23 ديسمبر، 2024 12:17 ص

الحثالات ظاهرة مجتمعية

الحثالات ظاهرة مجتمعية

1 ــ الحثالات ظاهرة, هامشية في المجتمعات المتقدمة, اما في المجتمعات المتخلفة, فتصنع منها المصالح والأطماع الخارجية, طبقة ذات نفوذ سياسي واقتصادي, تحت تصرفها السلطات والثروات, الحثالات تتشكل كالديدان التي تفرزها, اجساد الأمم الميتة, هذا ما يحدث الآن في العراق, ولا مكان لها في اجساد الشعوب الحية, اصيب بها العراق, عندما دخل فيه الغول الأمريكي, المهجن بالأطماع الأقليمية, كانت الثغرة السوداء, التي فتحها الأنقلاب الدموي, في الثامن من شباط / 1963, البداية المبرمجة لتدمير العراق, بدءاً بتفكيك دولته ثم اخضاع مجتمعه, هنا جاء دور الحثالات, عبر الأرتباط المصيري بالأختراقات الخارجية, هكذا وكلما ازداد العراق ضعفاً, تضاعفت نسبة الحثالات على جسده, لهذا كانت ثورة الأول من تشرين 2019, ردة فعل الحياة (ثورتها) على واقع الموت العراقي.

2 ــ من واقع الخراب الهائل للدولة والمجتمع, والضعف العراقي المخيف, حكّت الحياة جلدها ونهضت, من النهوض تنبعث الأفكار والحلول الشابة, ويتبلور الوعي الجديد عن جيل جديد, يبحث في فاجعة الخراب عن وطن, فينكسر المستحيل, عن عودة الحياة الى جسد الأمة, ويبدأ التغيير عنيفاً حاسماً, يرافقه السقوط المدوي للحثالات, بعد استنفاذ ضرورات واسباب وجودها, هذا الذي نشاهده الآن, في تخبطها وتعدد نقاط ضعفها, حراك الجيل الجديد, وحجم التضحيات التي قدمها وسيقدمها, ردة فعل (ثورة) استثنائية, تفجرت من قلب الأمة في الجنوب والوسط, زاحفة الى شمال وغرب وشرق الجسد العراقي, انه الغضب الوطني للنفس الأخير.

3 ــ يعتقد البعض, ان ما حدث في الجوب والوسط, ليس اكثر من هبة اعتصامات واستفتاءات او ارهاصات طائفية, سيتم احتوائها بمنطق التسقيط والأرشاء والذخيرة الحية, ما يحدث في الجنوب والوسط, ردات فعل (ثورية), لا تقاس الا بالغضب الساكن في الأعماق, وليس نتيجة لتموجات على سطحها, الأول من تشرين 2019, قلب الواقع في عملية تغيير جذرية, في صميمها بعد حضاري, لجيل جديد “يريد وطن”, يحمل وعياً مضاداً, تراكم عبر تاريخ الأنتكاسات الموجعة, انه الحتمية والضرورة التي ستكسر المستحيل.
4 ــ ولد الجيل التشريني الجديد, من وجع العراق, ومن يريد وطن, سيعبد الطريق اليه, حتى ولو بأرواح ودماء الشهداء والجرحى, ومن سار وصل, حينها سوف لن تجد امريكا, ما يكفيها من الحثالات, ولا ايران فائضاً من ذيول الولائيين, ولا تركيا من المهربين, من يفتح لها ابواب الوطن, ولا دول الخليج, من ينتظر عملتها الصعبة, على ابواب الأرتزاق, ولم تجد مراجع الفتنة, بيئة للأستغباء, تحتل فيها الروح والمعنويات, انه الزمن الآخر للعراق الآخر, عندما يفتح وثائق ديونه على الأخرين, فكل من استقطع من جغرافيته, ان يعيدها كاملة اليه, ومن سرق ثرواته ان يعيدها اليه, انه الحق عندما يكون قادراً, ان يصفع الباطل ليؤدبه.