الحربُ عكّازةٌ تتمشّى في أزقّةِ المنكوبين , الجثامينُ التي خلّفتها هناكَ يضاجعها ليلٌ عراقيٌّ أسود في ( المملحة )*, الناجونَ مِنَ الخرابِ تركوا ( بساطيلهم )* مزروعةً عشعشَ فيها فأرٌ عنيد , وحدها الأجسادُ منسيَة يحفظُ أوجاعها ملحٌ أُجاج , تعوي الملاجىءُ تستميحُ القلقَ يستشري في مناهلها , تشابكتِ الحرابُ تتراقصُ مجنونةً تكوّرُ عوراتَ القصائد . يستمرُ شريط ُ السلسلاتِ المستوردةِ ما الذي تأتي بهِ سوى بؤساً نكرعُ مُرَّ مشاهدهِ , تتزاحمُ الفواجعُ فيها بينَ سلامٍ يركضُ مستعجلاً وحربِ تشخبط ُ فوقَ اسمائنا , دائما تتناهبُ أحلامَ القطا بنادق الصيادينَ ولمّا تبلغُ الفطامَ , نفلّي أصواتَ السنينَ المضاعةِ على أنغامِ أزيزِ الشجون , كمْ إبتكرتْ لنا تواريخاً تموسقُ القذائف ألحانَ مواويلنا الشجيّةِ , شتّتنا وراءَ البحارِ غرباءَ منفيّينَ تترقرقُ أغصاننا كلّما داعبتْ المسافات البعيدة هذا الحنين . الى مَ تلاحقنا وتشيخُ صباحاتُ اولادنا غرباءَ في أوطانهم ! تلوكُ لحومهم المجنزراتِ على موائدِ الخيانةِ , تدبّجُ شرفات النهارِ تأوّهاتنا الناعسة تعصفُ فيها خساراتنا المتكررة , مذهولاً سأظلُّ أدقُّ أبوابَ بلادٍ أنهكتها الحروب , ربّي لا تذرّني فرداً أحملُ قرابيني معي يشرّدني جنودك المتخمينَ بالكذب , أنتظرُ طوفانكَ الأخيرَ لعلّهُ يكنسُ ما خلّفتهُ في روحي هذي الحروب .
· المملحة : منطقة في مدينة الفاو العراقية حدثت فيها معارك شرسة .
· بساطيلهم : أحذية الجنود .