منذ قيام نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية على أثر تمکن التيار الديني في الثورة الايرانية من مصادرة الثورة وجعلها ذات طابع ديني، فإنها قد واجهت عددا کبيرا من المشاکل والازمات الحادة والتي عصفت البعض منها به وحتى کادت أن تسقطه ولکنه ولأسباب وظروف وعوامل ذاتية وموضوعية تمکن من الخلاص خصوصا من حيث لعبه على الحبال وإستفادته من التناقض الموجود بين العوامل الداخلية والعامل الخارجي ووجود مجالات له لکي يناور ويلعب ويساوم من خلالها، غير إننا لو لاحظنا الازمة الحالية الخانقة التي يمر بها هذا النظام، فإننا نجد إنها”أي هذه الازمة”تختلف إختلافا جذريا عن بقية الازمات الاخرى التي مرت بالنظام بل إنها أزمة غير مسبوقة من کل النواحي، إذ يجد النظام نفسه ولأول مرة في مفترق معظم طرقاتها منغلقة بوجهه وإن الازمة هذه هي أزمة عامة وتضع النظام کله أمام تحد وتهديد غير مسبوق الى الحد الذي صار جناحا النظام يعلمان بهذه الحقيقة المرة ولايستطيعان إخفائها أو تجاهلها وعدم الاشارة إليها والحديث عنها.
الحديث الآن في طهران يتركز على البحث عن مخرج للأزمة الحالية بصورة عامة وبشکل خاص في جانبيها الاقتصادي والسياسي، خصوصا بعد أن وصلت الأوضاع إلى درجة حرجة جدا تنذر بالانهيار في أية لحظة، فوخامة الأوضاع الاقتصادية تجاوزت الحدود المألوفة بكثير وباتت تخيم بظلالها على الحرس الثوري والأجهزة الأمنية للنظام، خصوصا بعد أن بات هناك ترکيز دولي على دور ونشاط الحرس الثوري والاجهزة الامنية الايرانية خصوصا بعد إفتضاح النشاطات الارهابية للنظام والتي کانت بمشارکة وتنسيق بين وزارة المخابرات والحرس الثوري، وهذا يشكل تهديدا كبيرا جدا لأمن واستقرار النظام ويكسر واحدة من أهم صمامات الأمان للنظام، خصوصا وإن عزلة النظام الدولية قد وصلت الى حد ومستوى يمکن وصفه بالخطير والحرج جدا بالنسبة للنظام، ومن هنا وفي ظل تصاعد الاحتجاجات الشعبية وتزايد نشاطات معاقل الانتفاضة التي صارت توجه ضربات موجعة للنظام، فإن هناك تحديات غير عادية بوجه النظام وتتطلب عملا جادا وإلا فإن هناك مفاجات أنكى وأدهى، بل وحتى إن التظاهرات الصاخبة الاخيرة التي حدثت يوم الخميس الماضي في مدن الاهواز ومشهد وبهبهان حيث طالب المتظاهرون خلالها برحيل النظام ورددوا شعارات من قبيل”لا لغزة ولبنان روحي فداء لإيران”، فيما أطلقت قوات الأمن الرصاص على المحتجين لتفريقهم، تدل على إن النظام قد وصل الى مرحلة حساسة جدا وإن الحديث الاهم في هذا البلد أصبح حديث سقوط النظام وليس أي حديث آخر، والذي يجب أن ننتبه إليه جيدا ونأخذه بنظر ا؛اعتبار والاهمية هو إن هذه التظاهرات والاوضاع الحرجة جدا التي يواجهها النظام حاليا تزامنت مع إنعقاد”المؤتمر العالمي من أجل إيران حرة لتأييد انتفاضة الشعب الإيراني”، في 17 تموز الجاري، والذي کان أکبر مٶتمر دولي من نوعه عبر شبکة الانترنت وقد أثبت هذا المٶتمر وبکل وضوح أن المطلب الاساسي للشعب الايراني والمقاومة الايرانية والذي لايمکن المساومة عليه والتخلي عنه هو حديث إسقاط النظام وإن تزايد وتيرة وسياق النضال الشعبي في داخل إيران وبلوغه مستويات غير مسبوقة الى جانب تزايد غير مسبوق کما أسلفنا للعزلة الدولية التي يعاني منها النظام وفي نفس الوقت الانفتاح الدولي على الشعب الإيراني وقواه الوطنية المناضلة وعلى رأسها المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية والتوجه الواضح للإعتراف بها، تعطي ليس الامل فقط بقرب نهاية هذا النظام بل وحتى تٶکد عليه أيضا.