لم نعثر على الحديث بهذا اللفظ ” الانسان سرّي و أنا سرّه” في مصادرنا الروائية،  الا أنه ورد بالفاظ قريبة من ذلك ويبدو انه من الكشف ومن الاسرار.
و يمكن القول في بيان المراد من الحديث – بغض النظر عن وجوده في المصادر الروائية و عدمه- أن الحديث اذا ما قورن ببعض الآيات القرآنية يعد من الاحاديث المقبولة المتن؛ و ذلك اننا عندما نعود الى الوصف القرآني لبدء خلق الانسان و الحوار الذي دار بين الملائكة و بين الله تعالى، و الذي اشارت اليه الآية الشريفة ” وَ إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَليفَةً قالُوا أَ تَجْعَلُ فيها مَنْ يُفْسِدُ فيها وَ يَسْفِكُ الدِّماءَ وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَ نُقَدِّسُ لك” حيث كان اعتراض الملائكة منصبا على أن القضية لو كان مجرد قضية عبادة و تسبيح و تحميد، فنحن نقوم بذلك فما الحاجة لخلق الانسان!! الا ان الرد الالهي إنطلق من قضية أعمق من ذلك حيث قال عزّ من قائل: ” قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ”. و هذا يكشف عن أن القضية تتعلق بحقيقة الانسان و ماهيته التي تجهلها الملائكة. والبعض قال عنه انه  يمكن القول بان الله تعالى قال في جوابه للملائكة ان في هذا  المخلوق سرّاً لا تعلمونه.كما قال أيضا أضف الى ذلك اننا عندما نرجع الى الآية المباركة ” وَ اذْكُرْ رَبَّكَ في‏ نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَ خيفَةً وَ دُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ وَ لا تَكُنْ مِنَ الْغافِلين‏” نراها تشير بصورة دقيقة و خفية الى كون  الله تعالى سر من اسرار الانسان، و كذلك الآية الشريفة ” الَّذينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى‏ جُنُوبِهِمْ وَ يَتَفَكَّرُونَ في‏ خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّار”.فهذه الطائفة من الآيات ناظرة الى الاسرار التي يحملها الانسان عن الله تعالى و أن الله هو حامي  و حافظ تلك الاسرار بحسب راي البعض ويقول صاحب تفسير روح المعاني في بيانه للحديث المذكور “الانسان سرّي و انا سرّه”: يعني سره ظاهر سري و صورة سري، و سري باطن سره و حقيقة سره،  و أن سر الإنسان عبارة عن الحقيقة الانسانية الظاهرة على صورة الحقيقة الالهية كما قال عليه السلام (خلق اللّه آدم على صورته) و لما نزلت تلك الحقيقة الانسانية من مرتبة الغيب الى منزلة الشهادة و تجلى لها الحق سبحانه بجماله و جلاله أودع في جانبها الشرقي نور جماله و جانبها الغربي ظلمة جلاله، و اقام في الاول ملكا يهدي الى الحق و في الثاني شيطانا يدعو الى الباطل و من هنا يمكن القول بان الانسان الكامل المتمثل بالنبي الاكرم (ص) و أئمة الهدى (ع) هو سرّ الإله سبحانه و تعالى. والحق ان السر غير الظهور وان تجلى السر في الظهور فلايحمل قوله تعالى الانسان سري على تجليه عز وجل في الانسان كما لايقتصر حمل قوله عز من قال انا سره على كونه جل علاه باطن وغيب الانسان فقط بل الامر اعظم من ذلك بكثير وهو سر الاسرار والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.