أحياناً تفيض نفسي بمشاعر الحب والعرفان للجيل الذي أسميه بيني وبيني باسم ( الجيل الذهبي ) وأعني به جيل الأدباء والفنانين والمثقفين الطليعيين الذين ظهروا في العراق بعد الحرب العالمية الثانية ، وكانوا نجوم حياة مدنية جديدة فيه ، وصرنا نحن نطلق عليهم في غالب الأحيان اسم ( جيل الخمسينيات ) .
كانوا جيلاً ذهبياً بحق ، جيلاً رائداً ، مثابراً ، مناضلاً ، ظهر في ظروف سياسية واجتماعية واقتصادية بالغة الصعوبة ، وشق طريقه بصبر وبسالة حتى وصل إلى ما وصل إليه ، وأنجز ما أنجز على صعيد تحديث الأدب والفن والثقافة وإغناء الحياة المدنية في العراق وتلوينها ، وكان لما أنجزه صداه وتأثيره النسبي في بقية أقطار الوطن العربي .
كان أبناء ذلك الجيل المعنيون بالتحديث وتجديد نسغ الحياة كثيرين كثيرين ، يعدون بالعشرات ، بل بأكثر منها ، وكان لكل منهم حظه من النجاح أو الإخفاق ، فمنهم من لمع نجمه وتألق بمنجزه ، ومنهم من تعثر وانطوى وانسحب من الميدان في يوم ما ، ومنهم من ظل بين بين ، ولكنهم كلهم كانوا مداد التحديث ونوره وناره .
على صعيد الشعر لمع نجم كل من : بدر شاكر السياب وعبد الوهاب البياتي ونازك الملائكة وبلند الحيدري ومحمود البريكان وشاذل طاقة وصفاء الحيدري وحسين مردان ، ثم سعدي يوسف وعبد الرزاق عبد الواحد ويوسف الصائغ ورشدي العامل .
وعلى صعيد القصة والرواية لمع نجم جعفر الخليلي وعبد الملك نوري وفؤاد التكرلي وغائب طعمة فرمان ونزار سليم ( شقيق الفنان جواد سليم ) ومهدي عيسى الصقر وعبد الله نيازي ومحمد روزنامجي ، ثم جيان ونزار عباس وأدمون صبري .
أما على صعيد النقد فلمع نجم نهاد التكرلي وعلي جواد الطاهر وعبد الواحد لؤلؤة وعلي الزبيدي ومحيي الدين إسماعيل وفؤاد الونداوي ، وإذا جاز لي أن أعد جبرا عراقياً فجبرا ابراهيم جبرا ، وكان في القلب منهم . وكان ثمة شعراء وقصاصون يزاولون النقد بكفاءة مثل نازك الملائكة وعبد الملك نوري وكاظم جواد .
وأما على صعيد الفنون التشكيلية فلمع نجم جواد سليم ومحمد غني حكمت وجميل حمودي وفائق حسن وشاكر حسن آل سعيد وخالد الجادر وخالد القصاب وأكرم شكري وحافظ الدروبي وعبد الرحمن الكيلاني وفرج عبو وعطا صبري ومحمود صبري واسماعيل الشيخلي وكاظم حيدر ونوري الراوي وخالد الرحال . ولم يكن الميدان يخلو من فنانات رائعات مثل لورنا سليم ونزيهة سليم ومديحة عمر وعالية القره غولي وسوزان الشيخلي .
هذا عدا فناني المسرح والسينما والموسيقى والغناء مثل حقي الشبلي ويوسف العاني وابراهيم جلال ومحيي الدين حيدر ووديع خوندة ورضا علي ، وأضيف إليهم الفلسطيني – العراقي الجميل روحي الخماش .
وكانت هناك كوكبة طليعية من الأكاديميين والمثقفين من غير من ذكرنا أغنت الحياة العلمية والثقافية مثل علي الوردي وعبد العزيز الدوري وعبد الرزاق محيي الدين ومهدي المخزومي وإبراهيم السامرائي وصلاح خالص وفيصل السامر وعبد الفتاح إبراهيم وعبد الجبار الجومرد وعبد الجبار عبد الله وسعدون حمادي وآسيا وهبي وعاتكة الخزرجي وسعاد خليل إسماعيل ونزيهة الدليمي .
هناك دون ريب أدباء وفنانون ومثقفون آخرون لعبوا أدواراً قد نعدّها أدواراً ثانوية على الصعيدين الأدبي والفني ، والثقافي العام ، ولكنها كانت مهمة تكمل أدوار زملائهم .
وبعد فإنني أكتب هذا لأجيال قد تكون على معرفة محدودة بهم ، والتقط الأسماء من ذاكرة بدأت تتعب وتنسى ، ولذا أعتذر للتاريخ ولإرث كل من نسيت .
نقلا عن صفحته الشخصية – فيسبوك