22 نوفمبر، 2024 9:28 م
Search
Close this search box.

الحاضن والمنبع والتجفيف..!

الحاضن والمنبع والتجفيف..!

(منابع الإرهاب) عبارة ليست جديدة على مسامعنا، فلطالما ترددت في خطابات الساسة وتصريحات المسؤولين العراقيين، ولاسيما حين يتحدثون عن الجانب الأمني. وهناك أيضا عبارة (حاضنات الإرهاب)، والحضن في اللغة هو منطقة الصدر والعَضُدان وما بينهما، ومنه الاحْتِضانُ، وهو احتمالُك الشيءَ وجعلُه في حِضْنِك كما تَحْتَضِنُ المرأَةُ ولدها فتحتمله في أَحد شِقَّيْها. وبهذا لايألو الحاضن جهدا في حماية المحضون بكل مايمتلكه من وسائل لضمان سلامته. وعبارتا المنبع والحاضن يكثر استخدامهما عادة بعد هجومات يقوم بها (ربيبو) تلك الحاضنات، بأساليب تأخذ بعض الأحيان وجها جديدا، و (موضة) حديثة وفق صيحات لم تكن مطروقة من قبل، بحماية الحاضن ودعمه وتمويله. منها على سبيل المثال؛ تفخيخ جثة ضحية تم قتلها مسبقا، لإيقاع خسائر إضافية حين العثور عليها. او نصب عبوة في جنازة ميت، وغيرها من بنات أفكار (المحضونين) فضلا عن الحاضنين وبمباركتهم طبعا.

وبمراجعة سريعة ودراسة سطحية لأحداث العنف والانفجارات التي حدثت في مدن العراق، نجد ان كثيرا منها حدث بإحاطة تامة من حواضن تتمثل بشخوص لهم باع كبير في الدولة والحكومة، او على أقل تقدير لهم اتصال بشكل او بآخر بهما، وقطعا هم الوحيدون الذين يملكون المال والجاه والسلطة -أي القوة والحصانة- للقيام بأفعال كهذه، وتغطيتها ومواراتها عن الأنظار، وإبعاد أصابع الاتهام عنهم. إذ من غير المعقول ان يكون الحاضن منفردا بنشاطاته وفعالياته، مالم تكن هناك (أمهات حاضنات) -إن صحت التسمية- تقف خلف ظهره، توفر له الدعم والإسناد والتأييد، وتتكفل بتهيئة الاستعدادات المادية والبشرية المطلوبة في التخطيط والتمويل والتنفيذ. وهذا ماتكشفه التحقيقات التي تجري مع المتورطين بعمليات إرهابية، كان قد تم القبض عليهم ولكن..! بعد (خراب البصرة). والغريب في الأمر.. أنهم يُعرَضون أمام الملأ في وسائل الإعلام على اختلاف مصادرها، ولطالما تمت الإشارة الى أسماء الشخصيات والجهات التي لها يد في العملية الإرهابية، بشكل مباشر او غير مباشر، ولكن! من دون أن يستشف المواطن من الجهات المعنية إي إجراء بحق تلك الجهات او الشخصيات، يدل على الحرص الصادق في (تجفيف منابع الإرهاب) كما يدعي القادة والساسة في كل محفل.

ومن المسلّم به ان الإنسان السوي والمسالم -حصرا- لايجرؤ على حيازة او حمل محذور او محظور من الأسلحة، يتعرض الى المساءلة والعقاب من جراء حمله، لاسيما نحن العراقيون التواقون لروح الألفة والتوادد. كذلك لايعقل ان يصنِّع أحدنا في بيته عبوات او قنابل، فيما هو لايقوى على شراء شيء أكثر من قوت عياله. وعلى هذا فرؤوس العمليات الإرهابية ليسوا من عامة الناس، والبحث عنهم عبر السيطرات (المتواضعة) في الشوارع والساحات لايجدي نفعا.

فهل تتعقب جهاتنا المعنية بصدق ومهنية وحيادية من دون محسوبية او (محاباة) باحثة عن هذه الـ (أمهات) من دون خوف من (زيد وعبيد)؟ وهل تتقصى بكل ما لديها من معلومات استخبارية وأمنية، عن كل ما من شأنه تسهيل مهمة القبض على من له يد من قريب او بعيد في عمليات العنف، بغية الوصول الى الجناة الحقيقيين والـ (صماخات) الكبيرة، للحيلولة دون استمرار أعمال العنف، ويتم بهذا قبر الحاضن ووأد المحضون في آن معا.

*[email protected]

أحدث المقالات