27 ديسمبر، 2024 5:35 ص

الجيل السياسي الجديد..(3) مأسسة التحالفات وعاء للتسوية

الجيل السياسي الجديد..(3) مأسسة التحالفات وعاء للتسوية

التفكك السياسي ومايتبعه من تفكك شعبي كان السمة البارزة لجميع المكونات السياسية الرئيسة في العملية السياسية العراقية،وأعني هنا التحالف الوطني واتحاد القوى والتحالف الكردستاني،فكيف تحقق التحالفات الثلاث مطالب جماهيرها ،وكل تحالف لم ينظم شؤونه ولم يحل عقده الداخلية؟!
التحالف الوطني بحلته الجديدة، حقق انتقالة نوعية للخلاص من هذه العقدة التي عرقلت العملية السياسية كثيرا ؛ وذلك عبر مأسسته بشكل منظم تقسم فيه الادوار بين الجميع وتمنح فيه الحقوق وتفرض الواجبات بطريقة عادلة ومنظمة تستند على النظام الداخلي الذي صوت عليه أعضاء الهيئة العامة للتحالف وبالإجماع، وشاهدنا كيف انعكست الآثار الإيجابية لهذه المأسسة على وحدة الخطاب الاعلامي لمكونات التحالف وماتبعه من ارتياح وثقة من قبل جمهوره، والانفتاح الكبير على المستويين الداخلي والخارجي.
ان وحدة التحالف الوطني تمثل دافعا معنويا كبيرا للتحالفين الآخرين لتنظيم أوضاعهما الداخلية، وهذا مانشاهده الآن من حراك سني يدفع بهذا الاتجاه عبر التهيئة لعقد مؤتمر كبير يضم جميع القوى السنية الفاعلة لترميم الوضع الداخلي لتحالف القوى ومأسسة عمله على غرار ماقام به التحالف الوطني، ولاشك ولاريب أن الكرد سيدفعون بنفس الاتجاه راغبين أو مرغمين على ذلك تماشيا مع سياق الوضع العام.
وما يعزز هذا التقدم السياسي هو مبادرة التسوية الوطنية التي سيطرحها التحالف الوطني بعد تحرير نينوى، والتي تستند على تنازلات متبادلة وطمأنة متبادلة وضمانات متبادلة بين جميع المكونات السياسية المؤثرة، وهذا عمل كبير لايمكن انجازه دون وجود مكونات سياسية منسجمة ولها رؤيتها الموحدة التي تعبر عن رؤية مساحتهم الشعبية، وهكذا يكون واجبا على تحالف القوى والتحالف الكردستاني أن ينظما أمورهما كما فعل التحالف الوطني، ويمنحا الثقة لشارعيهما ليكونا ممثلين حقيقيين عن المكونين السني والكردي، فالشرذمة الداخلية لاتنتج ممثلا قويا بل انها تنتج فرقا متعددة الاهداف والمصالح وهكذا تتعرقل التسوية وتتشتت مضامينها.
ومن هذا المنطلق؛ فإن على جميع التيارات والأحزاب السياسية في العراق أن تؤمن بأن مأسسة التحالفات لاتعني حلا لتلك الاحزاب أوعرقلة لتحقيق أهدافها التي تراها مقدسة ولايمكن التنازل عنها، وانما في المأسسة طريق مختصر نحو تحقيق ماتخشى من عدم تحقيقه، ونحن نعلم أن كل جهة سياسية تحمل أهدافا متشابهة ومتكاملة كالحرية والاستقلال والعدالة والازدهار والبناء والاعمار وهكذا.. فلماذا لا تجتمع هذه الأهداف في وعاءات تحالفية تقلل من التبعات السلبية للتعددية الحزبية ومخلفاتها،لنسير بالعملية السياسية بالاتجاه الصحيح نحو دولة موحدة وتحالفات منسجمة، وشعب راض عن أداء ممثليه فيدعمهم وبقوة.