18 ديسمبر، 2024 10:20 م

الحرب الجديدة والسيف العربي المسلول

الحرب الجديدة والسيف العربي المسلول

بعيدا عما تقدمه تأويلات حقيقة ما يسمى بتنظيم الدولة الأسلامية في العراق وسوريا ومقدمات ظهوره المفاجيء وتداعيات ممارساته الأرهابية على الأرض ، فالعالم اليوم منشغل جدا بالتحالف الدولي الكبير بقيادة الولايات المتحدة الأميركية لكسر شوكة هذا التنظيم الأرهابي المتنامي ، وبالتالي ينبغي علينا أن نفهم حقيقة ما يجري بتأن ، ومن حق المراقب الموضوع أن يتساءل : ما هو حجم القوة الحقيقية التي يمتلكها هذا التنظيم ؟ هل ثمة حدود واضحة للأرض التي يسيطر عليها هذا التنظيم ؟ ما هي أهداف وستراتيجية هذا التحالف الدولي الكبير ؟ هل هناك أهداف أرضية محددة بعينها ينبغي أن تطالها الطائرات الأميركية – الفرنسية – العربية ؟ أين مقر العمليات العسكرية مثلما كانت في التحالف الدولي الذي أخرج الجيش العراقي من الكويت في شباط 1991 ؟ هل ثمة جدول زمني محدد للفعاليات العسكرية ؟ من هي القيادة العسكرية المشتركة ذات الجنرالات المحنكة والمفترض وجودها في ساحات القتال ؟ لماذا لم يتم التركيز على القوات التي من المفترض أن تمسك الأرض ؟ هل يتعرض هذا التنظيم الأرهابي الآن لضربات عسكرية موجعة ؟ هل تم هروب المسلحين من أرض المعركة ؟ أم قتلوا جميعا ؟ من هو البديل الذي سوف يمسك الأرض بعد القضاء على هذا التنظيم ؟ هل يتطلب الحال أن توجه هذه القوة العسكرية الفتاكة بطائرات أف-22 الحديثة وطائرات أف-18 وأف-16 واف-15 , وصواريخ توماهوك وكروز الجبارة والقنابل (الأنزلاقية) حديثة العهد لبضعة مئات من المسلحين أفضل ما لديهم قاذفات أربي جي -7 والرشاشات الأحادية المحمولة على سيارات البيكب والرشاشات المتوسطة والبنادق القناصة الخفيفة ؟ أين دور الجيش العراقي وقوات البيشمركة في مسك الأرض ؟ ما هو دور النظام السوري ؟ أين مساهمات الجيش الحر والمعارضة السورية ؟ هل لديهم دور واضح ؟

حسب التقارير الواردة يقال ، والعهدة على الراوي ، بأن هذه الحرب ربما ستمتد الى ثلاث سنوات ، بتكاليف قد تصل الى تسعة مليار دولار

أميركي (أعتقد أن ثمة صفر قد سقط سهوا من هذا الرقم) . ويقال كذلك بأن الأرهاب الدولي القادم من هذا التنظيم قد يحصل على موطيء قدم في أرض الولايات المتحدة وأوربا !! وسوف تعبر سيارات البيكب وقاذفات الأر بي جي -7 بحر الظلمات لتواجه أقوى دولة بالتاريخ ذات القوات الجوية التي هي أكبر والأكثر تكنولوجيا بين كل قوات الجو الموجودة في العالم . أي عقل هذا الذي يصدق هذه الأدعاءات التي يطلقها المسؤولون الأميركيون والفرنسيون والبريطانيون !! أتمنى أن يتبادر الى ذهن كل مسؤول عربي هذا النوع من الأسئلة الواضحة وهم يتعرضون الى هذا النوع من غسيل الدماغ ؟

خلاصة القول ، وأرجو أن لا يدخل القاريء العزيز في متاهة التأويلات الصادرة من هنا وهناك ، فأن جذور الأزمة الحالية في الشرق الأوسط هي محض أقتصادية ، وذلك لغرض السيطرة أكثر فأكثر على ثروات المنطقة وتأكيد سهولة تدفق مصادر الطاقة الى أميركا والدول الغربية ، كالغاز والبترول ، وحجب التطلعات الروسية والصينية للنفوذ في المنطقة ، فضلا عن حماية أمن أسرائيل ، وهذا شيء معروف للقاصي والداني ، ولكن لكل مرحلة أسلوبها في (الحلب) ، ولكل عقلية عربية حاكمة طرائق للتعامل السايكولوجي معها . الحكام العرب اليوم باتوا في موضع لا يحسدون عليه في التردي الكامل والأنصياع المذل لهذه السياسات التي يفهما أبسط أنسان بالتحليل المجرد ، ولكن الخنوع أخذ مأخذه ، والسيل لن يبلغ الزبى . وأن أسلوب التعامل في المرحلة الحالية مع الدول العربية المشمولة بعمليات (التصفية) و(الحلب) يتجسد في ما يسمى بالجيل الرابع من الحروب ، المستند على تسخير إرادات الشعوب في تنفيذ مخططات العدو !! والحرب بالوكالة والإكراه ، وإفشال الدولة المستهدفة ، وزعزعة استقرارها ومن ثم فرض واقع جديد يراعي المصالح الأميركية . ولكن ما هي مميزات هذا النوع من الحروب ؟ إذ يتوجب على العرب في هذا النوع من الحروب أن يغضوا النظر عن العدو الحقيقي والأتجاه الى عدو آخر . الحكومات العربية ينبغي أن لا تستجيب لتطلعات شعوبها حتى وأن طبقت الديمقراطية المعلبة فيها . فاتورة الحساب ينبغي أن تبقى مفتوحة من غير نقاش . العمليات العسكرية التي تجري في هذا النوع من الحروب

تكون ذات طابع كارتوني مفترض ، والقوات المعادية تبقى في حدود العالم الأفتراضي ، عدة وعددا . غسيل دماغ غير مسبوق يجعل الحكام العرب يصدقون ما يقال لهم . ولكي تتحقق أهداف هذه اللعبة الكارتونية ، ينبغي أن تحصر العمليات العسكرية بالطيران الجوي والصواريخ بعيدة المدى فقط ، بحيث لا يتطلب الحال تواجدا عسكريا فعليا على الأرض . وهنا يمكن للطائرات العربية أن تشارك بذاتها وفي نفس الوقت تتحمل التكاليف !! ولكن السؤال الذي يطرح نفسه : ماهي تشكيلة التحالفات الدولية في المنطقة ؟ وماذا عن القوى العظمى التي تقع في الطرف المقابل ، روسيا والصين ، وحليفاتها أيران وسوريا ، وما هو دور الحكومة العراقية الجديدة : هل لديها دور مفترض في حبك خيوط هذه اللعبة ؟ إن مواصفات اللعبة الأميركية – الأوربية – الأسرائيلية لا تخلو من مقامرة ، ولم تتضح بعد ماهية تفكير التحالف المضاد لها . ومن الوارد جدا أن تلجأ هذه الدول المناوئة لأميركا الى سياسات وأجراءات مباغتة ، ولكن يبقى ثقل السياسة الأميركية وحلفاؤها هو الأقوى في الوقت الحاضر . وسوف ينجح التحالف الدولي الذي تقوده أميركا تحت شعار القضاء على داعش في تحقيق أهدافه المرحلية والبعيدة المدى ، ومن أهمها فك الأرتباط السوري الأيراني وأضعافه الى حد الأضمحلال التدريجي ، اعادة السيطرة الكلية مجددا على العراق وأضعاف النفوذ الأيراني به ، عكس المعادلة الشيعية – السنية في العراق لصالح العرب السنة بسبب إنشغال السياسيون الشيعة بالفساد المالي والأداري ، تقوية البيشمركة على حساب المركز ، أنشاء أضخم قاعدة عسكرية أميركية في كردستان ، حجب الطموحات الروسية في نقل الغاز الطبيعي الى أوربا وبالتالي سهولة التحكم باقتصادها ، تهيئة الأجواء المساعدة على إنشاء خط نقل بديل للطاقة من الشرق الأوسط الى أوربا وأميركا عبر أسرائيل ، وأخيرا القضاء النهائي على كل ما يسمى بالقضايا العربية المصيرية بالسيف العربي المسلول وطائرات الجيل الرابع .. فهل من مبارز !!!