27 ديسمبر، 2024 7:31 ص

الحرب السنيّة — الشيعية‎

الحرب السنيّة — الشيعية‎

لا توجد أية تسمية أخرى يمكن أن تطلق على ما سوف يحدث في غضون أسابيع قليلة على الأراضي السورية — غير تسمية واحدة لا غير : ( الحرب السنيّة – – الشيعيّة ) هذه هي الحقيقة و التي يتجنب بعضهم الخوض فيها من باب عدم الأنحياز او من باب العلمانية و الترفع عن الخوض في مسميّات طائفية هي أصلا قد فرضت نفسها على ساحة الأحداث

الحقيقة أن هنالك أرادتين تتصارعان في المنطقة ( منطقة الشرق الأوسط ) الآن هما : الأرادة الشيعيّة و محورها ( أيران العراق سوريا و حزب الله و أنصار الله الحوثيون — تتكأ على دول عظمى مثل روسيا و الصين ) و الأرادة السنيّة الوهابية ( السعودية و دول الخليج و تركيا و مصر و الأردن و بعض الدول الأسلامية –تتكأ على دول عظمى مثل أمريكا و الناتو ) و يبدو أن لعبة كسر العظم وصلت ذروتها بين الطرفين نتيجة للصمود الأسطوري للجيش العربي السوري و الإنجازات الكبيرة التي حققها بغطاء روسي و مساعدة أيرانية و شيعية ( حزب الله و كتائب أب الفضل العباس ) و التي قادت الى تحرير الكثير من القرى و محاصرة حلب و تأمين الحدود التركية بشكل كامل و على الضفة الأخرى أنتصارات مذهلة و كبيرة للجيش العراقي معززا بقوات ( الحشد الشعبي الشيعي ) و التي حررت أكثر من 65% من الأراضي العراقية المغتصبة من قبل ( داعش بمباركة تركيا و التحالف السني )–لكن  الأحداث الأخيرة  قلبت الطاولة تماما و بدأ المشهد أكثر وضوحا بأن النصر الشيعي على الأبواب — مما دعا  التحالف الوهابي السني الى أستحضار خطة السناتور الأمريكي  لينزي غراهام عندما صرّح في ايلول (سبتمبر) الماضي، عندما قال ان الاستعدادات تجري لدخول مئة الف مقاتل الى سورية لمحاربة “الدولة الاسلامية”، تسعون الفا منها من دول عربية، اما العشرة آلاف الباقية فستكون امريكية غربية، — هذه الخطة أصلا كانت موضوعة سابقا و لكن تم تفعيلها و اللجوء اليه الآن بعد ان أنقلبت المعادلة تماما لصالح التحالف الشيعي في غضون الأيام و الأسابيع القليلة الماضية لذلك سارع التحالف السني الوهابي الى تفعيلها –!! لأنقاذ حلفائهم في المعارضة السورية و التي بدأت تترنح و في طريقها الى الزوال

المأزق السعودي أو الفخ الذي أعدّ بأحكام لتوريط السعودية ( كما وصفه الأمير الوليد بن طلال ) في حروب ( لا ناقة لها فيها و لا جمل ) لحلب ما تبقى لديها من أموال ( هذا اذا علمنا أنها فاتحت البنك الدولي أصلا من أجل أقراض السعودية ) هذا أولا” — و ثانيا لمعاقبتها لأنها الحاضنة و المدرسة الحقيقية لكل حركات الأرهاب في العالم و الداعم الأول له — و طبعا السعودية التي أصبحت عبارة عن مملكة يقودها فتى في الثلاثينات من عمره هو الأمير ( محمد بن سلمان ) تتقاذفه النصائح المفبركة من كل من هبّ و دبّ من المغرضين و هو ينقاد أليها بشكل مغناطيسي غريب — فهو من ورّط السعودية في حرب خاسرة في اليمن و التي لم تستطع لا السعودية و لا حلفاؤها تحقيق أي نصر له قيمة بعد 11 شهر من الحرب على التحالف ( الحوثي الصالحي ) هذا اذا علمنا أن هذا التحالف ( الحوثي الصالحي ) ليس له من الأسلحة غير القديم و المحدود و طرق الدعم من التحالف الشيعي تكاد تكون معدومة له — كل هذا و السعودية و الحلف الوهابي السني لم يحققوا نصرا” له قيمة تذكر في الجبهة اليمنية — اذن السؤال الذي يطرح نفسه ما لذي سيحققه التحالف الوهابي السني في الجبهة الشمالية السورية او العراقية و أبواب الدعم مشرعة على مصارعها والقوات الروسية و الصينية و الأيرانية و الفصائل الشيعية تقاتل على الأرض و بشكل أسطوري ؟

أذن هي الحرب السنية الشيعية على الأبواب و التي سرعان ما ستتطور الى حرب أقليميّة و لا نستبعد حتى عالمية اذا ما تم قصف القوات التركية من قبل الطيران الروسي حيث أن روسيا تتربص بتركيا لتثأر لنفسها و كرامة الأمة الروسية و لا نعرف ماذا سيكون ردة فعل حلفاء تركيا في الناتو و حلفاء روسيا في الصين من أندلاع مواجهة حقيقية بين روسيا و تركيا — اذن الأيام القادمة ستكون صعبة جدا بل كارثية على المنطقة و العالم بأسره تزامنا” مع قوات روسية قد نشرت بالقرب من الحدود السويدية  و أن السويد بدأت تعد نفسها  للحرب  و منظري الحروب في أمريكا  يتحدثون عن قدرة روسيا على أجتياح دول الناتو في أوربا بوقت قياسي و الكثير من القاذفات الروسية بدأت بالتحرش المتعمد بالناتو في بحر الشمال و البلطيق  و روسيا فعلا تستعد لأرسال المزيد من قوات النخبة الى الحدود السورية التركية لتأمينها

أن ما لا تعرفه السعودية ان القتال في الساحة السورية سيكون مختلفا تماما عن كل قتال خاضته في اليمن — أنّه قتال يتضمن كل الحقد الوهابيّ على العقيدة الشيعيّة  مقابل كل الحقد التأريخي والثأري و الأيدلوجي الشيعي على العقيدة الوهابية — أن الشيعة لن ولم ينسوا ما فعلته الوهابية و السعوديون في كربلاء والنجف و هدم الأضرحة و قتل الشيعة و التنكيل بهم في بداية الدعوة الوهابية في نهاية القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين و لم ينسوا ما فعلته الوهابية السعودية من تأمر على العراق و شعبه و أيران و شعبها و سوريا و شعبها و اليمن و شعبها  و لبنان و شيعته — نعم الوهابية السعودية – و ليس السنية العربية الأسلامية – كانت وراء كل مصائب الشيعة و كوارثهم — و كان أخرها أعدام الشيخ نمر النمر و الذي سيكون حاضرا في هذه المواجهة و بقوة  والآن جاء جيش الوهابية لقتالهم في أرضهم — ليضعوا الشيعة أمام فرصة تأريخية للاقتصاص من الوهابية السعودية و التعالي الخليجي التركي و لسان حالهم يردد الأهزوجة العراقية المشهورة ( الموت على الحد موش على الوسادة )

أن الثمن الذي ستدفعه السعودية سيكون مروّعا بكل القياسات — أقتصاديا و عسكريا  وسياسيا و لا نعرف — قد يكون وجوديا أيضا و هنا تكمن الكارثة و التي لم يدركها الشاب المندفع ( الأمير محمد بن سلمان ) أن وجود أسرته في البقاء في دفة الحكم سيكون على المحكّ و السؤال الذي يطرح نفسه : هل تدرك السعودية أية لعبة تلعب و مع من ؟ وهل تدرك السعودية أن الغرب و أمريكا بالذات سيكونون بموضع المتفرج على القتال الأسلامي الأسلامي .؟ و هل تدرك السعودية أنها تقدم خدمة لأسرائيل لم تخطر على خلد أكثر دهاة السياسية في أسرائيل ؟ بتحويل الصراع العربي الأسرائلي الى صراع سني شيعي ؟ و أخيرا  أتخاذ قرار الحرب سهلا جدا — لكن قرار أيقافها سيكون أقرب الى المستحيل ؟ و بالنتيجة ما لفائدة التي سوف تجنيها السعودية و الدول السنية و العربية من قتال المسلمين بعضهم بعضا ؟ أو ليس هذا التحالف السني هو ذاته الذي وقف عاجز 11 شهر من حسم معركته في اليمن أمام ( التحالف الحوثي الصالحي ) و هذا الأخير لا يشكل 5 % من القوة في التحالف الشيعي على الأرض السورية المدعوم من دول عظمى مثل روسيا و الصين ؟

ثم هنالك تساءل يطرح نفسه ” اذا كانت السعودية يقودها ملك مصاب بالزهامير وسلّم مقاليد الحكم الى فتى في الثلاثين من عمره – – تحوّلت قرارات بلاده في عهده الى قرارات متسرعة و غير محسوبة العواقب و أدّت الى كوارث على كل الأصعدة ( عسكريا و سياسيا و أقتصاديا ) — فما بال بقية الدول السنية ؟ ألا يوجد عاقل واحد بهم ألا يصغوا الى صوت العقل و المنطق الآ يعلمون الى أي مأزق و أية كارثة يقودهم اليها شاب في الثلاثين من عمره ؟ نعرف أن غالبية هذه الدول تكاد تكون دول مفلسة او في طريقها الى الأفلاس و هي بحاجة الى الهبات و المساعدات السعودية  لذلك أنخرطت في حلف أقرب الى ( حلف الشحاذين ) بل وصل الأمر أنّه لم يتم أخذ رأي هذه الدول او حتى استشارتها في هذا الحلف !! لقد صرّح غالبية قادة هذا الحلف أنه ليس لهم علم او دراية بهذا الحلف السني الآ من خلال وسائل الأعلام !! أية كارثة هذه و أية سياسية تقودها السعودية ؟

و أخيرا نقول : قبل سنة تقريبا كان فائض الميزانية السعودية و الأحتياطي وصل الى أكثر من 600 مليار دولار و لكن بعد أن أنخرطت السعودية بمغامرات ( العراق و سوريا و اليمن ) تلاشى هذا الرقم تماما في ظل أنخفاض يومي لأسعار النفظ و الذي يشكل أكثر من 90 % من ميزانيتها و أوصلها الى مفاتحة البنك الدولي للأقتراض منه و في النتيجة مالذي ربحته السعودية في العراق او اليمن او سوريا هي او قطر او دول الخليج ؟ أنها الخيبة فقط و أهدار الثروات و فتح حنفية الدماء على أخرها

و الشئ الذي أحّب ان أذكره للتحالف الوهابي السني — أنّ تطورا سريعا قد حصل اليوم في العراق عندما أعلن الحاج ( هادي العامري ) قائد الحشد الشعبي في العراق أن عشرة فصائل منطوية تحت مسمى الحشد الشعبي ستتوجه الى سوريا للدفاع عن مرقد السيدة زينب و لنصرة سوريا ضد الغزو الوهابي السني و ان فتوى المرجعية بالجهاد قائمة — هذا اذا علمنا أن 50 ألف شيعي أفغاني و هندي أكملوا تدربهم تحت أمرة الحرس الثوري الأيراني و بقيادته تم نقلهم الى الحدود العراقية الأيرانية أستعدادا للذهاب الى سوريا مجهزين بأحدث الأسلحة

أخيرا أتمنى أن يدرك قادة التحالف الوهابي السني أن أنطلاقة شرارة الحرب ( السنية الشيعية ) ستحرق عروشهم واحدا تلو الأخر و أن قضيتنا المركزية في فلسطين سيتم أدخالها الى غرفة الأنعاش الى أشعار أخر و أن المنتصر الوحيد في هذه الحرب هو أسرائيل.