22 ديسمبر، 2024 7:01 م

الحدائق المنزلية والعامة صراع من اجل البقاء

الحدائق المنزلية والعامة صراع من اجل البقاء

اضطرت أزمة السكن محمد نهاد (29) عاماً من أهالي منطق المشتل ببغداد إلى قطع النخلة التي زرعها جده بمناسبة ولادته كما جرت العادة في السابق،ويقول وليد ” اشعر أنني تجاوزت على شيء غالي على نفسي، ويذكرني بأيام طفولتي، ولكن ماذا افعل ؟ أزمة السكن جعلتني أضحي بجزء من حديقة المنزل، ولابد من قطع أشجارها وان كانت عزيزة”.أما والده نهاد سعد فيقول ” لقد كبر ابني محمد وعليه أن يتزوج والدار ليست واسعة، فقررت أن أعطيه حديقة المنزل كي يبني عليه بيته الجديد”، ويؤكد سعد أن ما قام به سبق إليه الكثير من العراقيين لاسيما في بغداد نتيجة أزمة السكن وارتفاع أسعار العقارات التي وضعت حديقة منزل ذكرى من الماضي.
الحدائق العامة،لم يكن حالها أفضل من أختها المنزلية، فقد شيدت عليها أبنية تجارية وسكنية مما جعل بغداد تفقد الكثير من مساحاتها الخضراء التي كانت متنفساً للعوائل العراقية كما يقول المهندس الزراعي وهاب الشمري ” كانت الحدائق العامة تغطي مساحات واسعة من بغداد، واليوم طالتها يد التجريف فحولتها إلى كتل خرسانية صماء لا حياة فيها ” ويضيف الشمري” أن بعض المنشآت التجارية أقيمت على الحدائق العامة، ولكن كيف حصلت على الموافقات القانونية التي تمنع تحويل المناطق الخضراء وتغيير جنسها “.
تعد بساتين أطراف بغداد رئتها التي ترفدها بالهواء العليل، ولكن مع كل الأسف أن هناك من قام بتجريف هذه البساتين، وحرقها وتحويلها إلى سكنية مع تدخل خجول من قبل السلطات الحكومية كما يقول عمران العيثاوي من أهالي الدورة ” كانت بساتين منطقتنا خاصرة بغداد الخضراء ولكن مع كل الأسف تحولت إلى بنايات سكنية وتجارية مع عدم قدرة الدولة على منع هذه التجاوزات”.
الغبار وارتفاع درجات الحرارة هي السمة التي تغلف أجواء العراق في السنوات القادمة، ونحتاج إلى حلول سريعة لمواجهة هذا التحول الخطر الذي قد لا يدركه بعض البغداديين اليوم كما تقول المهندسة الزراعية منتهى الساعدي ” هناك ظاهرة التصحر بدأت تقترض أجزاء كبير من مساحات الأراضي الزراعية وحولتها إلى ارض يباب، ربما قلة الأمطار، وانخفاض مياه نهري دجلة والفرات ساهمت في زيادة هذه الحالة “. وتطرح الساعدي مجموعة من الحلول لمواجهة التصحر في العراق ” لابد من زيادة الأحزمة الخضراء حول المدن، وزراعة أشجار دائمة الخضرة تلائم جو العراق، واعتماد طرق السقي الحديثة، ومنع تجريف الأراضي ،و تقليل التلوث البيئي”.
لوسائل الأعلام دور كبير في توعية الناس حول مخاطر التغيير المناخي كما تقول نرجس مراد ” بث برامج إعلامية توعية تشجع على الزراعة والقيام بحملات تشجير حكومية وشعبية، فضلا على إلقاء محاضرات في المدارس والكليات عن مخاطر التي يواجها العراق من مشكلة قلة الغطاء النباتي, وعدم التجاوز عليه “.في حين يؤكد سعد وهاب أن معالجة أزمة السكن يمكن أن تسهم في تقليل المخاطر البيئية لاسيما في بغداد،كما يقول وهاب ” دفعت أزمة السكن العراقيين في التجاوز على الغطاء النباتي، والدولة اليوم مطالبة في إيجاد البدائل، وتوفير قطع أراضي تكون مستوفية للشروط البيئية، وان تكون خارج الزحام السكني والتركيز على أطراف العاصمة مع العمل على توسيع المساحات الخضراء، ومحاسبة المتجاوزين من خلال تفعيل القانون”.
يبدو أن الحلول متواضعة ولا تلبي حجم المعضلة التي قد لا يدركها بعض العراقيين اليوم، ولكن آثارها في المستقبل القريب ستكون شاخصة للعيان. والثمن أن المنازل أصبحت بلا حدائق،وحتى العامة تحولت إلى كتل إسمنتية هجرتها الطيور والورد حتى نفعل الحلول.