستخدام القوة في المادة: 2/4 والإستثناء في المادة 51 وهو الدفاع الشرعي, إلا أن العرف الدولي قد سبق ميثاق الأمم المتحدة في مسألة شروط الدفاع الشرعي. فإذا كانت المنظمة الدولية هي التي تتولى – ممثلة في مجلس الأمن – إتخاذ إجراءات الأمن الجماعي لمواجهة حالات الإستخدام غير المشروع للقوة, فإن حق الدفاع الشرعي ينبغي أن ينظر إليه على أنه مكمل لنظام الأمن الجماعي, ذلك أنه إذا كان نظام الأمن الجماعي لا يستطيع منع الإعتداء أو حالات الإستخدام غير المشروع للقوة من قبل دولة ما, ضد دولة أخرى فإنه لا يقبل أن يلزم الميثاق الدولة المعتدى عليها بعدم رد الإعتداء, وإنتظار إجراءات الأمن الجماعي التي تتخذها المنظمة الدولية, خاصة في الفترة ما بين وقوع الإعتداء وإتخاذ إجراءات القسر الجماعية, وهي فترة كفيلة لإنزال الضرر بالدولة المعتدى عليها, لذا فإن حق الدفاع الشرعي أصبح في ظل الأمم المتحدة إستثناء على المبدأ العام, مما يتعين معه ألا يلجأ إليه إلا في حالة الضرورة المتمثلة في دفع الضرر الذي يترتب على الإعتداء في الفترة ما بين تحقق وقوعه فعلا وإتخاذ إجراءات الأمن الجماعي, حيث أن الضرورة تقدر بقدرها . وتعد الحرب العالمية الثانية نقطة تحول بارزة في تاريخ القانون الدولي ومسار العلاقات الدولية بسبب الخسائر الفادحة المادية والبشرية لتلك الحرب حيث بدأت الدعوة لمراجعة الأفكار والقيم السائدة (كالسيادة الكاملة للدول علي الصعيد الدولي دون قيد – وكحق الدولة المطلق في شن الحروب والعدوان) مما ادي إلي وجود قواعد جديدة كالحد من سيادة الدولة علي الصعيد الدولي وتقيد سيادتها بحدود القانون وكذلك تعديل كثير من قواعد القانون الدولي التقليدية كحق الدولة المطلق في شن الحروب حيث بات الاصل حظر استخدام القوة في العلاقات الدولية والاستثناء هو استخدامها كحالة الدفاع الشرعي مع تقييده بالعديد من القيود – كما رفعت قاعدة شرعية الاستعمار فقضي بعدم شرعيته وحكم بتصفيته والغائه – كذلك مراعاة الابعاد الإنسانية والاجتماعية في أحكام القانون الدولي – وكذلك الاهتمام بالإنسان حيث وجدت الجرائم ضد الإنسانية ومنع التمييز العنصري وخطف الطائرات وحماية التراث المشترك للانسانية وشرعية حركات التحرر الوطني وحق تقرير المصير ,كما ظهرت المنظمات الدولية والشركات متعددة الجنسيات وحركات التحررالوطني .
ويمكن القول بأن أخطر انتهاكات حقوق الإنسان والحريات الأساسية، غالبا ما يتم تبريرها من قبل الحكومات على أنها ضرورية لحماية الأمن القومي . و في معظم البلدان ينصب القادة السياسيين أنفسهم مسؤولين عن تحديد “المصلحة الوطنية” أو “التهديدات الأمنية” ، واعتمادا على اعتقاداتهم أو بالاحرى تحقيقا لمصالحهم يبدأون في انتهاك حقوق الإنسان. “وحتى في الديمقراطيات الليبرالية، يمكن للتصورات غير الدقيقة الخاصة بتهديد الامن القومي وانعدام الأمن ان تضعف و تزعزع دعم المواطن للقانون الدولي والقيم الديمقراطية. ” هذه التعريفات لـ”الأمن القومي” كثيرا ما تكون غير واضحة. وعلى نفس القدر من الأهمية، نجد مسألة “تحقيق الأمن على يد من” حيث أن السلطة التنفيذية عادة ما تستبعد السلطات الأخرى من المشاركة في اتخاذ مثل هذه القرارات.
أن التحولات العالمية في مطلع عقد التسعينيات وما رتبته من تهديدات، مثل الحرب في يوغسلافيا وكوسوفو، مثلت تحديا لحلف الناتو، ومن ثم كان قرار الحلف بالتدخل في تلك الأزمات. من ناحية أخري، فقد سعى حلف الناتو لانتهاج استراتيجية جديدة ما بعد انتهاء الحرب الباردة تستجيب ومعطيات البيئة الأمنية العالمية المتغيرة، ومنها منطقة جنوب المتوسط والشرق الأوسط. إذ شهدت قمة الحلف في روما، عقب انتهاء الحرب الباردة ، التوصية بصياغة استراتيجية جديدة للحلف، مفادها أنه يتعين علي الحلف إيلاء السياسة الأمنية للدول المتوسطية أهمية خاصة، انطلاقا من أن تحقيق الاستقرار والأمن علي الحدود للدول الأوروبية يعد أمرا مهما لأمن الناتو. ومن ثم، فقد تمثلت معضلة الحلف في تحقيق الاتساق بين ميثاقه الذي لا يتيح التدخل خارج أراضيه ومواجهة التهديدات الأمنية التي تهدد مصالح أعضائه.