كنت في مقالٍ سابق لي ” توثيق فوتوغرافي للحرامي ” قد توقعت أسبابمواجهة المطلق السراح بجريمة ما سميت ” سرقة القرن 2.5 مليار يتيمة ” نور زهير, زوم الكاميرات بأريحية تامة, بدون أدنى مشاعر الحرج او الندمبل كانت ” بوزاته ” تحدي مطلق !
تساءلت في المقال هل هو تحدي وقح للعراقيين المسروقين او هي نظرة تهديدلمن يقفون وراءه, ويفكرون التضحية به ككبش فداء لينعموا بما جاد به منأموال ونفوذ وتمكين. أو هي ربما ثقة تامة بإفلاته من السجن سالماً غانماً, بشكل من الأشكال..
تبين لاحقاً أنه كان قد هدد وأنذر, من سجنه الفاره, ولاة الأمور : ” أطلع قبل1 / 12 لو أگـلب الطبگ عالطابگـ “*. هذا نقلاً عن خطيب جامع ومنعلى منبره.
https://www.youtube.com/watch?v=1Cq5498JgmQ&ab_channel=%D9%82%D9%86%D8%A7%D8%A9%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%AD%D8%B8%D9%87
وكان له ما أراد, وأخلي سبيله بكفالة مالية ( ربما من نفس المال المسروق ) يوم 25 / 11 تشرين الثاني 2022.
اليوم قرأت خبراً, أنه أنهى فترة كفالته القانونية المتفق عليها مع القضاء, فهليا ترى جرى استدعاؤه, مرة أخرى, أمام الجهات القضائية المسؤولة ؟
يعود فضل الكشف عن عملية سرقة صندوق الأمانات الضريبية. حقيقة, لمصطفى الكاظمي رئيس الوزراء السابق الذي قدم أوليات عملية الفساد إلىالقضاء قبل أشهر من خروجه من موقع المسؤولية.. وما تبع القبض علىشبكة سارقي أموال الضرائب بعد تسنم رئيس الوزراء الجديد محمد شياعالسوداني, ما هو الا تحصيل حاصل.
يُحتمل أن يكون لرئيس الوزراء السابق الكاظمي, دوراً في دحرجة الأمرللحكومة الجديدة وقدّم لهم هذه الهدية الإشكالية, في إطار التغالبالسياسي المحتدم ؟ أراد بها أحراج الجهات التي تقف وراء نور زهيروسرقة الودائع, بعد أن ” غسل إيده ” وتيقن بعدم وجود أي أمل لتمديد فترةحكمه.
ويُحتمل أيضاً, أن الصراعات بين أجنحة الإطار التنسيقي الشيعي علىالمراكز والغنائم, دفعت طرف منها إلى كشف المستور والتضحية بفاسد منالدرجة الأدنى لإحراج غرمائه الآخرين, ووضعهم أمام محكمة الرأي العامالنابذة لهم أصلاً, وجني المحصول منفرداً, لكنه تفاجأ بفداحة العاقبة التيستطال الجميع, فعملوا على تدارك الأمر ب ” صفقة القرن ” كما أطلق عليهاالبعض, بإرجاعه لجزء من البوگة.. القابضون على السلطة هم بالنهايةأصحاب النهايات السائبة في كل قضايا الفساد والسرقات ولجانهاالتحقيقية السابقة والواردة, وبالخصوص المتعلقة بقوت المواطن وسلامةالبلاد وحريتها, فكيف بهم لا يبذلون الجهد الجهيد لتسويف وتمييع فضيحةسرقة طالت خدّامهم الذين يديرون شبكات فسادهم, والتي قد تصل نيرانهاإلى أقدامهم وتكشفهم عراة امام الرأي العام…
لابد أن أعترف للسارق نور زهير بحدة الذكاء وحتى العبقرية أو أنه علىالأقل ” مفتح باللبن “, ولم يكن ساذجاً ! لأنه يبدو قد إتخذ كل الاحتياطاتاللازمة من احتمالات غدره وخيانته من الأطراف التي يخدمها, بمواجهتهممرة بهيئته الواثقة في الصور ثم بتهديده الحاسم القاطع : حديث قلب ” الطبگ عالطابگـ “ وكشف الحقائق والشخصيات السياسية التيتتعامل معه, فيما لو أبقوه في السجن…
وأسقط كل احتمالات مساعدته في انتحار ذاتي في زنزانته كما حدثللمسؤول الكوري في ميناء الفاو, أو تدبير ذبحة قلبية او جلطة دماغية توديبحياته.. فربما لم يُبق أسراره حبيسة قلبه, بل سربها إلى أشخاص موثوقينآخرين أو دونّها على أوراق محفوظة في مكان آمن ما, وهو بتهديده قدأوصل هذه الإشارات إلى ذوي الشأن, لوأد خططهم ومؤامراتهم..
من الملاحظ أن إجراءات التحقيق معه أنجزت بسرعة البرق وبدون أيمحاولات ضغط أو تعذيب أو فرض اعترافات, عكس ما نالوه شباب انتفاضةتشرين الوطنيين النزيهين من معاملة مهينة وتعذيب وحشي… فهو حقيقة, لايحتاج لذلك, ليس لأن هناك من أوصى به, بل استعداده الذاتي للبوح بمالديه من معلومات, برحابة صدر. و أكاد أكون واثقاً أنه مستعد لفضح كل مالديه من معلومات إلى الإعلام, فيما لو تعرض لأدنى حالات الامتهان, ولهذااستنفرت كل قوى السلطة جهودها لتلافي المحظور لضمان سكوته.
وهذا يعني أن ما جرى من إخراجه من مسرحيات بطولية بالإعلان عناعتقال شبكة فاسدين, أُريد منها تسويق نجاح باهر لحكومة محمد شياعالسوداني في ظهوره التلفزيوني مع أكداس الأموال المسترجعة وأحبطها نورزهير نفسه ذلك بتهديداته, فلا يمكن الدوس على ذيله, كما يقال, ويبقىساكتاً, ومن ثمة جاء قرار إخلاء سبيله !
ويُحسب لنور زهير إنه أول عراقي استطاع إذلال طغمة الفساد واخضعهالإرادته, وهو من إفرازاتها.
الخطاب الإعلامي الجديد للمتحدثين باسم الأحزاب الإسلامية لخداع الجماهير ” المفتحة باللبن “أخذ يدعي بأن ليس هناك أحزاب فاسدة بل أفراد فاسدين في هذه الأحزاب.
نتساءل إذاً : لمن تتبع ” المكاتب الاقتصادية التابعة للأحزاب ” وماذا كانت تفعل طوال كل هذه السنين ؟ هلذهبت ملياراتها لعموم العراقيين أم للأطراف السياسية المتحاصصة على تقسيم الكعكة فقط ؟ ومن أينلكم كل هذا الثراء الاسطوري المفاجيء ؟ أليس ذلك دليل على فساد أحزابكم, بقادتها, بتركيبتهاالتنظيمية, بأذرعها المسلحة, بشيوخ تدليسها وقنواتها الفضائية…
وأحد دلائل فسادها, انها لا تجرؤ الكشف عن مصادر تمويلها ومن أين لها قصور قادتها ومقرات أحزابهاوتمويل ميليشياتها وكذلك الصرف الباذخ على قنواتها الفضائية.. ؟ بالتأكيد هذه الأموال مسروقة منثروات العراقيين ولقمة عيشهم..
العلة ليست فقط في سارقي المال, افراداً وكيانات, بل بالنظام الذي هيأ لهم الظروف المناسبة لارتكابجرائمهم, وهو نظام المحاصصة النهبوي وتوزيع الكعكة الذي يتمسكون به بمخالبهم وأنيابهم, لأنمصيرهم من مصيره !
إنهم يستثمرون في قصر ذاكرة بعض المواطنين واستغباء البعض وشراء ذمم آخرين, لتسويق أحزابهمواظهارها بمظهر ورع تقي نظيف, وهو إدعاء أصبح يُضحك العراقيين.
* ” أگـلب الطبگ عالطابگـ !” – تهديد يعني أكشف المستور.
* ” مفتح باللبن ” – يعني لا يفوته شيء, يدل على النباهة والفراسة. أي يرىالأشياء الخفية حتى بالبياض الناصع.
الاستعمال الشائع هو ” العراقي مفتح باللبن “.