القيادة فن وحنكة وأخلاق ومسؤولية، ولها ضوابط ومعايير وشرائط ،أقرَّها الشرع والعقل والفطرة والأخلاق والإنسانية، يجب أن تتوفر في شخص القائد، فإذا تولى قيادة الأمة أو المجتمع شخص توفرت فيه شروط القيادة ومعاييرها فإنه سيأخذ بيدها نحو الخير والصلاح، وأما إذا تسلط عليها من يفتقد تلك المعايير وليس أهل للقيادة فسيكون مصيرها إلى السفال والانحدار، فحاله حال الربان الذي لا يجيد فن قيادة السفينة فلن يستطيع أن يرسوا بها إلي بر الأمان والنتيجة أن يغرق الجميع….
نماذج القيادة الفاشلة لم تغب عن مشهد الحياة لا في الماضي ولا في الحاضر وهي لازالت المتربع على عرش الزعامة وبيدها مقاليد الأمور ومن اخطر تلك النماذج هم سلاطين وخلفاء وقادة وأمراء التكفيريين التيمية الذين تسلَّطوا على رقاب الأمة الإسلامية باسم الدين وهم لا يصلحون لرعي بضعة أغنام فآل مصيرها من سيء إلى أسوأ، كما وصفهم احد المحققين في تعليق له على ما أورده الذهبي، حيث قال المحقق: إنَّ ابن العلقمي لم يكن وزيرًا قبل أنْ يصير وزيرًا في سنة (642هـ)، فلم يكن له أيّ دور تنفيذي أو استشاري في عمليّة المؤامرة والانقلاب على خفاجي واغتياله وتضييعه، وليس له أيّ دور في تنصيب الخليفة المستعصم الذي لا يَصلُح لأنْ يرعى بضع أغنام، فكيف بشعوب الإسلام وبلدانها؟!! ولا دور لابن العلقميّ في تمكّن الدويدار والشرابيّ والمماليك السلاجقة وسيطرتهم على مقاليد الحكم في بغداد، وبالتأكيد لا دور له في زمن خلافة المستنصر، فيكذب كلّ مَن يدَّعي خلاف ذلك!!!.
لاشك إن تقدم ورقي المجتمعات مرهون بتولي القيادة التي تمتلك مؤهلات القيادة، أما إذا كانت القيادة فاقدة للمعايير والمؤهلات الشرعية والأخلاقية والعلمية والإنسانية، فسيكون حال المجتمع هو التخلف والتقهقر والسفال، وهذا هو حال المجتمعات الإسلامية والعربية (إلا ما ندر) مع شديد الأسف والتي ينبغي أن تكون في طليعة المجتمعات وقدوة لها لأن الإسلام حث على ضرورة تولى القيادات التي تتوفر فيها شروط ومؤهلات القيادة البعيدة عن تأثيرات المحاباة والمحسوبية، والانتماءات الطائفية أو الحزبية أو الفئوية… وغيرها!!!.،
ولهذا فأن الواقع المرير والتجربة المأساوية تفرض على الشعوب المنكوبة وفي طليعتها الشعب العراقي مراجعة المواقف وإعادة النظر في عملية اختيار القيادات وتنصيبها من خلال اعتماد المنهج العلمي الموضوعي الحر لكي يخرج من النفق المظلم الذي دخل فيه…