يشهد السودان من اسابيع حركة احتجاجات شعبية او تظاهرات واسعة في العاصمة الخرطوم وولايات سودانية اخرى، كان المحرك الاساس فيها، رفع اسعار الخبز، لكنها وفي سرعة تحولت الى المطالبة بتنحي البشير عن سدة الحكم الذي امضا فيه ما يربوا على الثلاث عقود وهو لايختلف، كما غيره من سدنة النظام الرسمي العربي، البشير من جهته؛ رفض التنحي وشدد على ان التغيير يجب ان يكون عن طريق صناديق الاقتراع، هذه السياسة او هذا الرد جوبه بالرفض من قبل الاحزاب المعارضة له ولحكومته، مع ان قسم منها كان مشارك في السلطة لكنها انسحبت، حين بدأت التظاهرات الشعبية. الجل الاعظم من هذه الاحزاب او الحركات والأقوى والاكثر حضورا في الشارع هي احزاب وحركات اسلامية، واغلب قياداتها متواجدة في خارج السودان وعلى وجه التحديد في قطر وربما دول اخرى. يحاول النظام امتصاص غضب الناس باجراءات ترقيعية لا ترقى الى مستوى الحلول الناجعة وفي مقدمة هذه الحلول هو الاعلان الرسمي عن التنحي وتسليم مقاليد الامور الى حكومة انتقالية من جميع الوان الطيف السياسي السوداني والبدء باجراء حوارات واسعة وشاملة على هذا الطريق تفضي الى وضع ميثاق عمل وطني ينتشل السودان مما هو فيه الان، بدلا من مجابهة المتظاهرين بالرصاص كما قام وفعل غيره من الحكام العرب ولم ينفع او لم يجدِ نفعا ما فعلوا.. وقد أدى ما قاموا به، في حينها، الى اسقاطهم في نهاية المطاف، الذي لم ينته بل انتهى الى خراب الوطن وتهجير الناس ودفعهم الى النزوح والمنافي. من المرجح جدا ان لاتنتهي هذه التظاهرات ويعود الوضع في السودان الى ما كان عليه قبل هذا الحراك الشعبي، بل تستمر وتقود الى ماقادت اليه اخواتها في الدول العربية التى حدثت فيها وانتجت ما انتجت من دمار وانفراط العقد المجتمعي وفقدان بوصلة الترميم والتسوية السياسية الذاتية،بل على العكس من هذا، تم تسليم امرها اي المخرج من نار اتونها الى عقل ويد وخطط الربان الدولي والاقليمي، عليه ان هذا الحراك سوف يتواصل ويتوسع ويتضخم، بسبب ما عزم النظام عليه، من امتصاص هذا الفوران الجماهيري بمحاولات غير ناجعة من قبيل زيادة الاجور للعمالين في القطاع العام ونسي النظام او تناسى ان القسم الاكبر منهم اي من المتظاهرين؛ اما عاطلون عن العمل او انهم يعملون في القطاع الخاص او انهم يعملون بحسابهم الشخصي وهو بالتكيد عمل بائس لايسد الرمق في بلد يختنق اقتصاديا ويعاني الكثير من الضائقات الاقتصادية بعد ان سلخ منه، جنوبه وخسر بهذا الانسلاخ مورد النفط ..ان هذا الحراك الجماهيري في جوهره واساس انطلاقه هو البحث او المطالبة بالحياة الكريمة في العيش الذي يليق بالانسان ويكون له صوت في اختيار من يحكمه، هذه المطالب سرعان ما استثمرتها الاحزاب المعارضة لحكومة البشير. ان الوضع في السودان وما آلت اليه اوضاع ما يسمى بدول الربيع العربي، يستوجب على حكومة البشير وما كان يعارض حكمه وما صار الآن يعارضه؛ أخذ العبرة مما حصل للدول العربية انفة الذكر، بالركون الى الحوار في ايجاد مخرج واضح وببوصلة وخارطة عمل محددة الاهداف ورسم خط الشروع، خط مقنع لجميع الاطراف. ان اي طريق غير هذا الطريق اي طريق كبح جماح الناس بالرصاص ودفعهم الى المهادنة والسكون بالقوة والاجبار، لهو طريق يتقاطع مع الواقع وسوف يقود الى الدمار والخراب والتشتت ويقود الى قتتال عرقي واثني بالنتيجة، ان الدولة سوف تفقد او يضعف ذراعها العسكري والامني، اذا ما طال امد الصراع، ويسبب القتتال العرقي والاثني او ان هذا الاقتتال هو من سوف يضعف قوة النظام الامنية والعسسكرية، حين يستثمر الفور والزغاوة والمساليت في دار فور( حركة تحرير السودان والعدالة والمساواة) عندما يستمر الحراك الشعبي وبلاحل صحيح وناجع، وبدلا عن هذا، يتم مجابهة هذا الفوران بالرصاص وهذا هو على ما يظهر، ان النظام مصم عليه، تكون النتيجة هي الفوضى وفقدان السيطرة اي ان النظام سوف يفقد سيطرته على مجريات الامور وتحولاتها. ان قليم دارفور وعلى وجه التحديد حركة او جيش تحرير السودان والعدالة والمساواة، خاضا ولسنوات حربا ضد النظام، وما الاتفاق الاخير بين الطرفين والذي اوقف الى حين، سفك الدماء، فهو اتفاق هش..أذاً ما ان ينهار الوضع في السودان في ظل غياب الحلول الناجعة، سوف يدخل السودان كما دخل غيره من الدول العربية التى طالتها رياح التغيير في الذي سمي في حينه؛ دول الربيع العربي، الى الحرب الاهلية والخراب..وتنتشر على ارضه جيوش عرقية واثنية واخرى من الساعين الى السلطة ومغانمها..عندها تضييع الحلول وتتدخل القوى الدولية والاقليمية كما هو حاصل الان في بقية الاوطان العربية مما مزقها الخراب العربي..نآمل ان لايصل الخراب الى السودان الذي فيه من عوامل الانقسام اكثر بكثير مما في دول الدمار العربي التى سبق ذكرها.