18 ديسمبر، 2024 11:28 م

الحد الفاصل بين الوطنية والتبعية

الحد الفاصل بين الوطنية والتبعية

لم نكن نؤمن في يوم من الايام بتقسيم الشعب العراقي على وفق اية تقسيمات سواء كانت قومية او دينية . الا ان الشعب قد انزلق في فترة عصيبة من تاريخه الحديث الى منعطفات طائفية خطيرة سالت فيها دماء كثيرة ، وكادت تطيح به وبمستقبل الوطن كله . ولكن الله تلطف وانقذه من كارثة خطط لها الظلاميون لاشباع اطماعهم ورغباتهم المريضة وبدفع من دول استعمارية واقليمية عديدة لاتريد لهذا الوطن ولا لشعبه خيرا ولا مستقبلا

وعندما فشلت مخططات التقسيم الطائفي. جرت محاولات عديدة لتدمير البنية الاجتماعية للشعب والدولة فتم تمكين عصابات داعش لاحتلال اراضي ومدن عراقية . ولكن هذا المخطط لم يدم طويلا. فتم تحرير المدن المحتلة من الدواعش بفضل صمود وبسالة الجيش العراقي، وفصائل وطنية من الحشد الشعبي . ولكن فصائل اخرى محسوبة على الحشد الشعبي، حاولت تخوين الجيش العراقي في محاولة بائسة ويائسة لاهانة هذا الجيش الابي والدعوة لحله بعد الانتصارات التي احرزها على الدواعش المجرمين في المناطق المحررة . وازاء ذلك تناخت كل الفعاليات الوطنية المخلصة للدفاع عن درع الشعب، الجيش العراقي الباسل ضد كل التوجهات المغرضة لتنفيذ اجندات خارجية لها اطماع تاريخية في العراق . وقد ادى ذلك الى انحراف بعض الجهات والافراد من المخدوعين بالفكر الديني الضيق والولاء لقدسيات زائفة على حساب الولاء للوطن وجيشه الباسل، فتبنت هذه الاطروحات المشبوهة . ومن هذه التجربة تم فرز الوطني العراقي الاصيل عن الخونة ومن والاهم من الامعات المخدوعين بشعارات واباطيل كاذبة

ومؤخرا وبعد سلسلة الهجمات على بعض مقرات فصائل مسلحة تدعي انتماءها للحشد الشعبي، انبرى بعض السياسيين لتحريض الشارع العراقي على مقاتلة الامريكان والدعوة لمحاربتهم. . كما اصدر المرجع الديني العراقي المقيم في طهران كاظم الحائري فتوى لمحاربة الامريكان في العراق . وقد استجابت بعض الفصائل المسلحة لهذه الفتوى ومنها عصائب اهل الحق، وربما في وقت لاحق حزب الله العراقي . وبذلك فتحت الابواب لادخال العراق في حرب جديدة والتضحية بابناءه من اجل اهداف بعيدة عن اماني وتطلعات شعبنا الصابر

وهكذا هي الحكومات التسلطية التي تستهين بالشعب وتسحقه بالفساد والطغيان. وما ان تتعرض لاي خطر تحث الشعب المغلوب على امره للدفاع عنها، تحت ادعاءات مزيفة واكاذيب باطلة

وازاء ذلك ظهرت قطاعات واعية من الشعب العراقي تستنكر زج العراق في حروب اقليمية او دولية لامصلحة له فيها مستغلين الوازع الديني لبعض البسطاء من الناس لتنفيذ اجندات خارجية لاتريد الخير والاستقرار لهذا الشعب

ولذلك نرى فرزا موضوعيا هذه المرة بين من ينتمي للعراق والاخلاص له ولارضه وتاريخه وبين من يغلب ولاءه الديني او المذهبي على الولاء للوطن ليحارب الى جانب ايران ضاربا بعرض الحائط مصلحة الشعب العراقي الذي ابتلى بحروب مستمرة لانهاية لها.. ونحن هنا لانتهم فصائل من الحشد الشعبي بموالاتها لايران، بل انها تعلن يوميا وعلى رؤوس الاشهاد انها تنتمي لولاية الفقيه وترفع صور الولي الفقيه وتدافع عن ايران في كل زمان ومكان

وفي هذا الصدد غرد السيد مقتدى الصدر قائلا انه
“يجب على الحكومة الإسراع للتحقق من الأمر ولو بإشراف دولي، فإن ثبت جرمهم وإرهابهم فعلى الجميع التحلي بالصبر وعدم التفرد بالقرار؛ فإن العراق ماعاد يحتمل مثل هذه التصرفات الرعناء”

كما دعى السيد حيدر العبادي السيطرة على (جماعات غير منضبطة)، داخل العراق، ووضع حد
للصراع الايراني الامريكي او الاسرائيلي بعيدا عن ارض العراق وشعبه

فيما حذر المجلس العراقي للسلم والتضامن من مخاطر الحرب مستنكرا التحشيد العسكري الأمريكي، داعيا إيران إلى ضبط النفس والركون إلى الحوار . وقال نقيب المحامين ضياء السعدي في كلمة تلاها (ابتداء احيي وقفتكم الاحتجاجية التي تأتي استجابة لدعوة المجلس العراقي للسلم والتضامن تحت شعار لا للحرب ونعم للسلام في تعبير وطني ومسؤول ينطلق من الحرص الشديد على سلامة العراق وابعاده شعبا ووطنا وسيادة واستقلالا دون ان يكون ساحة للصراعات الاقليمية والدولية)، مشددا على ضرورة ان يكون هناك وحدة في الموقف، من شعوب المنطقة، لان الحرب بالنتيجة لا يتحمل وزر اثارها، الا الشعوب والمجتمعات لتزيد في فقرها وتخلفها ومعاناتها، والحرمان من حقوقها الاساسية في الحياة والسلام والتقدم والتطور البشري

ان كل الذين يحشدون الشعب لمحاربة الامريكان، وكل الماسكين للسلطةفي العراق جاءوا بالدبابات الامريكية فعلى من يضحك هؤلاء المنافقين، وهم ينادون لمحاربة الامريكان على ارض العراق. وبعضهم تابع لرئيس الوزراء الاسبق نوري المالكي الذي وقع على اتفاقية الاطار الاستراتيجي مع الولايات المتحدة. هذه الاتفاقية التي خولت امريكا حمايةامن العراق. مما سمح لها التدخل السافر في شؤونه الداخلية

كما ان ايران قد ابدت استعدادها مرارا للتفاوض مع امريكا، ولكن ميليشياتها واتباعها في العراق قد اصبحوا ملكيون اكثر من الملك ، وهم يزايدون لتوريط العراق بحرب مدمرة، خصوصا وان هناك مصادر تؤكد قيام ايران بنقل صواريخها البالاستية الى اماكن مقدسة في العراق لحمايتها. اضافة الى وضعها في مناطق سكنية عراقية، مما ستكون وبالا على العراق وشعبه الذي يفتقر لابسط الخدمات الاساسية ، وفيه من يتحسر حتى على لقمة الخبز

ان العراق بحاجة الى اعمار شامل وايجاد فرص عمل للمواطنين غير حمل السلاح. ويتوجب على الحكومة ضمان امن المواطن بدل الدخول في حروب بالوكالة
ونحن هنا امام مفترق طرق بين التمسك بالوطنية العراقية والمحافظة على العراق ارضا وشعبا وبين تنفيذ اجندات اجنبية . ولذلك فاننا ندين بشدة كل الاصوات الداعية للحرب . وان على الميليشيات مغادرة المدن العراقية والبحث عن اماكن اخرى للحرب غير ارض وشعب العراق، فكفانا حروبا ومتاجرة بدماء العراقيين تحت شعارات واهداف مشبوهة لاتخدم العراق وشعبة.