نقل لي أحد الأصدقاء الذي يسكن في محافظة الانبار ، وهو يقول لي أن أسباب عدم سفري خارج محافظة الانبار هو نتيجة تعميم أسمائنا على السيطرات العسكرية المتواجدة في المحافظات كافة لكوننا أقارب أحد القياديين الكبار لتظاهرات المحافظات الست ، والذي له دور في صياغة القرار السياسي عبر لجان التظاهرات، يوضح صديقي قائلا أن القرار هذا لا يعبر عن مهنية الجهاز العسكري والأمني ، بل أنه يمثل صناعة جيش عقائدي كما خبرناه أيام البعث ، قرار أستخدمه صدام عندما كان يزج أهل المتهم أو المعارض في السجون بدلا من الشخص نفسه ، ويقول المفارقة تكمن في أن أقارب القيادي بعضهم معارض لساحات التظاهر وبعضهم لم يصل أصلا لساحات التظاهر ، فكيف لهم الحق أن يعتقلوني بطريقة بدائية وطائفية ؟!
العنف مازال الأداة الرئيسية في رسم العلاقة بين الدولة والمجتمع وبين الإطراف السياسية ، والمتابع للسياسة العراقية يجد إن العنف السياسي يزداد بقوة لإعادة رسم دور الجهاز الأمني والعسكري في صياغة القرار السياسي ودوره في رسم السلطة وإعطائها منبع قوة ( توليتارية) . والمحزن في عراق ما بعد 2003 ان تكون هناك ثقافة عسكرية دائما ما تفضل حل الأزمات السياسية بطريقة قسرية . والمضحك في هذا الشأن ، هو ان السلطة الحالية تصرح على إنها تسعى إلى وضع حد لانتهاكات الحقبة البعثية واجتثاثها ، لكن السائد والمعروف هو أن السلطة مازالت تلجأ في أزماتها للأرشيف البعثي وتتعلم من المخلوع صدام كيف كان يدير الأزمات ويحلها ، ومازالت تُعرف الجهاز الأمني كأدوات “مالكية” ان صح التعبير .
في الانتخابات المحلية كان المالكي وفريقه دائماً ما يستخدمون في دعايتهم الانتخابية وسيلة “الترهيب” لتعبئة الجمهور الانتخابي ، وجرى ترهيبهم بقوى خارجية تسعى إلى التدخل بشؤون العراق الداخلية ، وتصدر لنا المفخخات والإرهابيين من جهة ، وجرى ترهيبهم بقوى داخلية متمثلة بالمحافظات الست المتظاهرة صورتهم للجمهور على أنهم “خونة ، بعثية ، قاعدة” من جهة أخرى. جانب آخر يتعامل به القائد العام للقوات المسلحة ورئيس الوزراء ، إلا وهو التعامل مع الأزمة السياسية عن طريق العسكر والاعتقالات ، يعرفها الجميع حينما أصبح “القرار السياسي للعسكر … والعسكري للسياسيين” على حد تعبير أحد الصحفيين.
الرسالة التي أريد أن أوصلها لفريق المالكي ، نحن جزء كبير من “اللاادرية المذهبية” ، هل تعرفون ماذا تعني “اللاادرية المذهبية” ؟
مصطلح أطلقه الصحفي مشرق عباس في محاضرة له يقول فيها :
الـ “لا أدرية” وهو مصطلح فلسفي ينطوي على جدل إلهي وإجابات مربِكة وخطيرة حول الخلق والإله وما إلى ذلك. ذكرَ عباس بأن اهتمامه باللا أدرية لا يتأتى من كونها منهجاً لتفسير الكون والخلق، وإنما يتعلق بسؤال وجّههُ إلى نفسه مرات عديدة مفاده: “إذا كان الفكر الديني المسيحي أو الإسلامي قد سمح بسؤال اللا أدرية، أي أن تقول لا أدري فلماذا لا يسمح السؤال المذهبي بهذه الإجابة، بل أنه يخيّرنا بين أن تكون منتمياً أو لا تكون؟”.
نؤمن بان المالكي لم يكن رجل دولة بعد بل مازال رجل حزب يرى الدولة وكانها خلية حزبيه يديرها مجموعة من الدعاة ، ونؤمن بالحتمية التي سيتهافت ويسقط من خلالها المالكي وحزبه وفريقه العقائدي ، وأنا فرح بهذا بحجم السنين التي سقطت بها أحلامنا الكاذبة ، فرح بحجم الحزن والاسى والدم الذي يسقط بلا سبب . ليست شماتة بحزب ضحى وأعطى شهداء لكن فرح بهذا السلوك التوليتاري الذي سيسقط مثلما سقط البعث.ونؤمن بان التأريخ سيقول أن في عهد المالكي : كان الجهاز الأمني فاسد وفيه أكبر صفقات الفساد من الجهاز “أبو الاريل” وليس انتهاءً بالصفقة الروسية ، سيقول التاريخ عندما كان القائد العام للقوات المسلحة نوري جواد المالكي أصبحت كل أيام الأسبوع دامية في بغداد ، وحول القائد العام للقوات المسلحة مدينة بغداد إلى مدينة خربة طوقها وعسكرها وكأنها قلعة عسكرية لفريق “مختار العصر” ، ولكي لا ننسى سيقول التاريخ ايضاً أن في عهد الحاج أبو اسراء حصلت مجزرة الحويجة مثلما حصلت مجازر في زمن البعث في الجنوب وفي كردستان .
فــ التحيا “اللاادرية المذهبية” ….