18 ديسمبر، 2024 9:06 م

ابدا مقالتي هذه بقصة سمعتها من احد السياسيين العراقيين في واشنطن. ذكر لي هذا السياسي الصديق انه كان بمعية وفد رسمي عراقي الى امريكا وكان قد التقى ويصطحبه مسؤول عراقي رفيع بالعلامة الفيلسوف برنارد لويس في داره في مدينة برنستون في ولاية نيوجرسي. وبرنارد لويس شخصية عالمية معروفة وله مؤلفات كثيرة حول الاسلام والسياسة في الشرق الاوسط ويتقن العديد من اللغات منها التركية والفارسية والعربية. ولا اريد ان ادخل في مقالتي هذه في سجال حول مايكتبه بعض العرب عن برنارد لويس من اتهامات هنا وهناك ومنها ادعاءات حول معاداة لويس للعروبة والإسلام ولكن هناك درس مهم بالإمكان الاستفادة مهما قاله برنارد لويس للعراقيين الذين التقوا به. لقد قال لهم ان مبادئالاسلام الاصيلة والحقيقة والمتسامحة تحمل في طياتها الديمقراطية الحقيقية ولكنها ليست ديمقراطيتنا (ويقصد ليست الديمقراطية الامريكية الغربية) بل لها مزاياها وبصمتها العربية والإسلامية الخاصة بها. وذكر لهم مثلا على اهم ممارسات ديمقراطية الاسلام والعروبة الا وهي “البيعة”. اي بيعة المسلمين لاختيارهم حاكمهم “الحاكم العادل” حيث ان البيعة هي ان يطلب الشعب من حاكمه ان يمثله ويحكمه بالعدل. لقد تأملت كثيرا فيما قاله لويس وكيف انه دافع عن الاسلام رغم الاتهامات بمعاداة الاسلام والعروبة وكيف يفسرالاسلاميون اليوم في العراق الاسلام خطأ ويمسخون عروبته وجذوره تملقا للاعجام وكيف استعملوا اساليب اضطهاد وتجريم بعيدة كل البعد عن الاخلاق الانسانية وبدل ان يعملوا على ان يقنعوا الشعب العراقي بانهم “حكام صالحين” طلبا ل”ببيعتهم” من خلال نزاهتهم واعمالهم في صالح الشعب راحوا يزورون الانتخابات ويسرقون اصوات غيرهم باسم الاسلام بل يلجأ البعض منهم الى دول اخرى لغرض مساعدتهم في انتزاع استحقاقا انتخابيا لغير لصالحهم.

وهنا يجب ان نتوقف مع الكارثة التاريخية التي سرق فيها الاسلاميون في العراق الحق الانتخابي وهي “البيعة” التي بايع بها الشعب العراقي رئيس الوزراء السابق الدكتور اياد علاوي في انتخابات عام 2010. فبالرغم من حصول كتلة الدكتور علاوي على اكثرية المقاعد وبالرغم من استغلال الاسلاميون السلطة واموال الشعب العراقي للحصول على الاصوات الباطلة لكنهم اسودت وجوههم بفضيحة مخزية مفادها انه رغم التزوير واستغلال السلطة لم تحصل ايا من كتلهم على اغلبية المقاعد البرلمانية. وبدلا من مراجعة الذات والوقوف على الاخطاء استعانوا بدولة الجوار لسرق السلطة من الدكتور علاوي. وادى استلامهم الباطل للسلطة الى كوارث متتالية اودت بمأساة سيطرة داعش على ما يزيد على 40%من مساحة العراق وشبه انهيار الدولة العراقية وضياع اموالها وزهق مئات الالوف من الارواح البريئة للشعب العراقي.

وفي نهاية مقالتي هذه اود ان ابين ان الشعب العراقي لايزالواعيا ويعرف الحقيقة وكشف اوراق الاسلاميين الباطلةوسيكون للدكتور علاوي صولة وطنية عراقية كبيرة في الانتخابات القادمة وسنبايعه ليكون “الحاكم العادل” للعراقولو بعد حين.