إن ما يحدث في لبنان من وضع اقتصادي سيء وازمة بانزين وارتفاع أسعار المواد الغذائية وغيرها من الأستخدامات العائلية إضافة لإزمة انقطاع الكهرباء والماء، لم يكن مؤامرة كونية كما يطلق عليها البعض، بل هي ازمة داخلية سببها الحرب الباردة بين زعماء الطوائف على حساب معاناة الشعب اللبناني، فتولدت خارطة جديدة وعهد جديد ومافيات تتاجر في معاناة ومآسي شعب لبنان المغلوب على أمره، والمؤامرة الكونية اكذوبة يطلقها سياسي الطوائف لإقناع الشعب على تحسين وجه الحكومة الذي فشلت لتحسين الوضع الداخلي للبلد، لكن الذي حدث هي مؤامرة داخلية غايتها إسقاط التحالفات السياسية وبناء خارطة جديدة لحكم لبنان غير آبهين لمآسي ومعاناة شعبهم.
الشرارة الأولى.. ثورة 17 تشرين الأول أول الاحتجاجات اللبنانية عام 2019 ، هي سلسلة من الاحتجاجات المدنية التي تجري في لبنان، والتي اندلعت في البداية بسبب الضرائب المخططة على البنزين والتبغ والمكالمات عبر الإنترنت على تطبيقات مثل واتساب، لكن سرعان ما توسعت لتصبح إدانة على مستوى الدولة للحكم الطائفي ، ركود الاقتصاد، البطالة التي بلغت 46% في 2018، الفساد الموجود في القطاع العام، التشريعات التي ينظر إليها على أنها تحمي الطبقة الحاكمة من المساءلة (مثل السرية المصرفية) إخفاقات الحكومة في توفير الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والصرف الصحي وغيرها، كانت إنتفاضة وثورة شعبية كبيرة جداً، وفي نفس الوقت عفوية، من هنا بدأت الحرب الباردة بين زعماء الطوائف لإستغلال هذا العدد المهول من الثوار لنفسة وإسقاط الآخر محاولاً تتويج أنفسهم ابطال الثورة العفوية الذي انبثقت من معاناة الشعب اللبناني، والكثير دخل على خط الازمة وبدأت تأخذ منحى آخر وبالطريق الخاطئ من غلق الطرقات والاعتداء على الاموال العامة والخاصة، ويتم كيل التهم لطائفة على حساب طائفة اخرى، وبعضهم اطلق عليها مؤامرة كونية وتدخل خارجي وهو لم يحصل نهائي، وهذا معروف على من يفشلون لقيادة دولة القاء التهم بهذه المؤامرات الكونية الذي ليس لها اساس.
كان افضل الرابحين في هذه الحرب الباردة (حزب الله) استطاع ان يمد جذور حكومة إيران داخل لبنان الذي هي تمثل مس بالسيادة اللبنانية ومرفوضه من بعض الطوائف، واستطاع مد جسور جديدة بين لبنان وسوريا، واكبر الخاسرين رئيس الحكومة سعد الحريري، الخطأ الكبير هو استقالة رئيس الحكومة السابق الحريري توقع بهذه الاستقالة يكسب تأييد الشعب والتفاف الجميع حوله، لكن لم يكن يعرف أن هناك حرب بارده بين زعماء الطوائف تحاك ووضع لها اسس وجذور وتنفيذ، وكانت ممكن تمتد الى حرب داخلية تأكل الاخضر واليابس، والدليل ادراك رئيس الحكومة بأن الاستقالة كان امر خاطئ، رشح نفسه لرئاسة الحكومة وحاول بكل ما يستطيع لتصحيح الخطأ والرجوع بقوة كسياسي وقائد معتدل لكن لم يتمكن، علماً ان الشهيد رفيق الحريري هو من بنى بيروت وهو من جعلها قبله عالمية للسياحة العالمية ، فقط الموقف الدرزي بقيادة المفكر الكبير القائد وليد جنبلاط يعي بمخطط الحرب الباردة وبقى متفرج يكتفي بوضع التحليلات الموضوعية وتجنب الصدام الداخلي.
سبق وان ذكرنا اعلاه في خضم هذه الفوضى انبثقت مافيات على اعتاب معاناة شعب لبنان، والذي يخيطون في مسلة المؤامرة الكونية انكشفت الاوراق، وان المؤامرة من داخل لبنان ومن رحم الشعب الذي ينقسم لعدد من الطوائف، والموالاة والطاعة ذهبت ادراج الرياح امام مغريات الربح الكبير بالمتاجرة بالبانزين وتخزين السلع واللعب على ارتفاع الدولار، لم يكن للدول الاخرى أي تدخل في شؤون لبنان لضرب اقتصاده، هل تخزين البانزين بملايين اللترات من قبل مافيات البانزين لبيعه بالسوق السوداء مؤامرة خارجية وارتفاع الدولار وانقطاع الكهرباء والماء مؤامرة من قبل دول الجوار، اصبح لبنان مجموعة تجار وسط تجار بحيث هذه المضاربات تولد مليارات تفوق ارباح تجارة المخدرات، واصبح الصدام داخلي بين مكونات الطائفة الواحدة عند محطات الوقود، والحكومة واقفة صامتة مما يدور من صراعات داخلية على لقمة الخبز الذي يقاتل الشعب اللبناني على الحصول عليها حتى لو كان بسيلان الدماء.
الضجة الكبيرة من هبة رئيس حكومة العراق الكاظمي لتحسين وضع الكهرباء لم تأتي خيراً للشعب اللبناني، بعد تفريغ اول حمولة من العراق تدهور القطاعي الكهربائي اللبناني الى صفر بالمئة، واصبح نقص في فيول الكهرباء مع اعطال في المحولات، فتحول الصراع الى سياسي لإسقاط اي حكومة آتية او سعي الحكومة لإنتشال لبنان على ما هو فيه من تدهور وانهيار تام، وولدت مافيات جديدة على خط الازمة لبيع الماء الى الشعب وبأسعار ليس له قدره المواطن اللبناني وتفوق طاقته على توفير ثمنها، بعدما تخلت عنهم شركة الماء الرئيسية بضخ الماء للشعب ، بحجج واهيه عدم وجود كهرباء او عطل في المضخات، هذا ما يحدث في لبنان حرب بارده وصراعات سياسية ادى الى انهيار تام لجميع مفاصل الدولة وكان ضحيتها شعب لبنان.