حتى حين مثل إسماعيل ياسين أفلام الكوميديا الهائلة ( إسماعيل ياسين في الجيش) ( إسماعيل ياسين في البحرية ) وحين مثل المرحوم علاء ولي الدين ( عبود على الحدود ) بسخرية جبارة لم يستطع أي منهما أن يخترق عظمة الجيش المصري وهيبته منذ خمسينيات القرن الماضي حين كان العسكر يحكمون .وقد حكموا بشروط وبإنضباط عال لم يتمكن كل الضغط الداخلي والخارجي من تفكيكه وتسويفه ، في حرب 1956 وفي حرب 1967 وفي حرب 1973 وفي الحربين الاولتين في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كانت هناك هزيمة وإنكسار ، لكن الجيش والشعب كانا منفعلين لصالح الجنرال المحبوب عند قطاعات واسعة من الشعب وبقيا الى جانبه رغم تكالب قوى الشر من صهاينة وبريطانيين وفرنسيين وأمريكيين وكان الموت يتخطى ويمر في الدروب لكنه لم يلغ عظمة الجيش المصري. ومع حرب النكسة 1967 لم يكن أمام الرئيس جمال عبد الناصر سوى الإستسلام لقدره الثوري ليستقيل، لكن الشعب أراد له أن يبقى وخرجت الجموع تطالبه بالعودة عن قراره ،وقد كافأه الجيش بعد وفاته أن لقن الصهاينة درسا كبيرا في حرب 1973 ،واعاد له هيبته المعتادة .
الجيش المصري ضرب مثلا رائعا في مناسبتين قريبتين ،الأولى في 25 يناير 2011 والثانية نعيشها في هذه الساعات ،وقد أعلن وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي إن الجيش سينحاز الى الشعب ولن يتخلى عنه وهو يحمي شرعية الشعب لاشرعية الصناديق خاصة حين يسحب الشعب تفويضه من رئيس إنتخبه لكنه تراجع لاحقا حين أخل الرئيس بالإتفاق المبرم بينه والأمة كما يحب محمد مرسي أن يسميه ،في يناير من العام 2011 كان الفريق حسين طنطاوي وزيرا للدفاع بإمرة رئيس قوي للغاية ومتمكن من سلطته وقد مضى عليه أكثر من عقدين في الحكم وكان العالم كله يتوقع وليس المصريين فقط أن يتدخل الجيش لسحق التظاهرات في ميدان التحرير وبقية الميادين في مختلف المدن المصرية لكن الإشارة جاءت من طنطاوي أن الأمور خرجت عن السيطرة ولابد للرئيس مبارك من مغادرة السلطة الى الأبد والسماح للجيش بتصفية الأمور وإعادتها الى نصابها وهو ماحصل بالفعل .
في الثورة الثانية على حكم الإخوان الذي مهد له المجلس العسكري السابق عاد الجيش ثانية ليقول كلمته ويرجح كفة الشعب ويبعث بالجنود والمدرعات الى الأماكن الحساسة والمهمة لتأمينها ثم يسمح بتحليق المروحيات لمراقبة الأجواء وحماية المتظاهرين وينذر الجميع ويمنحهم مدة ساعات ليقرروا شكل الحل لكي لايضطر الى التدخل بقوة والسيطرة على الحكومة بالكامل وهو مارحب به المتظاهرون الذين لايثقون بأي حل ياتي من جماعة الإخوان ويريد للجيش أن يعود خاصة وإن الفئات الإجتماعية المختلفة والمناوئة لجماعة الإخوان مؤمنة بأن الجيش المصري لايفرض شروطا على الحياة السياسة كما فعل الأخوان تكبل الناس وتقيد الحريات العامة والخاصة وهاهو يضمن للمصريين أن يكونوا أحرارا ثانية