23 ديسمبر، 2024 5:56 م

الحربُ بين البغدادية و المالكي ..من أشعلها ؟

الحربُ بين البغدادية و المالكي ..من أشعلها ؟

المتتبع للمشهد السياسي و الإعلامي في العراق بعد العام 2003م يرى إن انطلاق قناة البغدادية قبل ما يقارب ألثمان سنوات لم يكن حاملاً في طياته لأي أجندات خارجية أو أهداف معارضة للعملية السياسية أو داعمة لعودة البعث وأفكاره أو مروجة للإرهاب وأعماله بل العكس من ذلك تماماً , انطلقت البغدادية بكل وطنية وحرية وشفافية وهي تدينُ وتجرمُ الإرهاب ومن يدعمه داخلياً وخارجياً أمام الرأي العام وما اقترفه من أعمال وحشية بأبناء الشعب العراقي من خلال إنتاجها للعديد من البرامج المباشرة والمسجلة والأفلام الوثائقية والدراما التي تختصُ بشأن الإرهاب , وكشفت ممارسات البعث المقبور وسلطة صدام وما كانت تفعله أجهزته الاستخباراتية والقمعية بالمعارضين والوطنيين والمطالبين بالحرية والتحرر بإنتاجها أيضا لمسلسلات أحدثت طفرةً نوعية بتأريخ الدراما العراقية التي ظلت تراوح مكانها لعقود من الزمن كـ مسلسل السرداب وسنوات النار وأمطار النار , وأيضا عملت البغدادية على كشف الفساد والمفسدين بوزارات ومؤسسات ودوائر الدولة في برامجٍ وصلت درجة الاحترافية في الاستقصاء والبحث وهي سابقةٌ لم يشهدها الإعلام العراقي بحسب أساتذةٍ وأكاديميين متخصصين كـ برنامج (المختصر) لـعبد الحميد الصائح و(أستوديو التاسعة) لأنور الحمداني حتى اتُخذ الأخير شعارا لأحد المؤتمرات العلمية السنوية لكلية الإعلام بجامعة بغداد قبل سنتين.

و لم يكن شخص رئيس الوزراء وحكومته بمؤسساتها الأمنية والعسكرية و الرقابية على الإعلام تحمل أي عداء أو ضغينةٍ أو حقد اتجاه البغدادية والعاملين فيها وما يثبت نية ذلك هو أطلاق سراح (منتظر الزيدي ) بعد شهورٍ قليلة من اعتقاله على خلفية قذفه لفردتي حذائه على الرئيس الأمريكي جورج بوش خلال مؤتمر صحفي في بغداد فأخطأته وأصابت العلم الأمريكي , و كذلك لم تمانع الحكومة ورئيسها من أجراء أي مقابلة صحفية أو إعلامية مع كوادر البغدادية المنتشرة في جميع محافظات العراق ..

لكن ماذا حدث وقبل عام تحديداً ؟

_ (من قبل الحكومة)… بتوجيه من مكتب القائد العام للقوات المسلحة إغلاق تام لمكاتب البغدادية الرئيسية والفرعية في بغداد والمحافظات ومداهمة بعضها ومصادرة أجهزت البث والإرسال فيها !

_(من قبل البغدادية)… تحول البرنامج الاستقصائي الأول في العراق (أستوديو التاسعة) إلى برنامجٍ تسقيطٍ سياسي موجه ضد شخص رئيس الحكومة وحزبه مع إنتاج برامج أخرى تهدف إلى نفس الغرض كـ (سنوات الفشل ) الذي يعرضُ حالياً .

_(من قبل الحكومة )… إصدار مذكرات إلقاء قبض بحق مدير عام البغدادية عون الخشلوك والمقدم أنور الحمداني وبعض الشخصيات التي تظهر على شاشتها.

_(من قبل البغدادية )… العمل على تقارب وجهات النظر بين الكتل والائتلافات وتوحيدها ضد رئيس الوزراء وحزبه .

لكن ما يجب أن يقال ………

إن البغدادية لم تفكر في يوم من الأيام أن تعادي المالكي شخصيا بل كانت تكشف الفساد والمفسدين وتطلب منه بكل مهنية وأخلاقية لشرف العمل أن يتحقق من الوثائق التي تعرضها وان يحاسب المفسدين و السراق ويطردهم وكانت تُشيد بالكثير من المواقف له .

وحتى المالكي لم يكن واضعاً في حسبانه أن يتعامل في يوم من الأيام مع البغدادية كقناة معادية للعملية السياسية ومحرضة على الفتنة الطائفية وداعمة للإرهاب بل كان يفتح بابه أمامها للتواصل مع الشعب و الجمهور من على شاشتها بين الحين والأخر حيث أجرى لقاءات مهمة و كثيرة مع اغلب مقدميها ومنهم عماد العبادي ونجم الربيعي وعبد الحميد الصائح وغيرهم ..

ويبقى أن نصل إلى أن المستفيد الأول والوحيد من إشعال هذه الحرب بين البغدادية والمالكي هم المفسدون المهيمنون والمتغلغلون في وزارات ومؤسسات الدولة الذين صوروا للحكومة إن البغدادية هي قناة تعادي العملية السياسية وتعادي شخص رئيس الوزراء تحديدا وما تبقى من عمر حكومته بدعم وتمويل من الخارج ..والحقيقة هي ليس كذلك فالبغدادية تدافع عن حقوق الشعب التي سرقها أولئك المفسدون و ليست ضد شخص رئيس الوزراء أو ضد أي أحدٍ سوى المفسدين والمجرمين ..