هل يعقل ان تصل بنا الامور الى ان نقرا مثل هذا العنوان لموضوع او مقالة ، الا يبدو للوهلة الاولى ان كاتب مثل هذا العنوان قد أصابه مس من الجنون ، فكيف يكون الجيش العراقي ( محتلاً) وهو لم يخرج شبراً من الحدود الدولية للعراق. انها وبكل صراحة وأسى ( الحقيقة ) المرّة . فالجيش العراقي اصبح جيشاً محتلاً في العديد محافظات العراق ، وأصبح يعامل مواطني تلك المناطق على انهم تحت وصاية الاحتلال ، والمؤلم في الأمر ان هذا الاحتلال يطبق في مناطق معينة دون مناطق ، وتفرض الاحكام العرفية فيها ويطبق فيها قانون الطوارئ وقانون الارهاب والاحِكام الشديد على حرية وحركة وتنقل الناس ، وبموجب اوامر صادرة من قيادة الجيش يستطيع الناس ان يفعلوا كذا .. ولا يستطيعون ان يفعلوا كذا .. في المحافظات التي تقع سيطرة ( احتلال ) الجيش العراقي تكون زمام الامور بيد اعلى سلطة عسكرية ، وليس مما تعارفنا عليه ان السلطة بيد ( المحافظ) الذي يقع تحت رقابة مجلس المحافظة . فهذه السلطة العسكرية هي من تدير الملف الامني على حسب الايديولوجية التي يتبعها الجيش والتي دائماً ما تكون متوافقة مع ايديولجية القائد العام للقوات المسلحة ، في مفارقة قل نظيرها في جميع دول العالم والتي يكون فيها الجيش أداة دفاعية وطنية تتحلى بالايديولوجية الوطنية التي تستمد رؤاها من النظام السياسي العام الذي يحكم البلد بموجب الدستور ، وحيث ان بلدنا بحكم الدستور بلد اتحادي والنظام السياسي قائم على الشراكة الوطنية والتوافق فيجب ان يكون الجيش ينفذ هذه الرؤية ويكون حامياً للنظام السياسي المتوافق عليه بموجب الدستور ويكون سداً امام انتهاك مبادئ الديمقراطية التي أقرها الدستور ايضاً ، ويكون سوراً للوطن والمواطن , حتى في حال قيام هذا المواطن بأبداء معارضته لسياسة الحكومة لأن الجيش وجد لحماية المواطن وليس لقمعه ، عند هذه الحالة يتحول هذا الجيش من جيش وطني الى ( قوات نظام ) ، ويكون اسمى غاياته هو الدفاع عن ( القائد العام للجيش) ومقاتلة معارضيه واتخاذ كافة السبل من أجل بقاء وديمومة حكم ( القائد العام ) ، في مخالفة صريحة للدستور العراقي الذي نص على اعتبار الجيش العراقي جيشاً اتحادياً مهمته الدفاع عن حدود البلد ومواطنيه وليس احتلال المدن ( العراقية) وفرض الاجراءات العسكرية واتخاذ الابراج والخنادق والقيام باعمال ( استخبارية ) قد تصل الى زعزعة الامن ( والمواطن يعرف ما تعني هذه الكلمة) من أجل تبرير بقاءه بحجة ان الوضع الامني غير مستتب ويستلزم بقاء الجيش لفرض الأمن .
قيادة الجيش تقول انها جاءت لمكافحة الارهاب ، والقضاء على المجموعات المسلحة ، ولو سلمنا جدلاً بهذه المبررات , فما دخل الجيش في قيام المواطنين بمظاهرات سلمية مطالبة ببعض الحقوق وليس ( معظمها ) ، ومحاولة تفريقهم ومنعهم من الوصول الى مكان التجمهر ، الى حد فتح النار على بعض المتظاهرين ، وما دخل الجيش في التحكم بفتح وأغلاق الطرق ووضع السدّات الترابية في شوارع المحلات والازقة . وما علاقة الجيش بما ستؤول اليه نتائج الانتخابات اذا كان هو جيشاً وطنياً ويخضع لمن يتسلم قيادة السلطة عبر الانتخابات ، ( فقد اخبرني العديد من الجنود ) عند تغطية الانتخابات السابقة انه هنالك أوامر صارمة من قيادة الجيش لجميع الوحدات العسكرية ان يصوت منتسبيها لقائمة معينة ( معلومة) خلال عملية التصويت الخاص . وكي لايكون العنوان مبالغاً فيه فالعديد من الناس البسطاء المتضررين من اجراءات الجيش عملوا مقارنة وقالوا ( جيش الاحتلال الامريكي .. ما سواها ) .. وقادم الامور قد تنذر بكارثة اذا لم ( يُحيد ) الجيش ويصبح خارج ساحة الصراعات السياسية ليؤدي مهمته الوطنية في الدفاع عن العراق من اي اعتداء خارجي ..