18 ديسمبر، 2024 9:09 م

الحرب الاقتصادية بين أمريكا وإيران: من سيخرج منتصراً ؟

الحرب الاقتصادية بين أمريكا وإيران: من سيخرج منتصراً ؟

باتت حروب اليوم اقتصادية تقوم على فرض العقوبات التي تنهك الدول وتضعفها وتحولها لفريسة سهلة للمساومات والإملاءات الخارجية، فلا يختلف اثنان في أن العقوبات التي فرضتها الإدارة الأمريكية ضد ايران في هذا الوقت الهدف منها نقل إشارات تحمل في طياتها العديد من الرسائل أهمها الضغط على إيران وحلفاؤها الذين ساهموا في القضاء على المشروع الإرهابي بهدف تحقيق المشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة، بالإضافة إلى كسر إرادة الشعب الإيراني حتى يستجيب لمطالب حلفاء أمريكا، بهذه الاستراتيچية قررت أمريكا مواجهة عدوها اللدود إيران التي استغل السنوات التي انشغلت فيها واشنطن بحروبها في الشرق الأوسط لتدعيم مكانة طهران ، رغم أن ايران استطاعت أن تصمد أمام عقوبات أمريكا لأكثر من ثلاثة عقود من الزمن وتتطور اقتصادياً وعسكرياً وعلمياً، وهنا نتساءل، ما الذي تريده الولايات من ايران وكيف ستتعامل مع العقوبات الجديدة ؟.

في هذا السياق لا يمكن فصل ما تتعرض له ايران من تقييد وضغوط أمريكية عن تلك الحرب الكبرى التي تدور بين واشنطن وطهران، حيث تستهدف الإدارة الأمريكية عبر مجموعة من العقوبات الموجهة تجفيف الموارد المالية للحكومة الإيرانية التي لجأت إلى ممارسة الإرهاب الاقتصادي من خلال الحصار وتضييق الخناق على شعب اختار الصمود في وجه الإرهاب الأمريكي المدعوم دولياً وإقليمياً وفرضت أمريكا عقوبات اقتصادية مشددة على إيران، في أعقاب إسقاط طهران لطائرة مُسيرة أميركية، فيما يأتي على رأس قائمة العقوبات، هذه المرة، المرشد الأعلى، آية الله علي خامنئي، وذلك بهدف إضعاف إيران التي انتصرت في الميدان العسكري في سورية لتنتقل المعركة إلى الميدان الاقتصادي وإجبارها على تغيير أجندتها السياسية والعسكرية في إقليم الشرق الأوسط.

وعن الأسباب الحقيقية للعداء الأمريكي لإيران هو لجم إيران وتقويض نفوذها المنطقة وعرقلة برنامجها الصاروخى الباليستى الذى يهدد حلفاء واشنطن من أجل انصياع صانع القرار الإيراني لطاولة المفاوضات مجددا، كما يعبر عن موقف إسرائيل الإرهابية ضد إيران، وهو مدفوع من قبل دول خليجية والتي تتمنى من أمريكا ليس فرض العقوبات الاقتصادية على إيران فحسب، وإنما تتمنى منها مهاجمة وضرب طهران، وهذا ما تريده هذه الأنظمة ومعها إسرائيل لأن إيران دعمت المقاومة في المنطقة ضد العدوان الأمريكي وضد الاحتلال الإسرائيلي الإرهابي للأراضي العربية و وقفت إلى جانب الجيش العربي السوري التي تحارب التنظيمات المتطرفة على كافة الأرض السورية.

هنا لا بد أن نذّكر بقدرة إيران على الإستشعار عن بعد فيما يتعلق بالعقوبات الاقتصادية كونها تملك مجموعة كبيرة من الخيارات بهذا الشأن، بحيث كان هناك إعتماد سياسة الإكتفاء الذاتي ولديها تجربة كبيرة في ثمانينيات من القرن الماضي يمكن الإستفادة منها وهذا كان له دور كبير جداً في تدعيم صمود إيران ، وإنطلاقاً من ذلك إن الشعب الإيراني الذي يُعد مركز الثقل السياسي المقاوم سيستمر بصموده في مواجهة هذه الحرب الشرسة ولن يقبل بالهزيمة وستبقى إيران قادرة على مواجهة كل التحديات القادمة كما واجهتها سابقاً، وبطبيعة الحال لن تقف طهران مكتوفة الأيدي أمام العقوبات الأمريكيَّة، وستتوجه لاتِّباع مجموعة من الاستراتيجيات والخيارات من أجل إبطال فاعلية العقوبات الخطيرة، بخاصَّة تلك التي تتعلق بالتجارة والتبادلات المالية مع العالَم الخارجي. كما لا بد من التذكير بما قاله الرئيس الإيراني حسن روحاني: إن “فرض العزلة على الشعب الإيراني الذي هو هدف إجراءات أمريكا الجدیدة سیكلفهم ثمنا باهظا جدا وسیكون الشعب الإیراني أكثر مقاومة مما مضي أمام ذلك”. كما قال السفير الإيراني لدى الأمم المتحدة، “ماجد تاخت رافانشي”، إن العقوبات الجديدة التي فرضتها “واشنطن” على “طهران”، “لا تظهر الاحترام للقانون الدولي”، مشددًا على أنه لا فرصة للحوار بين “الولايات المتحدة” و”إيران”، طالما بقي التهديد بالعقوبات قائمًا.

مجملاً….إن هذه العقوبات لن تؤثر كثيرا على ايران، لذلك لا أعتقد أن هناك تداعيات جديّة للعقوبات على الإقتصاد الإيراني بل على العكس من ذلك قد يدفعها ذلك إلى تطوير صناعتها والتقليل من الإستيراد، لذلك أستبعد إمكانية فرض عقوبات حقيقية على إيران لأن ذلك سينعكس على الإقتصاد العالمي بشكل عام لما تملكه إيران من موارد طبيعية ولمساحتها الشاسعة ، أيضا تستطيع روسيا أن تلعب دوراً كبيراً، لأنها منذ البداية وقفت إلى جانب حقوق إيران المشروعة بكل ما تقوم به إيران، بالدفاع عن حقوقها ومصالحها وحقها الشرعي في امتلاكها للطاقة النووية السلمية وفي حال تم فرض عقوبات ضد طهران يعني ذلك أن الاقتصاد العالمي سوف يتكبد أضراراً مختلفة، وبالتالي فإن تأثير أية عقوبات محتملة سيكون ضئيلاً بالنسبة لها.