السنة أمام واقع جديد
حينما نتجرد من الشكلية التي تتطلبها الوحدة الوطنية، ونتخلل بين مكامن النفوس؛ نرى أن جميع المكونات العراقية ترغب في صدارة الواقع السياسي، هذه طبيعة متفق عليها، ولكن حينما تكون تلك الرغبة متجاوزة لحقائق الواقع فهذا يعني أن مسيرتنا ستبقى متعثرة، ولا يتصور أحد أنه سيتغلب على الاخر وفق هذا المنظار الضيق،بل الجميع يبقى مستنزفا لدمائه وثرواته وسائرا بمستقبله نحو المجهول.
المكون العراقي السني..رغم انه مكون رئيس في المجتمع العراقي ويغطي أجزاء كبيرة من مساحة الوطن، الا أننا شاهدنا غالبية مواطني هذا المكون وممثليهم السياسيين، يغفلون عن الحقيقة أعلاه، ولا أدري ماهو سبب الضيق والنفرة من أن يكون الكرسي الاعلى في الدولة خارج اطارهم، فحقيقة العراق هو أن الشيعة يكونون أكثر من 60% من مجتمعه، وليس من العقل والمنطق أن يستغفل وجود هذه النسبة الكبيرة وحقها في كرسي الحكم الذي سلب منها لعدة عقود طويلة، وكل هذا لم يطالبوا بالحكم بقدر مطالبتهم بحقوق الشعب عامة ورفع الحيف والظلم الذي فرضته الانظمة الديكتاتورية على جميع أبناء الشعب وبالأخص المكون الشيعي.
نحن لا نتكلم بنفس طائفي وانما نؤمن بأن العراق ملك لكل العراقيين، وكل يأخذ حقه وفق حجمه العددي والسياسي،وهنالك دستور ينظم الحقوق والواجبات ،فلا تهميش لأي طرف لحساب طرف آخر، فهذه الحقائق نملكها في منظومتنا السياسية ولكن الخلل في الايمان بها وتجسيدها على أرض الواقع.
ان المماطلة ومحاولات تغيب هذه الحقائق قد كلفت المكون السني الكثير الكثير، حتى وصلنا الى أرض سنية خالية من سكانها وعصابات تمرح فوقها وترتكب أبشع المجازر دون استحياء، فما الذي جناه اخوتنا من مغامرتهم بمستقبل مواطنيهم غير هذا الواقع المأساوي المرير ؟!، ومن ساهم بتخليصهم من هذا الجرم التاريخي غير اخوتهم الشيعة الذين قدموا آلاف الشهداء من أجل أن يتحرر أخوتهم في المحافظات الغربية ويعودوا الى ديارهم سعداء آمنين، وهل شاهدنا بعد تحرير غالبية المناطق الغربية أن أبناء الوسط والجنوب استوطنوا فيها أم أنهم يحررونها ويسلمونها الى أهاليها آمنة مستقرة، فهذه تكريت والفلوجة والرمادي وأجزاء واسعة من بقية المناطق الغربية عادت كما كانت عامرة بأهلها ولم يستوطنها غير سكانها الأصليين، أليس من الوفاء لهذه التضحيات أن يمد غصن الزيتون وتقلب صفحات الماضي ونعيش واقعنا الجديد بحقيقته التي هي ربح للجميع ولاغالب ولا مغلوب فيها ؟.
ليس للعراق الا ان يتعايش أبناءه في مشروع وطني موحد، وليس لأبناء السنة الا أن يتقبلوا واقعنا الجديد، فعليهم أن يعدوا العدة وأن يلتفوا حول ممثليهم الحقيقيين الذين يؤمنون بالعراق الواحد بعيدا عن افرازات الحقبة الماضية.