18 ديسمبر، 2024 11:42 م

الحبل يضيق على رقبة ترامب

الحبل يضيق على رقبة ترامب

اليوم تشكل العلاقات الأميركية- الإيرانية محور اهتمام دولي وسط ترقب مثير من قبل العديد من دول العالم، لما لهذا التطور المهم من إنعكاسات واضحة على ملفات سياسية وأمنية وإستراتيجية متداخلة ومعقدة، و يواجه الرئيس الأميركي ترامب المعضلة منذ وصوله إلى سدة الحكم فهو من جهة يسعى إلى تقديم نفسه بصورة الرئيس القوي المنتصر، و من جهة أخرى يريد التمسك بالتزاماته الانتخابية بعدم التدخل العسكري الأميركي في منطقة الشرق الأوسط.

وقبل ثلاثة أشهر تراجع ترامب “قبل عشر دقائق من موعد الضربة على ايران”، وبعد القصف الذي استهدف السعودية سارع وزير الخارجية مايك بومبيو إلى اتهام ايران بشكل مباشر، إلا أن ترامب كان أكثر حذرا من وزير خارجيته عبر القول بأنه ينتظر “التحقق” لكشف مصدر الهجوم.

وفي المقابل أكد القائد العام لحرس الثورة الإسلامية إن فلسفة أمريكا توقظ العداء في كل مكان معتبرا أن أمريكا عاجزة على الرغم من كل ما تملكه من قدرة. وفي الاتجاه الآخر عبر الرئيس الفرنسي ماكرون إنه يجب العودة إلى طاولة المفاوضات لإجراء مباحثات صريحة وملحة بشأن أنشطة إيران النووية والإقليمية وبرنامجها للصواريخ الباليستية، ويجب تبني نهج أكبر بشأن العقوبات، وفي نفس الوقت أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني: إن إلغاء الحظر الأمريكي هو من شروط المفاوضات. وهنا يمكننا التساؤل: هل سيشن ترامب هجوما عسكرياً على إيران أم أنه سيختار في النهاية طريق الدبلوماسية خاصة رحيل مستشاره للأمن القومي جون بولتون المعروف بمواقفه المشجعة على الحرب خصوصا مع ايران؟.

يری البعض إن تراجع بومبيو عن شروطه التعجيزية ضد ايران وتمني الإدارة الأميركية بحدوث لقاء بين ترامب وروحاني تعزز المسعى لاستخدام الدبلوماسية لحل خلافاتها مع طهران بشأن برنامج إيران النووي ، وتترك الباب مفتوحا على مصرعيه أمام تكثيف الدبلوماسية والعمل بها، والتأكيد على ذلك ما قاله ترامب بأنه ينتظر التحقق لكشف مصدر الهجوم على المنشآت النفطية في السعودية.

في هذا السياق لن تفكر الإدارة الأميركية علی شن حرب ضد ايران لأسباب منها: قد يتخذ البيت الأبيض قرار بدء الحرب لكنه لن يملك قرار إنهائها، كما تدرك واشنطن إن كلفة الحرب كبيرة لأن الصواريخ الإيرانية قادرة علی ضرب كامل الأهداف الإستراتيجية الأميركية في المنطقة، بالإضافة إلى قرب الانتخابات الرئاسية الأمريكية الجديدة ورفض الشارع الأمريكي الحرب على ايران والدليل علی ذلك أنهم اعتبروا إن الهجوم علی أرامكو لا يمس الأمن الوطني الأميركي.

مجملاً….. من خلال مراقبة التطورات، يمكنني القول إن واشنطن وإن كانت تتحدث بنبرة التحدي والقوة، فإنها في الحقيقة نبرة ضعف ووهن، فظهور قوى جديدة على الساحة الدولية مثل موسكو والصين وإيران أخرجت واشنطن من سياسة القطب الواحد، لذلك أن إيران تعمل على أساس ثوابت ليست قابلة للمساومة، ويمكن تلخيصها بأن الحرس الثوري الإيراني هو من محور المقاومة ضدّ المشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة.

وأخنم مقالتي بالقول: إن لقاء روحاني وترامب على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، يعمل الحد من التوتر بين الولايات المتحدة وطهران ويوفر فرصة لإحراز تقدم حقيقي في حل المشاكل العالقة بين طهران والغرب، بالرغم من أن هذه المحادثات صعبة، لكنها في الوقت نفسه مهمة بالنسبة إلى الآمنين الإقليمي والدولي.