23 ديسمبر، 2024 5:30 ص

من جعفر العسكري الى ( خالي)
نحن نعيش هذه الايام ذكرى تأسيس الجيش العراقي؛ لابد من وقفة سريعة عن التطور الذي حصل على اعرق مؤسسة عسكرية في العراق والعالم العربي ، مرورا من جعفر العسكري حتى الفريق ( خالي) . الضبط والقانون اهم مايميز اي مؤسسة عسكرية ،لانها بدون هذه القواعد تصبح الفوضى هي من تحكم الامور وتفرض سيطرتها . هاتيان القاعدتان ( الضبط ،والقانون ) يضاف اليهما عنصر ثالث مكمل الا وهو الحزم تأتي جمعيا من المهنية التي يتمتع بها قادة الجيش ؛لان هؤلاء القادة يستطيعون من خلال الخبرة الطويلة مواجهة اعتى المعوقات التي تعترضهم وايجاد الحلول السريعة لها خصوصا في اوقات المعارك حيث الامل معقود على انتصار تثلج الصدور وتدواي الجراحات.

الجيش العراقي كان ولازال محط احترام الكثير سواء من العرب ام الاجانب .ولعل كليته العسكرية خير دليل على عراقة الجيش حيث خرجت المئات من الضباط الذين اصبحوا في بلدانهم من الرجال المشهود بكفاءتهم . ربما هناك تراجع في المؤسسة العسكرية بدأت ملامحه تظهر من خلال شخصنة الجيش واقحامه في حروب بعيدة عن طموحاته الوطنية . ولكن العراق بعد هذه المرحلة استطاع العراق اعادة بناء جيشه من جديد على اسس لابد لها ان تكون مهنية وبعيدة عن محسوبية ومحاباة .ولعل الانفتاح على تنوع مصادر التسليح خطوة في هذا الاتجاه.ومع وجود جدية في ان يأخذ الجيش العراقي دوره المناط اليه في حماية الوطن .ولكن في مقابل هذه الجدية نجد ان بعض القادة من الرتب العالية – وما اكثرهم اليوم – غير قادرين على التعامل مع ابسط فنون الحرب التي يفترض ان يكون هؤلاء القادة اكثر من غيرهم دراية ومعرفة بخفاياها. تصريحات وتبريرات بعض القادة لاتنسجم مع العرف العسكري ،بل وصل الامر ان تجري الاوامر والمخاطبات العسكرية على طريقة ” النخوة ” او ” الفزعة العشائرية ” وباللهجة العامية !. احداث الموصل وبعدها الرمادي جعلت اغلب العراقيين يسألون عن جدوى وجود هذا الكم الهائل من قادة الرتب العالية لدرجة ان يتفوق على بعض جيوش العالم مع امتيازات ومكاسب اثقلت ميزانية الدولة ، ويدفعها العراقيون من دمائهم وتعبهم ونفطهم . ومع كل هذه المكاسب المادية والمعنوية فان بعض القادة لم يستطيعوا الصمود امام شرذمة من العصابات . وهذا لايعني عدم وجود مؤامرة او تواطأ من هذا او ذاك الطرف ،لكن الامر ليس مبررا كافيا في ان يحصل انكسار بهذه الطريقة الغريبة كأن هؤلاء القادة لم يخوضوا اية معركة في حياتهم .

اغتصاب الموصل واجزاء من الاراضي العراقية درس قاس للمؤسسة العسكرية العراقية مما يحتم على المسؤولين اعادة النظر في اعادة تقيم كفاءة القادة والضباط وتميزهم مع اعطاء كل ذي حق حقه دون مجاملة ومحاباة ؛ لان عدم المحاسبة والسكوت عن الخطأ يعني المشاركة في صنع طبقة ليس لها هم سوى المكاسب دون مقابل . ولعل اصدار الاحكام بحق بعض القادة من الذين كانوا مسؤولين عما حدث ليس كافيا ،بل لابد من تطهير المؤسسة العسكرية من براثم الطارئين والاستعانة بالوطنيين المخلصين الذين اثبتوا خلال معارك تحرير بيجي وجرف الصخر وتكريت والرمادي انهم امتداد حقيقي لكل من ساهم في بناء الجيش العراقي وجعله يحظى باحترام الاعداء قبل الاصدقاء .