23 ديسمبر، 2024 2:18 ص

الحب في زمن السوشيال ميديا

الحب في زمن السوشيال ميديا

في بدء الموضوع اسمحوا لي بالخروج عن المألوف وطرح بعض التساؤلات ……
•لماذا نفشل في الحب، على الرغم من جميع المحاولات الجدية؟؟
•لماذا اصبح الناس عاجزين عن جعل علاقات الحب تدوم لفترات طويلة؟؟
•هل نجهل كيف نحب؟؟
•والأسوأ من ذلك، جهل ماهو الحب؟؟
في زمن السوشيال ميديا، أنا غير مستعد للتضحيات، والتنازلات في سبيل الحب، أنا غير مستعد لبذل الجهد لبناء علاقة قوية، ومتينة مع الشريك تدوم لفترات طويلة، أنا في زمن السرعة، وبالتزامن معه اريد كل شيء سريع وسهل، ولا أستطيع تجاوز عقبة واحدة من عقبات الحياة، أعجز من المحاولة الاولى، واعلن الاستسلام، فأنا في زمن السرعة، واذا صح القول أنا في “زمن الهروب”
أنا لا أرغب بالحبيب الدائم، أنا أرغب بشخص مثير، لإثارة شهواتي وإشباع غرائزي، أنا لا أرغب بشريك الحياة الذي يفهم من تعابير وجهي، فأنا أرغب بمن يشاركني مشاهدة فيلم بورنو، أو حضور حفل ماجن، أو ما شابه ذلك من ملذات الحياة، لأنني لا أرغب بشخص يشاطرني الهموم، والافراح، والاحزان، واصنع معه الذكريات، فأنا لا اريد شريك مدى الحياة، بل اريد شخص يجعلني أشعر أني على قيد الحياة والمتعة، ولا يهم من يكون هذا الشخص، وإذا تلاشى الحماس معه، اتركه باحثاً عن غيره لاجدد نشاطاتي معه، فأنا ألقيت نفسي في زحام حياة السوشيال ميديا، التي لا تترك أي مكان للحب، لأنني ليس لدي وقت للحب، لا استطع الصبر لحل المشاكل مع الشريك، فأنا مشغول بإضاعة الوقت مع الناس الوهميين الذين إطاردهم ويطاردونني كالخيال، فأنا أفضل قضاء ساعة واحدة مع مئة شخص، على أن أقضيها مع شخص واحد، لأنني إنسان اجتماعي، أنا على اعتقاد تام بأن السوشيال ميديا جعلتني مقرباً من الناس، فأنا استبدلت وجودي المادي بالنصوص المكتوبة والمسموعة ومكالمات الفيديو، وهذا يجعلني اشعر بملل فضيع عندما أقضي وقتي مع شخص واحد .
وهذا يجعل مني شخصاً مختلفاً، لا يتوافق مع المعايير الاجتماعية المادية، فأنا سجين الخوف، أنا خائف من الوقوع بالحب، خائف من ان يكسر قلبي، لذلك لا أسمح لأحد بالدخول لحياتي، ولكني استمتع بدخول حياة الأخرين، وتكسر قلوبهم .
فكل ما يهمني إشباع رغبتي الجنسية، فأنا أفضل أن يكون الجنس بعيداً عن الحب، فمن أولوياتي الجنس وأصبح من السهل الحصول عليه، ليس علي الا ان امثل الحب وفِي هذا الدور أنا ممثل بارع، وهذه من الإنجازات التي أتفاخر بها أمام أقراني، ولكن التفاخر بهكذا إنجاز يكون لفترة مؤقتة، لذا فأنا احتاج الى تحقيق العديد من هذه الإنجازات لاستمر بالتفاخر، من الان وصاعدا الجنس خارج العلاقات الشرعية لم يعد من المحرمات .
أنا لا اقدر العلاقات السليمة، ولا اعيرها اي اهتمام بعد الآن، وهذا يجعلني أخسر أشخاص من الصعب تعويضهم، كل ذلك بسبب بحر السوشيال ميديا، إلا أنني سأكتشف تلك الخسارة بعد فوات الاوان، وسأستمر بالغوص في ذلك البحر حتى نفاذ الأوكسجين وأموت، سأبقى أهدد الحب بالانقراض، فأي حباً هذا ابحث عنه في زحام السوشيال ميديا .

الحب في زمن السوشيال ميديا