22 ديسمبر، 2024 11:58 م

مسرحية
الحبُ للجَميع

تأليف فاضل البياتي

 

مسرحية تعبيرية تدعو إلى المحبة

الشخصيات
1- الشيخ الوقور
2- الأول
3- الثاني
4- الثالث
* الأول والثاني والثالث يرتدون ملابس متشابهة.

المشهد الأول
في وسط خشبة المسرح يوجد تكوين رائع لقلب كبير مرسوم ومُجسم بشكل بديع وجميل وبهيّ.
يدخل للمسرح شيخ وقور متفائل مبتسم يرتدي ملابس بمزايا تاريخية يغلبُ عليها اللون الأبيض. ومعه كيس يحوي شيئاً لا نعرف ما هو. ولكن في نهاية المسرحية سوف نعرف ذلك. يقف الشيخ الوقور مفكراًعند القلب الكبير الجميل ويتأملهٌ بمهابة.

الشيخ / ((بتأمل وبإعجاب)) يا له من قلب رائع.. نحن جميعاً نعشقُ ونملكُ هذا القلب. قلب كبير. فؤاد طَيِّب أَخَّاذ جَذَّاب باهِر. قلبٌ مُتَأَلِّق مُدْهِش مُشْرِق. وهو نِعْمَة وهِبَة من الله.
((الشيخ الوقور يضع كيسه الثقيل جانباً ويذهب ثانية قريباَ من القلب ويواصل التفكير والتأمل))
الشيخ / (( وهو يتأمل المكان والقلب)) عِشقُنا هيامُنا النبيل لقلبنا الكبير والبَهيّ والبديع والجميل برهان ودليل ليسَ لهُ مَثيل. أجل جميعاً نعشقُ ونملكُ هذا القلب ولكن العنف يفسد كل شيء. الى متى يستمر العنف؟
يذهب الشيخ الوقور إلى مكان ما منعزل على المسرح ويستمر في تأمل القلب من بعيد.

¤
المشهد الثاني
يأتي الشخص الأول ومعه كيس شبيه بالكيس الذي مع الشيخ.. يدخل إلى المسرح وكأنه يبحث عن شيء هنا وهناك. وحينما يرى القلب يفرح كثيراً.
الشخص الأول / (( بسعادةٍ وبصوتٍ عالٍ)) قلبي الجميل. ومعي البرهان والدليل إنه لي أنا.
(( يفتح الكيس الذي معه ويخرج منه مجسماً يتطابق تماماً مع جزء من مجسم القلب، فيثبت هذا الجزء على المكان الذي يتطابق ويتناسب مع القلب فيفرح جداً لذلك.))
الشخص الأول / هذا الدليل الذي ورثته عن أجدادي يثبت على إن هذا القلب لي أنا وحدي.. انه لي .. إنه قلبي.. وملكي.
الشخص الأول يضحك بسعادة ويبدأ بالتمايل بجسده فرحاً.. تتصاعد موسيقى فيتحول تمايله مع الموسيقى إلى رقص. يستمر بالرقص حول القلب فيما تعلو الموسيقى معه وهو يواصل الرقص.. هنا ينظر الشيخ الوقور إلى الشخص وهو يرقص عند القلب الكبير.
وبينما يواصل الشخص الأول الرقص بفرح يأتي الشخص الثاني للمسرح ومعه كيس مشابه أيضا للذي مع الشيخ ويرتدي ملابس شبيهه بملابس الشخص الأول.. ينظر إلى القلب فيصبح سعيدا جدا.
الشيخ يواصل النظر اليهما مبتسماً دون يعلما بوجوده ودون أن يقول لهما شيئاً.
الشخص الثاني يذهب إلى القلب ويلاحظ الشكل المتطابق على جزءٍ من القلب فيزيل هذا الشكل الذي كان قد وضعه الشخص الأول ويلقيه على الارض.
ينتبه الشخص الأول لما فعله الشخص الثاني فينزعج ويتوقف عن مواصلته للرقص ويقف بوجه الشخص الثاني متحدياً.
الشخص الأول / ((غاضب)) لماذا رميت شكلي؟ إنه قلبي.
الشخص الثاني / ((يضحك)) إنه قلبي إنا وعندي مايثبت هذا. هل تفهم ماقول؟ إنه قلبي .. قلبي.
الشخص الأول يأخذ شكله من على الأرض وهو غاضبٌ جداَ..
الشخص الأول / (( متحدياً )) بل أنا من يمتلك الدليل على إن القلب ملكي.. أنظر لهذا الدليل الذي ورثته عن آبائي وأجدادي والذي يثبت على إن هذا القلب لي أنا وحدي.. انه لي .. إنه قلبي..
الشخص الثاني / (( متحدياً )) لا … لا .. لا .. لا .. إنه ملكي .. والدليل على إن هذا القلب لي أنا هو هذا.. أنظر جيداً.
الشخص الثاني يفتح الكيس الذي معه ويخرج منه مجسماً يتطابق تماماً مع جزء آخر من مجسم القلب، فيثبت هذا الجزء الذي معه على المكان الذي يتطابق مع القلب فيفرح جداً لذلك.
الشخص الثاني / (( بسعادةٍ وإفتخار )) هذا هو برهاني ودليلي الذي ورثته عن أهلي وأجدادي والذي يثبت على إن هذا القلب لي أنا وحدي.. انه لي .. إنه قلبي.. وملكي.
الشخص الأول / لا ، إنه ملكي ..
هنا يحاول الشخص الأول إثبات أن شكله الذي معه هو الذي يناسب بالضبط جزء من القلب. فيضع الشكل في المكان المتطابق في القلب ولكن الشخص الثاني ينزعج ويغضب فينتزع الشكل العائد إلى الشخص الأول من مكانه في القلب مرة ثانية ويرميه أرضاً.
الشخص الأول / (( صارخاً بوجه الشخص الثاني )) لماذا تفعل ذلك؟ أنه متكامل تماماً مع موقعه في القلب.. إنه قلبي. إنه ملكي.. إنهُ حُبّي..
الشخص الثاني / (( صارخاً بوجه الشخص الإول )) ليس لك مكان هنا. فهذا هو زمني السعيد قد بدأ وأريد أن أفرح وأرقص وآحتفل مع قلبي.
يبدأ الشخص التاني بالرقص حول القلب حيث تعلو موسيقى تصاحب رقص الشخص الثاني بينما يصبح الشخص الأول مستاءٌ جداً ومصاب بخيبة أمل وهو يرفع الشكل الخاص به من على الأرض.
وبينما الشخص الثاني يواصل الرقص يتسلل خلسة الشخص الأول وهو منزعج نحو القلب وينتزع من مكان القلب الشكل الذي وضعه الشخص الثاني ويرمي بالشكل بعيداَ فيغضب الشخص الثاني عندما يشاهد ماحصل فيتوقف عن الرقص وتتوقف الموسيقى.
الشخص الثاني / (( منزعجاً وغاضباً )) لماذا أزلتَ دليلي المتوارث لقلبي أنا. إنهُ حُبّي.. أنه قلبي أنا.. ألا تفهم ماأقول؟
الشخص الثاني يهجم على الشخص الأول. الشخص الأول يرد الهجوم ويهجم عليه هو الآخر فيتماسكان بالأيدي.
الشخص الأول / (( صارخاَ ومحتداَ )) إنه قلبي أنا.
الشخص الثاني / (( صارخاَ ومحتداَ )) لا إنه قلبي أنا.
الإثنان تتداخل أصواتهما وهما يتحديان ويقاومان بعضهما بالأيدي.
الإثنان / ((يتجادلان)) إنه قلبي أنا… لا إنه قلبي أنا.. إنهُ حُبّي أنا…إنه قلبي أنا… لا إنه قلبي أنا. إنه قلبي أنا… لا إنه قلبي أنا. لا إنه حُبّي أنا….

¤
المشهد الثالث
هنا يدخلُ شخص آخر بملابس شبيهه مع ملابس الشخص الأول والثاني ويحمل معه كيس مشابه أيضاً ويحوي شيئاً ما. الشخص الثالث هذا يصيح بصوتٍ قويٍ عند دخوله للمسرح.
الشخص الثالث / ((يصيح)) كفى.. كفاكما شجاراً إنهُ قلبي أنا.. إنهُ حُبّي..
ينتبه الجميع للصوت وللشخص القادم الجديد فيتوقف الشخصان الأول والثاني عن شجارهما وينظران بإهتمام للشخص الثالث الذي صار يتأمل القلب بسعادة حينما أصبح قريباً منه.
الشخص الثالث / ((ينظر ويتأمل القلب وينادي بسعادة)) ياقلبي الجميل. ومعي البرهان والدليل إنه لي أنا.
الشخص الثالث يفتح الكيس الذي معه ويخرج منه مجسماً يتطابق تماماً مع جزء من مجسم القلب، فيثبت هذا الجزء على المكان الذي يتطابق ويتناسب مع القلب فيفرح جداً لذلك.
الشخص الثالث / هذا هو الدليل الذي ورثته عن أبائي وأجدادي والذي يثبت على إن هذا القلب لي أنا وحدي.. انه لي.. إنهُ حُبّي.. إنه قلبي وملكي.
الشخص الثالث يضحك بسعادة ويبدأ بالرقص حول القلب فيما تعلو موسيقى معه وهو يواصل الرقص. أما الشيخ فمازال يواصل مشاهدة مايجري.. ثم ينظر إلى البعيد خارج المسرح ويفكر بالأمر فيبدأ الحديث مع نفسه.
الشيخ / (( مع نفسه )) ألأن عليّ إن أستريح قليلاً.

الشيخ يأخذ كيسه ويغادر خشبة المسرح وينظم لجمهور مشاهدي المسرحية ويجلس بينهم فيما تستمر الأحداث على المسرح.
عندما شاهد الشخص الأول والشخص الثاني مافعله الشخص الثاث يتحدثان مع بعضهما البعض همساَ بدون أن نسمع ما الذي يتحدثان به. ولكنهما يؤشران بأيديهما غاضبين إلى الشخص الثالث بين لحظة وأخرى وهو مازال سعيداَ ويواصل الرقص عند وحول القلب.. ثم يتصافحان ويتفقان معاَ على شيء ما ضد الشخص الثالث فيذهب الشخص الثاني نحو القلب وينتزع الشكل المكمل والمتطابق لجزء من القلب والذي وضعه الشخص الثالث. ويرمي بالشكل على الأرض. فيغضب الشخص التالث عندما يرى ذلك فيتوقف عن الرقص ويهاجم الشخص التاني.
وبينما يتصارع الشخص الثاني والثالث بالأيدي وبشكل تعبيري رمزي يسرع الشخص الأول ليضع من جديد شكله على القلب.
الشخص الأول / ((بصوتٍ مرتفع)) إنتهى كل شيءٍ الآن.. إنه حبي الذي عاد لي.
هنا يُنهي الشخص الثاني والثالث تشابكهما التعبيري ويهاجمان معاً الشخص الأول لأنه أعاد وضع شكله على القلب وأعلن أستحواذه عليه. فينتزع الشخص الثاني الشكل الذي وضعه الشخص الأول.
في تلك اللحظات ينشغل الشخص الثالث والأول بصراع تعبيري بالآذرع. وبينما هما على هذا الحال يسرع الشخص الثاني ليعيد من جديد وضع شكله على القلب.
الشخص الثاني / ((بصوتٍ مرتفع)) إنتهى كل شيءٍ الآن.. إنه حبي الذي عاد لي.
يُنهي الشخص الثالث والأول تشابكهما التعبيري ويهاجمان معاً الشخص الثاني لأنه أعاد وضع شكله على القلب وأعلن أستحواذه عليه.
الشخص الثالث ينتزع الشكل الذي وضعه الشخص الثاني على القلب. وبينما ينهمك الأول والثاني في صراع بينهما يعيد الشخص الثالث من جديد وضع شكله على القلب.
الشخص التالث / (( فرحاً وبصوتٍ مرتفع)) إنتهى كل شيءٍ الآن.. إنه حبي الذي عاد لي.
الأول والثاني ينهيان تشابكهما ويهاجمان الثالث وينتزعان شكله الذي وضعه على القلب ويرميان به أرضاً مع الشكلين الأخرين للأول والثاني.
يدخل الثلاثة بصراع تعبيري مع بعضهم البعض حتى يتعبون جميعاَ وينهكون فيستلقون خاسرين كلٌ بجوار شكله المرمي على الأرض دون أن يفوز أحد منهم بشي فيما بقي القلب الجميل مشعاً.

¤
المشهد الرابع
ينهض الشيخ الوقور من بين الجمهور مبتسماً متفائلا وهو يحمل كيسه معه ويمضي نحو المسرح حيث القلب والأشخاص الثلاثة المُتعَبون بشدة.
الشيخ / صراع وعنف لاداعي له ولن ينفع أحد على الإطلاق.
الشيخ يضع جانباً وعلى الأرض الكيس الذي معه ثم يتوجه إلى الأشخاص الثلاثة الذين أرهقهم الصراع فيما بينهم، يقف بالقرب منهم ويخاطبهم بلطف ومحبة.
الشيخ / ((ملاطفاَ الأشخاص الثلاثة)) أيه ياأحبابي.. في النهاية لم يتبقى شكل واحد من أشكالكم موجوداَ في القلب. مع إن هذا القلب فيه مكان رحب لكم وللجميع.
الأشخاص الثلاثة يتفاجئون لوجود الشيخ بهيئته المهابة فيسألونه وهم متعبين.
الثلاثة / (( يتسائلون )) من أنت..! من أنت أيها الشيخ الجليل؟
الشيخ / أنا أيضاً عاشق مثلكم لهذا القلب ولكن عشقي بلا عنف أوأنانية أو إقصاء لعشاق آخرين. أنا عاشق قديم لهذا الفؤاد. عاشق له منذ قرون وسحيق سنين.
الشخص الأول / كلامك يطربُ الروح والقلب ياشيخ.
الشخص الثاني / هل أنت شاعر ياعم؟
الشخص الثالث / هل أنت فيلسوف ياشيخنا الطيب؟
الشيخ / لستٌ هذا ولاذاك غير إني كما أخبرتكم عاشق عتيق لهذا القلب. وأعلم تماما إن هذا الفؤاد لديه حب كبير يكفي الجميع كما فيه مكان حبيب وحنون يحتضن الكُل دون عنف أو قسوة أو عدوان. إنه الحب ويمنح الحب للجميع. والحب لايتلائم مع وجود العنف بين الناس.
الشخص الأول / كلامكَ بليغ ومؤثرٌ بحق.
يقترب الشيخ من الشخص الأول ويسأله بمودة.
الشيخ / ماالذي كسبت من العنف ومن رغبتك بإمتلاك كل القلب لنفسك فَحسْبُ؟
الشخص الأول يبقى صامتاً وحائراً دون أن يتمكن من الإجابة على السؤال.. فينتقل الشيخ إلى الشخص الثاني ويسأله.
الشيخ / وأنت ياعزيزي ماالذي كسبت من العنف ومن رغبتك بإمتلاك كل القلب لنفسك فقط؟
الشخص الثاني يبقى صامتاً وحائراً هو الآخر دون أن يتمكن من الإجابة على السؤال.. فيذهب الشيخ إلى الشخص الثالث ويسأله.
الشيخ / وأنتَ ياولدي أجبني على نفس السؤال.. وليتني أسمع منك إجابة.
الشخص الثاني يبقى صامتاً وحائراً كذلك ودون أن يجيب بشيء.
هنا يذهب الشيخ ويجمع كل الأشكال الثلاثة الملقاة على الأرض والعائدة إلى الأشخاص الثلاثة ثم يأخذها جميعاً قريباً من القلب فيما راح الأشخاص الثلاثة يتابعون بأهتمام ماينوي أن يفعله الشيخ.
الشيخ / طيلة دهور وسنين آراد الكثير من أمثالكم أمتلاك هذا القلب وهذا الحب لنفسه ولكن لاأحد منهم كان له ذلك أبداً. فهذا القلب الكبير يكفي الجميع.. نعم يكفي للجميع.
الشيخ يضع ويثبت الأشكال الثلاثة في القلب واحداً تلو الآخر. ومع ذلك تبقى مساحة واسعة تكفي للمزيد.
الشيخ / هاإنكم ترون إن القلب ضمكم جميعاً ومازال رحباً لجميع عشاقه.
الأشخاص الثلاثة يبتسمون ويفرحون لذلك ويبدأون مصافحة بعضهم البعض بالأيدي وهم مبتهجون.
الشيخ / ((فرحان هو كذلك)) هنالك مكان لي في هذا القلب وفي هذا الحب.. نعم هناك مكان لي أيضًا.
الشيخ يفتح الكيس الذي معه ويخرج منه شكلا لقلب جميل.
الشيخ يضع ويثبت شكل القلب الذي معه في القلب الكبير.
ثم يفتح الكيس مرة أخرى ويخرج منه إكليلاً رائعاً من الورود والأَزهار ويستعرضهُ للجميع وهو مبتسم ثم يضع الورود والأَزهار بجانب القلب.
يبدأ القلب يتَلألأ ويُضيْ ويبدو أكثر جمالاَ.
الشيخ / (( ملاطفاً ويضحك)) الحب مُفيد للصحة.. رائع أن يكون لديكم أيضًا قلب كبيريمنح الحب للجميع.. حبُكم الجميلُ لبعضكم هو سيرة طيبة قديمة في تاريخ هذا القلبِ. الحب الجميل لايعرف العنف.. فلا تتشاجروا أبداً.. .
يتعانق الأشخاص الثلاثة ويجلسون سوية متحابين متراضين مسرورين بينما ألأجزاء الثلاثة العائدة لهم تشكل متماسكة صورة القلب الذي يحتضنهم الآن.
الشيخ ينظر إلى الجمهور مبتسماَ ويخاطبهم.
الشيخ / سأذهب لأزور قلوب جميلة أخرى شهدتُ لها أنا وبمرور الزمان.. ولكن الأن أريد أن أحتفل معكم جميعاً في سعادتنا وفرحنا.. فلنغني معاًً لحبنا ولقلبِنا الجميلُ.

هنا تصدح عالياً أغنية ختامية عند نهاية المسرحية. أغنية سعيدة يغنيها الجميع سوية وبمحبة.
كلمات الأغنية /
عِشقُنا هيامُنا النبيل
لقلبنا الكبير والبَهيّ و الجميل
برهان ودليل ليس له حدود
لحبنا للناس.. كل الناس
من أبٍ وجدود
عِشقُنا هيامُنا النبيل
ليسَ لهُ مَثيل.

¤ ختام المسرحية ¤

الفنان والأديب
فاضل صَبّار البياتي
كانون الأول 2021