23 ديسمبر، 2024 5:35 ص

الحجاج الثقفي والسياسة العربية

الحجاج الثقفي والسياسة العربية

ذات يوم كان الحجاج بن يوسف الثقفي يقرأ في كتاب عن حياة نبي الله نوح (عليه السلام ) فأمر قائد جيشه إن يأتي باحدا يدرك قصة نوح ويحدثهم عنها،  فذهب قائد الجيش حتى استدل على رجل كبير ومؤرخ،   فسأله هل تعرف شي عن حياة نبي الله نوح،  فأجاب الرجل نعم،  فأمر قائد الجيش باعتقاله وزجه في الطامورة،  حتى مرت اربع اعوام علية،   فقام الحجاج بزيارة إلى السجون والطوامير حيث انتهى به الامر إلى هذا الرجل الكبير والمؤرخ،  فسأله من الذي اتى بك إلى هنا،  فقال قائد جيشك،  فرد الحجاج إلى قائد الجيش لماذا ادخلت هذا الرجل إلى السجن،  فرد قائد الجيش انت الذي امرتني يا سيدي إن اتي برجل يعرف عن حياة نبي الله نوح (عليه السلام) فابتسم الحجاج وقال انا امرتك إن تأتي برجل يحدثنا عن امور جرت في حياة نوح اختلط امرها علينا وطلبنا منك إن تأتي برجل يعرفنا عليها. 
إن الذي جرى على ذلك الرجل انما اليوم يجري على الملايين من عامت المجتمعات الاسلامية وغير الاسلامية،  كونها لا تراعي حقوق المجتمع ولا تولي اهتماما لحياة الانسان وتجعله كالدمية تحركه حيث ما تشاء،  كل ذلك بسبب عدم الركون إلى الحق والعدل والمعرفة،  وخالية من الضمير الانساني وتتعامل بالطاعة العمياء إلى الحكام دون معرفة الحكم الصحيح من الخطاء،  حتى وصل الامر إلى حد العبودية حيث قال احدهم إلى الحاكم حتى خطئك صح. 
اليوم ما يجري في المحيط العربي والإقليمي من انقلابات عسكريه ومدنيه وحرق البلدان،  وجعلها حلبة للصراع الطائفي والقومي والإقليمي وضرب البنيه التحتية وانهيار الاقتصاد العربي،  وكل هذا ليس صراع من اجل طائفة أو قوميه أو دين بل صراع من اجل السلطة والتسلط على رقاب المجتمع،  وجعلهم عبيد للسلطان وأصحاب المصالح الشخصية ويتحكموا بما يحلوا لهم وحيث ما يشاؤن. 
وما يجري اليوم في مصر،  وسوريا،  والعراق بالتحديد،  هو صراع سلطوي من اجل الامساك بالسلطة لا غير،  وما تعمله حركة  الاخوان المسلمين في مصر من اعمال عنف واستباحة الدماء والإعراض،  وجعلوا البلد يعيش الفوضى وانهيار في الواقع السياسي والأمني والاقتصادي منذ عدة شهور،  ليست هدفهم الشرعية وإنما هدفهم الوحيد الحكم وقيادة الدولة حسب ارادتهم ورؤيتهم الخاصة،  وكذلك الحال في سوريا اجتمع على اسقاط حكمها من كل حدب وصوب للوصول إلى مقاليد حكمها ومقدراتها،  وأيضا اليوم الحكم في العراق قائم على التفرد بالسلطة،  والتنظير إلى قيادة الحزب الواحد والحاكم الأوحد،   ورمي الاخطاء على الآخرين…