10 أبريل، 2024 6:23 م
Search
Close this search box.

الحب والجمال والمعرفة

Facebook
Twitter
LinkedIn

الحب .. من البديهي أنه لا يمكن أن تستمر الحياة دون حب. والحب لا يقتصر على العلاقة بين الإنسان والإنسان بل يمتد للعلاقة بين الإنسان والطبيعة “الحيوان، النبات، الجماد” وحتى يمتد للعلاقة بين الإنسان وما وراء الطبيعة “الله”.. والحب من المفاهيم الأولية لا يمكن تعريفه، وإنما توجد فلسفات حولـه، وما يهمني من الحب هو الإجابة على السؤال التالي: هل الحب هو عطاء دون مقابل أم أنه عطاء لقاء مقابل؟

أعتقد أن الإجابة على هذا السؤال تكمن في المحاورة البسيطة التالية: عندما تقول أنك أحببت شيئا فيُطرح عليك مباشرة السؤال التالي: لماذا أحببته؟ وبشكل أدق: ما الذي جعلك تحبه؟.. وهذا بعينه “الذي جعلك تحبه” هو المقابل لذلك الحب. وإذا لم تستطع تحديد “الذي جعلك تحبه” فإنك لازلت لا تعرف نفسك جيدا “كمعظم البشر”.. ولإيضاح ذلك أطرح الأسئلة التالية: هل يستمر حب الرضيع لأمه حتى بعد هجرها لـه؟ هل يستمر حب الحبيب لحبيبه حتى بعد خيانته لـه؟ هل يستمر حب المواطن لوطنه حتى بعد تحول الوطن لجحيم بالنسبة لـه؟ هل يستمر حب الإنسان لله حتى بعد موته؟

سأنطلق من أن المجيب على هذه الأسئلة يستطيع التميّز بين “الحب” من جهة و”العطف والشفقة” من جهة أخرى. فالعطف على المريض لمرضه، والشفقة على الفقير لفقره، لا يعني مطلقا حب المريض لمجرد مرضه، ولا حب الفقير لمجرد فقره.. وسأنطلق من أن المجيب يستطيع التميّز بين “الحب” من جهة و”الحنين والشوق” من جهة أخرى. فالحنين للذكريات مع الأهل والأصدقاء في الوطن، والشوق للّقاء الأهل والأصدقاء في الوطن، لا يعني مطلقا حب الوطن، ولا بشكل من الأشكال حينما يصبح الوطن جحيما بالنسبة للإنسان. فالوطن بالنسبة للإنسان هو المكان الذي يشعر فيه بالأمان، والوطن بالنسبة للإنسان هو المكان الذي يشعر فيه بإنسانيته.. وإلا لما هاجر الرسول من مكة إلى المدينة، كما أن الرسول فضّل الاستمرار في العيش في المدينة حتى بعد فتح مكة.

حب الله .. لكل إنسان أسبابه في حب الله، وأذكر على سبيل المثال سبب حب المسيحيين لله، وسبب حب المسلمين لله.. فالمسيحيون يحبون الله لأنهم يعتقدون أن الله يحب البشر، ويعللون ذلك بالشكل التالي: المسيح “الله-الابن” قد صَلب نفسه ليكفّر عن خطايا البشر. وهذا طبعا قمة الحب.. أما المسلمون فيحبون الله للنِعم التي أنعم الله بها على الإنسان.. إذاً حتى حب الإنسان لله “في المسيحية والإسلام” هو عطاء لقاء مقابل.

مجرد تعليق .. تعليل سبب حب المسيحيين لله “أن المسيح قد صَلب نفسه ليكفّر عن خطايا البشر” غير صحيح مطلقا، لأن المسيح – استنادا لمعتقدات المسيحيين – قد صُلب مرغما وليس رغبة. ومن هذا المنطلق فلا فضل للمسيح على البشر في هذه النقطة. فيجوز على المسيح العطف والشفقة، لأنه صُلب مرغما، ولكن ليس بالضروري الحب، كما بيّنت أعلاه. إذاً يجوز على الله العطف والشفقة وليس الحب.. أما تعليل سبب حب المسلمين لله “للنِعم التي أنعم الله بها على الإنسان” فمعناه أن روح الإنسان المتوفى غير مُلزمة بحب الله، لأن الله قد أخذ جميع نِعمه من الإنسان المتوفى. وإذا فرضنا أن روح الإنسان المتوفى استمرت بحب الله فهو للمغفرة للإنسان المتوفى على أمل دخولـه الجنة.

الجمال .. الجمال كالحب من المفاهيم الأولية لا يمكن تعرفيه، وإنما توجد فلسفات حولـه. ومع ذلك لم تستطع تلك الفلسفات تحديد مواصفات مطلقة للجمال، فمواصفات الجمال نسبية مرتبطة بثقافة المكان والزمان. وفي ثقافة بلادنا يُقسم الجمال البشري لقسمين: الجمال الخارجي “جمال الجسد”، والجمال الداخلي “جمال النفس”. وما يعنيني من الموضوع هو الإجابة على السؤال التالي: هل توجد علاقة بين الجمال الخارجي والجمال الداخلي؟

تأثير الجمال الخارجي على الجمال الداخلي .. حتما للجمال الخارجي تأثير على الجمال الداخلي، فصاحبة الوجه المضيء مثلا ستُفتح الأبواب في وجهها، وهذا سيولّد الأمل والتفاؤل في نفسها. ولكن قد يولّد ذلك التكبر والتجبر عندها.. أما صاحبة الوجه الدميم فستُغلق الأبواب في وجهها، وهذا سيولّد اليأس والتشاؤم في نفسها. ولكن قد يولّد ذلك الصبر والمثابرة عندها.. إذاً للجمال الخارجي حتما تأثير على الجمال الداخلي قد يكون إيجابيا وقد يكون سلبيا.

تأثير الجمال الداخلي على الجمال الخارجي .. لا شك أن نظرات وحركات الإنسان توحي لذكاء أو غباء صاحبها، لكن هناك من يعتقد أن أشكال وأحجام الأعضاء الجسدية للإنسان توحي لصفات نفسية لصاحبها، وعلى سبيل المثال: صاحب الرأس الصغير سريع الحركة، وصاحب الآذان الكبيرة فضولي، وصاحب الأظافر القصيرة لئيم. وهناك عشرات الصفات التي تُفشي بالأسرار النفسية لصاحبها.

الإجرام .. هل توجد علامات جسدية خاصة للمجرم؟.. قرأت مرة في كتاب في الحقوق عن نظرية إيطالية في الجريمة كان فحواها على ما أذكر: أن هناك علامات جسدية خاصة للمجرم. ولم أعد أذكر شيئا من هذه العلامات. ورغم أن هذه الفكرة عنصرية لكن ليست مستغربة في ثقافات العالم، وحتى تستخدمها أجهزة الأمن في العالم في نقاط التفتيش حتى وإن لم يكن هناك مطلوبون.. على أي حال كانت تلك العلامات تخص المجرمين الصغار، الذين يجرمون لكي يبقوا على قيد الحياة. ولم تتحدث النظرية عن المجرمين الكبار، الذين يجرمون لكي لا يُبقوا غيرهم على قيد الحياة.

المعرفة .. أرى أن المعرفة هي مجموعة جميع المعلومات، مهما كانت تلك المعلومة “نظرية أو عملية، واقعية أو خيالية، وجودية أو غيبية، صحيحة أو خاطئة”. والمعرفة مجزئة لثلاثة صفوف.. الصف “المنطقي”: يحوي المعلومات التي يمكن استخدم المنطق “كليا” في الحكم على صحتها أو خطئها “كالمبرهنات الرياضية، وقوانين العلوم الطبيعية، وقوانين العلوم الاجتماعية”.. الصف “نصف المنطقي”: يحوي المعلومات التي يمكن استخدم المنطق “جزئيا” في الحكم على صحتها أو خطئها “كالفرضيات الفلسفية، والمعتقدات الدينية، والأنظمة الاجتماعية والسياسية”.. الصف “اللامنطقي”: يحوي المعلومات التي لا يمكن استخدم المنطق “لا كليا ولا جزيئا” في الحكم على صحتها أو خطئها “كالأعمال الأدبية والفنية والموسيقية”.

يقول الفيلسوف الألماني “عمانوئيل كانت” في كتابه الشهير “نقد العقل المجرد” فيما معناه: “ليس المهم كمية المعلومات التي نعرفها، بل المهم هو صحة المعلومات التي نعرفها”. وهذا يطرح السؤال التالي: ما هي نسبة المعلومات الصحية من بين المعلومات التي نعرفها؟.. طبعا من المستحيل التحقق من صحة جميع المعلومات التي نعرفها. وأذكر على سبيل المثال لا الحصر “المعلومات التاريخية”. وها نحن نرى كيف يُكتب التاريخ الحاضر “كانتصاراتنا المستمرة في لبنان وفلسطين”. فكيف لنا بعد ذلك أن نصدق ما كُتب في التاريخ الماضي.. وهذا ما يجعلني أشكك في كل ما أقرأه، وكل ما أسمعه، من أحداث التاريخ الماضي والحاضر.

لإمكانية العيش الطبيعي عموما وتحقيق الأهداف والأحلام خصوصا لا بد من معرفة. لكن المعرفة واسعة – كما بيّنت أعلاه – يستحيل الإلمام بها كلها أو حتى الإلمام في مجال من مجالاتها، لذا لا بد من اختيار “اللازم والكافي” منها لإمكانية ذلك العيش ولتحقيق تلك الأهداف والأحلام. أما الجمع العشوائي لأجزاء وأشلاء من مجالات مختلفة من المعرفة دون هدف واضح ومحدد فغير مجد إطلاقا، سوى جعل العقل مقبرة لتلك الأجزاء والأشلاء.. يمكن تشبيه ذلك بالبناء المعماري، فيستحيل جمع كل مواد وأدوات البناء من على وجه الأرض، ولكن يمكن جمع مواد وأدوات بناء “لازمة وكافية” لتشيد بناء معماري ما، وذلك مهما كان هذا البناء كبيرا. أما الجمع والتكويم العشوائي لأجزاء وأشلاء من مواد وأدوات بناء دون مخطط مسبق لبناء فهو ليس إلا مقبرة لتك المواد والأدوات.

لحسن الحظ أننا نعيش في عصر تعددت وتنوعت فيه مصادر المعرفة نتيجة ثورة الاتصالات في العالم، لكن تبقى المؤسسات التعليمية المصدر الوحيد للحصول على الشهادات، وهذا لا غنى عنه مطلقا. ويبقى الإعلام مصدر أساسي للثقافة العامة ومعرفة ما يدور من حولنا من أحداث، ليس شوقا أو فضولنا لمعرفة الأحداث، وإنما للحذر من السقوط في مستنقع من مستنقعات الأحداث.

الإعلام .. سأترك المؤسسات التعليمية في بلادنا جانبا، ولو أنها ليست أفضل حالا من الإعلام، وأسلط الضوء على الإعلام بالأسئلة التالية: ألا تروا معي أن وسائل الإعلام في بلادنا لا تنشر إلا أجزاء وأشلاء عشوائية من المعلومات لا يُفهم منها إلا المديح للسلطان “الذي لا يُحمد على مكروه سواه”؟.. ألا تروا معي أن وسائل الإعلام تلك جعلت من عقولنا مقابر لتلك الأجزاء والأشلاء العشوائية من المعلومات؟.. هل يصدّق حقا المسؤولون عن نشر تلك المعلومات ما ينشروه من معلومات؟.. إذا كانوا يصدّقونه حقا فهذا معناه أنهم خارج التاريخ، أما إذا كانوا لا يصدّقونه فهذا معناه أنهم يستخفون بعقولنا أو يعتبروننا خارج التاريخ.

مجرد مثال .. كانت الأخبار في إعلام بلادنا في بداية سبعينيات القرن الماضي تتألف من أربعة مقاطع متدرجة من الأكبر إلى الأصغر على الشكل التالي: المقطع الأول هو فضل السلطان على الرعية في كل نفس من أنفاسه. المقطع الثاني هو مديح العالم الاشتراكي الصديق. المقطع الثالث هو هجاء العالم الرأسمالي العدو. المقطع الرابع أخبار الوطن وما تبقى من العالم “إن وجدت أخبار”.. وعندما سقطت أنظمة العالم الاشتراكي في بداية تسعينيات القرن الماضي أُضيف المقطع الثاني للمقطع الأول، فاختفى مديح العالم الاشتراكي الصديق “الذي لم يعد موجودا”، وزادت بالمقابل الأخبار عن فضل السلطان على الرعية.. وعندما تحالفنا مع أمريكا للحرب ضد العراق في العام 1991 أُضيف المقطع الثالث للمقطع الأول، فاختفى هجاء العالم الرأسمالي العدو “الذي أصبح صديقا في الحرب ضد العراق”، وزادت بالمقابل الأخبار عن فضل السلطان على الرعية.. فأصبحت الأخبار مؤلفة من مقطعين: فضل السلطان على الرعية، وأخبار الوطن وما تبقى من العالم “إن وجدت أخبار”. ولكن المدة الزمنية للإخبار بقيت على حالها منذ بداية السبعينيات وحتى نهاية التسعينيات من القرن الماضي. فتصورا هذا التطور الهائل في الأخبار في إعلام بلادنا على مدى ثلاثة عقود من الزمن.

أسئلة حول المعرفة .. تشغلني من حين لآخر أسئلة حول المعرفة. أذكر منها الأسئلة التالية:

السؤال الأول: حول العلاقة بين المعرفة المحمولة والمعرفة المستخدمة.. وخير مثال على ذلك هو اللغة العربية في العصر الجاهلي، حيث كانت مفردات اللغة العربية في العصر الجاهلي أكثر بكثير من الحاجة لاستخدامها في الحياة “البسيطة” في ذلك العصر. وربما كان استخدام أغلب هذه المفردات يقتصر على الشعر فقط.. أما وفرة مفردات اللغة العربية في العصر الجاهلي فلم يأتي من فراغ، فقد كانت اللغة العربية حتى ذلك العصر قد حوت مفردات الحضارات العربية السابقة. ويمكن ملاحظة ذلك بشكل غير مباشر من خلال الشعوب التي دخلت الإسلام، حيث كانت لغات معظم تلك الشعوب لغات بدائية وحتى دون حروب أبجدية كـ”البربر في شمال أفريقيا، والأكراد والأتراك في غرب أسيا”، لأنه لم تكن لتلك الشعوب حضارات سابقة.
واقتصار هذا السؤال على مستوى الإنسان يصبح: حول العلاقة بين معرفة الإنسان وحاجته من تلك المعرفة في حياته. وربما يكون إحدى المعايير لتلك العلاقة هو التالي: إذا كان الإنسان نادرا ما يبحث في المراجع عن معلومة يحتاجها في حياته فمعنى ذلك أن معرفته أكثر من حاجته للمعرفة في متطلبات حياته، أما إذا كان الإنسان غالبا ما يبحث في المراجع عن معلومة يحتاجها في حياته فمعنى ذلك أن معرفته أقل من حاجته للمعرفة في متطلبات حياته.

السؤال الثاني: حول العلاقة بين المعرفة المأخوذة والمعرفة المقدَمة.. وخير مثال على ذلك هو الحضارة العربية الإسلامية، فقد أخذت تلك الحضارة من الحضارات المعروفة السابقة لها كـ”الإغريقية والرومانية من الغرب، والفارسية والهندية من الشرق”، وبعد صهر تلك الحضارات في بوتقة واحدة وإضافة معارفها وتجاربها أخذت الحضارة الأوروبية الحديثة الكثير منها.. وهذا هو العرف في الحضارات العريقة على مر التاريخ. لكن هنالك شعوب لم يتثنى لها حتى الآن رد فضل الحضارات عليها، وذلك بتقديم مساهمة حضارية إلى الحضارات البشرية.
واقتصار هذا السؤال على مستوى الإنسان يصبح: حول العلاقة بين مأخذه الإنسان من معرفة وما قدمه من معرفة. وفي هذه العلاقة من المفروض أخذ الأمور التالية بعين الاعتبار: هناك معارف يُحظر نشرحها في عصرها فلا يستطيع حاملها نشرها. وهناك معارف يصعب فهمها في عصرها فلا يستطيع حاملها إفهامها. والدليل على وجود هذين النوعين من المعارف هو اكتشاف عظمة بعض العارفين في إحداهما أو في كلاهما بعد عصور من وفاتهم. كما أن هناك مَن دُثرت معارفهم قبل معرفتها فلن تُعرف معارفهم وعظمتهم مطلقا.. وعسى أن لا تكونوا أنتم منهم.. وهذا معناه: أنه قد لا يستطيع الإنسان رد الجميل على ما أخذه من معرفة حتى وإن أراد. كما أن هناك بالمقابل أُناس لا تريد رد الجميل على ما أخذته من معرفة حتى وإن استطاعت. وفي نظري أن هذا النوع من البخل هو أسوء أنواع البخل على الإطلاق.. لا جعلكم الله من هؤلاء البخلاء.

السؤال الثالث: هل لازالت هناك معارف للقدماء لم يتم اكتشافها أو إعادة اكتشافها حتى الآن؟.. هل كان القدماء أكثر تقدما في مجال ما أكثر مما نحن عليه الآن؟.. من الواضح أن الإجابة على هذين السؤالين ليست ببساطة. لهذا سأقتصر الموضوع على النقطة التالية: هناك مَن يعتقد أن الله أنزل على جماعة من اليهود، تدعى “القبّالة”، علوما لا يعلم بها سواهم من البشر. وهناك مَن يذهب إلى أبعد من ذلك ويعتقد أن هذه العلوم هي نواة المعرفة للجمعيات السرية الماسونية في العالم. وهناك مَن يذهب إلى أبعد من ذلك ويعتقد أن من هذه العلوم أخذ ألبرت آينشتين قانونه المعروف: الطاقة تساوي المادة بمربع سرعة الضوء.. لكن هناك مَن يختلف مع الاعتقاد الأول “أن الله أنزل على القبّالة علوما لا يعلم بها سواهم من البشر”، فيعتقد بدلا منه، أن “القبّالة” قد سرقت تلك العلوم من الفراعنة، حيث كانت تلك العلوم مخبأة في الحجرات العلوية في الأهرامات تحت ذرى الأهرامات.. طبعا لا أعتقد بأي معتقد من هذه المعتقدات ما بقي في عقلي ذرة عقل.

الأهرامات والمحنطون .. هناك حقائق موجودة حتى الآن ليست بحاجة لإعتقادات غيبية ولا وجودية، وعلى سبيل المثال الأهرامات والمحنطون.. إذا تركنا جانبا مواضع الأهرامات، التي توجد فرضيات حولها من أهمها فرضية تقول أن توزع الأهرامات يشبه توزع مجموعة من النجوم في السماء، فإذا صح ذلك فهذا دليل على معرفة الفراعنة بمواضع النجوم في السماء. وإذا تركنا جانبا مواضع الفتحات في جدران الأهرامات، التي تدخل الشمس منها في أيام وأوقات محددة، فإذا صح ذلك فهذا دليل على معرفة الفراعنة بمسرات حركة دوران الأرض حول الشمس. إذا تركنا هذا كله جانبا فبناء الأهرامات “أكبر أبنية في العالم حتى الآن” بتلك الأحجار الكبيرة بتقنيات ذلك العصر هو بحد ذاته معجزة، حيث لازالت كيفية اقتلاع تلك الأحجار من مصادرها، ثم نقلها إلى مكان بنائها، ثم رفعها إلى مواضعها في البناء، ألغازا لم تستطع البشرية حلها حتى الآن.. كما أن طريقة التحنيط عند الفراعنة لجثث قبل آلاف السنين بتقنيات ذلك العصر، وبقائها بهذا الوضع الجيد، لازالت لغزنا لم تستطع البشرية حله حتى الآن.

الطاقة الكونية .. هذان الشيئان الوجوديان “الأهرامات والمحنطون” في حضارة الفراعنة يشجعاني على الحديث عن المسلات. المسلات التي نُهب منها ما نهب لأنحاء العالم، فإحداها في إحدى ساحات باريس، وأخرى في إحدى ساحات إستطبول، وهما ما رأيتهما بأمي عيني، ولا أدري عن غيرهما في ساحات مدن أخرى في العالم، كما لا أردي كم بقي منها في موطنها الأصلي مصر.. وقبل الحديث عن المسلات هناك فرضية أخرى لمواضع الأهرامات تقول: أن موضع أهرام هو في نقطة التقاء محاور الطاقة الكونية.. فإذا تصورنا أن محاور الطاقة الكونية تشبه خطوط الطول وخطوط العرض الجغرافية على الأرض، فإن موضع أهرام يجب أن يكون في نقطة التقاء خط طول مع خط عرض.. وهذا الاختيار لموضع الأهرام هو ليكون الأهرام مركزا لاستقطاب الطاقة الكونية وتخزينها.. أما المسلات – وهنا بيت القصيد – فيُقال أن النار كانت تخرج من رؤوسها المدببة، نتيجة الطاقة الكهربائية المستمدة من ذرى الأهرامات. فالمسلات عبارة عن أعمدة للمصابيح الكهربائية. فإذا صح ذلك فيكون الفراعنة قد استطاعوا استقطاب الطاقة الكونية وتخزينها في الأهرامات، ويكونوا قد استطاعوا تحويل الطاقة الكونية إلى طاقة الكهربائية “غير سلكية” تُضيء في رؤوس المسلات.. صدق إن استطعت أن تصدق.. تذكّرني هذه الأساطير بقول مأثور في بلادنا يقول: مجنون يتحدث وعاقل يسمع. وسبب تذكّري هذا القول هو التالي: لازالت الطاقة الكونية موجودة حتى الآن، ولازالت الأهرامات موجودة في مواضعها حتى الآن، ولازالت بعض المسلات تنتصب في مكانها حتى الآن، فلماذا لا تخرج النار من رؤوسها المدببة الآن؟.. حتى لو فرضنا أنه لم تبقى أية مسلة منتصبة في مكانها الصحيح فيمكن نصب مسلة في مكان صحيح للتأكد من صحة هذه الفرضية.. لكن مَن تربى على هضم المعجزات بأشواكها لن تقف في حلقه معجزة صغيرة دون شوك كهذه. حماكم الله من المعجزات وأشواكها.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب