كما هو معروف لدى العاملين في مراكز تشغيل المنظومة الكهربائية أن هناك ذروتين في منحنى الطلب السنوي على الحمل، يحدث ذلك، تحديداً، في موسمي الشتاء والصيف، إذ يكون الطلب على الطاقة الكهربائية في حدوده القصوى نتيجة لتشغيل أجهزة التكييف المختلفة في المنازل والمرافق العامة (تهوية.. تدفئة.. تبريد)، يرافق هذا حدوث انقطاعات غير مبرمجة في التيار الكهربائي، بنحو لم يعهده المواطن في فصلي الربيع والخريف (موسمي اعتدال درجات الحرارة)، حيث تكون المنظومة الكهربائية في هذين الموسمين بحالة مستقرة نتيجة لانحسار الطلب فلا حاجة لتشغيل أجهزة التكييف، التي تستهلك مقداراً عالياً من الوحدات الكهربائية، فغالباً ما تكون كمية المنتج من الطاقة الكهربائية في محطات توليد الكهرباء لها القدرة على تغطية الأحمال المطلوبة، بنحو تام، بالإضافة إلى تلاشي عقد الاختناقات في شبكات التحويل والنقل والتوزيع .
هنا يقع المواطن في وهم كبير، إذ يتخيل أن أداء خدمة الكهرباء قد تحسن وأنه سيطوي ما عاناه جراء التغذية غير المستقرة للتيار الكهربائي في أثناء الصيف أو الشتاء حيث يعيش في أجواء التجهيز المستقر للطاقة الكهربائية، وقد تخطر له إمكانية الاستغناء عن المولدة المنزلية أو إيقاف اشتراكه في المولدات الأهلية، إلى أن يحل أحد موسمي زيادة الطلب (الصيف أو الشتاء) فتتبخر أحلامه بعد زوال تأثيرات جرعة التخدير الربيعية أو الخريفية، وتعاد عليه المعاناة اليومية نفسها نتيجة عدم استقرارية تجهيز الطاقة الكهربائية، في مواسم التجهيز المستقر في أثناء الربيع والخريف من كل عام تلزم دوائر الكهرباء جانب الصمت والتبجح حيث يعتقد قسم من هذه الدوائر أن الخدمة في تحسن فتقع في شراك الوهم نفسه، الذي أصاب المواطن حيث يظهر العديد من المسؤولين في قطاع الكهرباء على منصات استعراض الإنجازات الكبيرة (الوهمية)، متناسين الضرورة في مصارحة المواطن وتوضيح الأسباب الصحيحة، التي أدت الى استقرارية تزويد التيار الكهربائي في هذين الموسمين، حيث تقع عليهم مسؤولية استغلال ذلك في إنجاز الأعمال الخاصة بالمعالجات الحاسمة والفعالة للمشكلات الكثيرة، التي تعاني منها عموم المنظومة الكهربائية باتجاه إنتاج منظومة متعافية تلبي حاجة المجتمع وتسهم في تطوره .