12 أبريل، 2024 10:15 ص
Search
Close this search box.

الجّاحظ البصريّ سبقَ دارون Darwin، بألف عام

Facebook
Twitter
LinkedIn

ابِنْ لنا عِلمَاً إنْ قصَدتَ بيانا * اُخيَّ بإسلامٍ نُهىً وبنانا

وافصَح بالنَّوايا؛ فالفصاحة عقُمَتْ * وعقَّمْتَ فيها باءَةً ولِسانا

وجُلْ في رحاب العِلْمِ، في عرَصاتِهِ * موانعُ ساقتْ للعراقِ رهانا

لغوثِ التَّناديْ وعدُ يرعدُ غيثه * لريِّ اليباب هذا آنُكَ حانا

أبيتَ إذا جالتْ مُدى تسبق المَدى * اُخيَّ، وقد يضويْ الزّمانُ مكانا (ظافر غريب).

البصرةُ رابضة رسائل “ إخوان الصَّفا وخلّان الوفا ” المعرفيّة العرفانيّة العلميّة، أوَّل حاضرة في الإسلام لفتح فارس وتلاحق العصر العبّاسيّ مع حركة الترجمة لكبار الأعمال في الفِكر والفلسفة والعلوم تترجم مِن الإغريق إلى العربيّة، ليغرفَ «عمرو بن بحر الجّاحظ البصريّ» المولود في البصرة عام 776م، ويغرق في بحر نقاشات وتبحُّر سجالات فكريّة في العُلوم والفلسفة، ما ساهم في تشكيل فكره وساعده على صياغة مُنجَزه، في الوقت الذي زاد فيه نفوذ المُعتزلة، الَّذين كانوا دُعاة إعمال العقل في النَّقل والانفتاح الإنساني على الفكر. البصرة على طريق الحرير عرفت الحبر والقرطاس مع دُعاة الإسلام إلى مشرق الشَّمس التجار ذهاباً إياباً بين بصرة بغداد بكّين في فريضة طلب العِلم ولو في الصّين، وقد ساعد الورق على نشر الفِكر ونقله. وبدأ الجّاحظ مُنذ نعومة أظفاره في الكتابة عن العديد من القضايا والمواضيع. وتعددت اهتمامات الجّاحظ بين الكثير من القضايا، وكان مِن بينها العُلوم والجُّغرافيا والفلسفة والنحو والأدب. الجّاحظ ألَّف نحو مائتي كتاب، لم يبقَ مِنها إلّا نحو ثلثها. كتاب “ الحَيَوان ” للجّاحظ مُوسوعة معلومات عن 350 حيواناً، قدم في تضاعيفه أفكاراً توطّىء لنظريّة التطوُّر. يُقرّر الجّاحظ في كتابه إن الحيَوان يشتبك في صراع البقاء على الموارد حتى يتكاثر وحتى لا يُفترس مِن لدو أبناء جنسه حيوانات اُخرى. ويرى أن عوامل بيئيّة تُعين الكائنات على تطوير سمات جديدة لضمان البقاء، وبهذا تتحول إلى أنواع اُخرى. ويرى الجّاحظ في كتابه الحيوان أيضاً أن الحيوان الَّذي يبقى ينقل صفاته وسماته الناجحة إلى ذرّيته. ويتراءى من قراءة الكتاب، إدراك الجّاحظ أن الكائنات والعالَم الطَّبيعي في صراع دائم للبقاء وأنَّ ثمَّت أنواع أقوى مِن أنواع اُخرى. ولكي تضمن البقاء، يتوجب على الحيوان أن يكون لديه سمات تساعده على التنافس على العثور على الطَّعام وعلى ألّا يكون فريسة لحيوان آخر وعلى أن يتكاثر. وهذا يؤدّي إلى تغييره مِن جيل إلى آخر.وكان لفكر الجّاحظ تأثيره على الكثير مِن العُلماء المُسلمين الّذين جاءوا بعده، إذ قرأ عُلماء ومُفكرون مثل الفارابي والبيروني وابن خلدون مِن يُنبوعه ومُنجَزه. أعربَ محمد إقبال، “الأب الرُّوحي” للجُّمهوريّة الإسلاميّة الباكستانيّة النّوويّة، عن أهمية الجّاحظ وتأثيره عليه في سلسلة مِن المُحاضرات التي نشرت عام 1930م، وقد كتبَ: “الجّاحظ أوضح التغيير الَّذي يحدث لحياة الحيوان بسبب الهجرة وتغيير البيئة”. وكان الفِكر الاُورُبي في القرن 19م على دراية بإسهامات الاُمَّة الإسلاميّة في حقل التطوّر. واقعاً، كان العالِم Richard Draper، مُجايل Charles Darwin، يتحدّث عن “النظريّة المُحمدية للتطوّر” عام 1878م. Darwin، في كتابه “أصل الأنواع” الذي صدر عام 1859م أبانَ أنَّ التطوّر أدّى إلى ظهور أنواع شتّى مِن أصل واحد.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب