الشيعة في العراق و المنطقة اليوم أمام تحدٍّ جوهريٍّ، بعد تغيّراتٍ كبيرةٍ في الجغرافيا السياسية في المنطقة، منذ طوفان الأقصى إلى الآن؛ فالوضع الدولي والإقليمي غير مستقر، وخصوصًا بعد وصول الجولاني إلى الحكم، وسيطرة الإرهاب على الشام، ومن ثم الاعتراف به، ممّا فرض واقعًا جديدًا على الشيعة في العراق والمنطقة.
ومن المؤكّد أن الكيان الإسرائيلي، ومن يقف خلفه، بصدد إكمال سيطرته وبسط نفوذه على المنطقة مهما كانت الأكلاف، لأنه أدرك أنها “حرب وجودية”.
من يدقّق في سلوك العدو، يكتشف أن العدو الصهيوني يتصرّف في المنطقة وكأنها – حسب أوهامه – قد أصبحت رهن إشارته، وعلى الآخرين التنفيذ؛ فهو يشعل الحروب، ويستبدل الأنظمة، ويشنّ العدوان على أيّ دولة أو حزب متى شاء.
سِمَة المرحلة أن يُذبَح الأطفال في فلسطين من طوفان الأقصى إلى اليوم، ثمّ انتقلت الصهيونية – حسب مخطط ترامب – إلى القتل بالتجويع، طبعًا دون اعتراضٍ من أيّ دولة، حتى إنّ الأزهر حذف تغريدته التي تواسي الأطفال الجوعى والموتى، خشية بطش الصهيونية. وأمّا المنظمات الدولية و الأمم المتحدة، فهي في غيابٍ تام.
من هنا، على الشيعة أن يشدّوا الحزام في معركة الوجود في كلّ مكان، ويشمّروا عن سواعدهم، ويتمسّكوا بالأرض والحقوق؛ فإنّ المعركة أكبر من توقّعاتنا، وواهمٌ مَن لا يرى نيرانها التي أعدّت لها الصهيونية، واستعدّت لإشعالها. وإنّ أيّ تراخٍ أو تأجيل، أو الاعتقاد بمسلك الحياد، لا يمكن أن يكون واقعيًّا في ظلّ قرار الحرب الذي أراده نتنياهو للمنطقة؛ لأنّ العدو – بعد أن فقد كلّ أدوات بقائه، وخسر كلّ أوراقه – قرّر الهروب إلى الأمام، بإيهامنا أنّه القادر على الحكم والسيطرة والتغيير، بعد أن أيقن أنه قاب قوسين أو أدنى من التراجع والانكسار التاريخي.
نعم، علينا – نحن شيعة العراق – في هذه المرحلة، ما يلي:
١. يتوجّب علينا الاستعداد الماليّ، والاقتصاديّ، والسياسيّ، والأمنيّ.
٢. علينا أن نترسّم خُطى المرجعية فيما أشارت إليه: بأن لا يتراجع محور الحق، ولا ينكسر، مهما كانت التضحيات.
٣. علينا – وكما طلب الإمام الخامنئي و المرجع السيستاني – تعبئة الأمة، ورفع مستوى الوعي.
٤. علينا أن ندرك أن الحرب الموجّهة إلينا مزدوجة الجوانب: من الصهيونية ومن الإرهاب، فلا بد أن نكون بمستوى الحدث.
٥. علينا أن نتمسّك بقوّتنا وأدواتنا: من الحشد الشعبي والمقاومة، فهما طريقنا إلى إثبات وجودنا، ومواجهة التحدّيات القادمة.
٦. علينا أن ندرك – بيقينٍ راسخ – أنّ العدو يعاني من نقاط ضعف وتراجع وخلافات بين محاوره، وكلّها أدوات قوّة لنا.
٧. العدو لا يرحم الخائفين؛ فقد توسّل الدروز بإسناد ظهورهم إلى الكيان الغاصب، فكانت النتيجة استباحة حرماتهم، وحلق “شواربهم”.
٨. على شيعة العراق الجديّة في إنجاح العمليّة الانتخابيّة، لتشكيل حكومة قادرة على خوض المرحلة، والاستعداد الجادّ لقادم الأيام.
٩. علينا أن نراقب الحدود والمناطق الرخوة، حتى لا يتحرّك العدوّ الإرهابيّ ثانيةً في العراق؛ فإنّ ورقة الإرهاب يُعدّ لها حثيثًا.
١٠. على شيعة العراق و اليمن و لبنان و إيران أن يتوحّدوا توحّدًا جادًّا، لمواجهة عدوٍّ قرّر أن يتوحّد لاستهدافهم.
١١. الإطار التنسيقي يتوجّب عليه إدراك التحدّيات، وفهم المخطّطات؛ فلا بدّ – والحال هذه – من وضع الاستراتيجيات.
١٢. رفع شعار الحياد في الحرب لا يبدو أنّ هذا المنهج مسموعٌ من العدوّ؛ فإنّه قد وضع المنطقة بين مَن ينفّذ مخطّطه، ومَن يكون عدوّه. ومن هنا أكّدت المرجعية أنّ المنطقة إلى محورين: (الحق و الباطل)، ولا ثالث بينهما، والحياد في ظلّ تقسيمات العدوّ ضربٌ من الخيال.
١٣. علينا أن نُعمِّق الثقافة المتّصلة بـ أهل البيت عليهم السلام، ونستمدّ قوّتنا من الإمام المهدي عليه السلام، فكلّ هذه الحرب للسيطرة، ومنع الظهور المهدوي.